"المركزي" يتجاهل..

فئات من الليرة خارج التداول والعين على الـ10 آلاف

فئات من العملة السورية خارج التداول (عنب بلدي)

camera iconفئات من العملة السورية خارج التداول (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

دفع تدهور قيمة الليرة السورية خلال السنوات الماضية، ووصول أكبر فئة نقدية مطروحة للتداول (5000 ليرة سورية) إلى قيمة لا تتجاوز نصف دولار، السوريين إلى رفض التعامل بفئات صغيرة لأسباب متعددة.

ورغم التدهور الكبير الذي سجلته قيمة الليرة منذ طرح فئة 5000 ليرة سورية في كانون الثاني 2021، ينفي النظام باستمرار نيته طباعة أو طرح ورقة نقدية أكبر، مبررًا ذلك بأن إصدارها مبنيّ على دراسة واقع الاقتصاد الوطني ومتطلباته من الجانب النقدي، وبما ينسجم مع نمو الإنتاج المحلي، وذلك من خلال متابعته للأسواق، وتأمين احتياجات التداول من فئات الأوراق النقدية جميعها.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي في مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا، حيث يجري التداول بالعملة السورية حاليًا، يرفض مواطنون وتجار التعامل بفئات نقدية صغيرة منها 50 و100 و200 و500 و1000 ليرة سورية.

فيما يشترط بعض منهم التعامل بطبعات جديدة فقط من فئتي الـ2000 و5000 ليرة.

ووفق موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار صرف العملات الأجنبية، وقت تحرير هذا التقرير، سجل سعر مبيع الدولار 13750 ليرة سورية، وسعر شرائه 13550 ليرة.

العدادات ترفضها.. إرباك في التعامل

صاحب محل للصرافة في محافظة درعا، تحدث لعنب بلدي عن وجود حالة نفور من التعامل ببعض الفئات من العملة مثل الـ500 والـ1000 ليرة، لأن العدادات لا تقبلها، ويجعل انخفاض قيمتها من مسألة العد اليدوي لها أمرًا مرهقًا.

وأوضح صاحب المحل، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن محال الصرافة لا تقبل من الزبائن هذه الفئات في حال رغبتهم بشراء الدولار، وتلزمهم بدفع قيمة الدولار من فئتي الـ2000 والـ5000 حصرًا.

محمد الكلش، صاحب محل صرافة بريف دير الزور الشرقي، قال لعنب بلدي، إن ضعف قيمة العملة وراء رفض تسلم كميات كبيرة من الفئات الصغيرة، لما تسببه من إرباك في العد أو الشحن لمناطق أخرى، وغيرها من الصعوبات المرافقة.

محمد رشيدات، موظف في البنك العقاري بدرعا، قال لعنب بلدي، إن الفئات الجديدة المطبوعة الأكثر تداولًا في الأسواق هي الـ2000 والـ5000 ليرة سورية، وهي الفئات التي تغذي الحكومة بها صرافات البنوك لسحبها من قبل المواطنين، بالمقابل، ترفض الصرافات أيضًا إيداع فئتي الـ500 والـ1000 ليرة.

من جهته، أوضح صالح العليان، رئيس اتحاد الصرافين في ريف دير الزور، لعنب بلدي، أن رفض العملة القديمة ذات الفئات الصغيرة يرتبط بحجم التجارة، إذ يرفضها التجار لصعوبة نقلها وحجمها، إذ يتعاملون بملايين الليرات السورية، فضلًا عن توقف بعض العدادات عن قبول عدها بسبب نسبة التلف المرتفعة لهذه الفئات النقدية.

مصدر في مصرف سوريا المركزي، أكد في وقت سابق أن كل الفئات التي يجري تسليمها للبنوك هي من فئة الـ5000 ليرة سورية، إذ يزود المصرف العقاري بأكثر من ملياري ليرة سورية يوميًا من هذه الفئة.

المركزي يسحب فئات أصغر

في 6 من أيلول الحالي، أشار تقرير نشره موقع “أثر برس” المحلي إلى امتناع أصحاب وسائل النقل العامة (سرافيس، باصات عامة) في دمشق عن تقاضي فئتي الـ100 والـ200 ليرة سورية، بحجة أنهما لم تعودا متداولتين في الأسواق.

مصدر في مصرف سوريا المركزي أرجع انتشار ظاهرة رفض الفئات إلى مزاجية التعامل بها فقط، وفق تقرير الموقع.

مصطفى، سائق “سرفيس”، قال لعنب بلدي، إن التعامل بفئات الـ50 والـ100 والـ200 أصبح شبه معدوم، إذ غالبًا ما تكون أقل قيمة من تكلفة أجرة النقل، وهي 500 ليرة سورية.

بينما قال محمد رشيدات، إن المصرف المركزي سحب من الأسواق الفئات الصغيرة من العملة وهي 50 و10 و5 ليرات، دون إعلان رسمي.

كل ثلاث سنوات

الباحث في مجال الاقتصاد السياسي والإدارة المحلية بمركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أيمن الدسوقي، قال لعنب بلدي، إن من أبرز أسباب رفض التداول بفئات العملات القديمة، تراجع استخدامها في ظل انخفاض قيمتها الشرائية، واهترائها بسرعة أكبر، وبالتالي خروجها تلقائيًا من التداول اليومي بين السوريين.

ومنذ عام 2011، طرح المصرف المركزي في دمشق فئة الـ1000 ليرة في عام 2015، ثم فئة الـ2000 ليرة في عام 2017، وتبعتها فئة الـ5000 ليرة في عام 2021، ثم طرح إصدارًا معدلًا لفئة الـ5000 ليرة في حزيران 2023.

ويتضح مما سبق لجوء النظام إلى طرح فئات جديدة من العملة مرة كل ثلاث سنوات تقريبًا، وغالبًا ما كان يلجأ إلى ذلك لتغطية العجز في الموازنة العامة، في ظل زيادة النفقات الحكومية، وفق الدسوقي.

وحول تأخر النظام في إصدار فئة جديدة من العملة تلبية للاحتياجات، يعتقد الدسوقي أن الأمر مرتبط بحسابات سياسية وقضايا فنية يعود تقديرها للنظام، فضلًا عن تهيئة الرأي العام لهذه الخطوة.

الـ10 آلاف قريبًا

في كانون الأول 2021، طرح مصرف سوريا المركزي ورقة نقدية من فئة الـ5000 آلاف ليرة سورية على الرغم من نفيه طباعتها عدة مرات قبل ذلك، وبعدها تحدثت عدة تقارير إعلامية عن نية النظام طرح ورقة العشرة آلاف ليرة للتداول في الأسواق، لينفي المصرف ذلك عدة مرات أيضًا.

وعقب طرح ورقة الـ5000 آلاف ليرة الذي أتى بعد الإعلان عن الموازنة العامة لعام 2021 بأشهر قليلة، أكد مسؤولون في حكومة النظام أن المصرف المركزي لم يلجأ للتمويل بالعجز، وأن طرح العملة الجديدة سيجري مع استبدال العملة المتداولة المهترئة.

وراهنت حكومة النظام حينها على عدم تأثر سعر الصرف بالأوراق النقدية الجديدة، لكن الليرة السورية انخفضت مقابل الدولار، ووصلت إلى مستويات قياسية ملامسة حاجز 5000 آلاف ليرة للدولار الواحد للمرة الأولى في تاريخها حينها.

وللتمويل بالعجز عدة أشكال، منها أن تلجأ الحكومة إلى الإصدار النقدي الجديد دون وجود مقابل لهذا النقد (ذهب، نفط، إنتاج)، ما يؤدي إلى التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين.

الباحث أيمن الدسوقي، يرى أنه مع زيادة النفقات الحكومية عقب رفع أجور العاملين في الدولة مؤخرًا، بات اللجوء نحو خطوة طرح العشرة آلاف أكثر ترجيحًا.

أما عن تداعيات ذلك، فإن الأمر مرتبط بالعرض والطلب على الليرة السورية وثقة الناس بها، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما كان يرتبط طرح فئات جديدة من العملة بزيادة في الكتلة النقدية المعروضة من الليرة، وتراجع متواصل لثقة السكان بالليرة، وانخفاض قيمتها وقدرتها الشرائية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة