خيارات إيران و”حزب الله”.. توسيع للمعارك أم اكتفاء بالفرجة

جنود لبنانيون ومواطنون يرفعون علمي حزب الله وفلسطين على الحدود مع الأراضي المحتلة 17 تشرين الأول 2023 (AFP)

camera iconجنود لبنانيون ومواطنون يرفعون علمي حزب الله وفلسطين على الحدود مع الأراضي المحتلة 17 تشرين الأول 2023 (AFP)

tag icon ع ع ع

يشهد قطاع غزة الفلسطيني ازديادًا في وتيرة القصف الجوي الإسرائيلي اليومي، بالتزامن مع إعلان الحكومة الإسرائيلية قرب تنفيذ عملية برّية في القطاع.

الضغط على الجبهة الجنوبية لإسرائيل، يقابله اشتباكات متقطعة وقصف متبادل يومي، بينها وبين “حزب الله” على الجبهة الشمالية، مع تكهنات حول احتمالية دخول إيران إلى حلبة الصراع، ما يهدد باتساع رقعة المعارك وتحولها إلى حرب إقليمية.

“حزب الله” الذي لم يدخل في المعارك بشكل كامل حتى لحظة تحرير هذا التقرير، واكتفى خلال الأيام الأخيرة باستهداف مركبات عسكرية ونقاط مراقبة وأجهزة رصد إسرائيلية، قابلته إسرائيل بضرب نقاط تمركز وقرى حدودية لبنانية.

التقارير الصادرة مؤخرًا عن الصحف العالمية واللبنانية ومراكز الأبحاث، تشير إلى انتظار الحزب وإيران، لتطورات المعركة في غزة للتحرك، بالتزامن مع تحركات دبلوماسية غربية مكثفة على الأراضي اللبنانية.

غرفة عمليات مشتركة

منذ عملية “طوفان الأقصى”، التي أطلقتها حركة “حماس” في 7 من تشرين الأول الحالي، ساد التساؤل عن دور إيران في العملية وتفاصيلها.

ورغم النفي الرسمي عبر الأمريكي الرسمي عبر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، خلال لقاء مع قناة “CNN” الأمريكية، في 8 من تشرين الأول، تشير التقارير إلى إقامة غرفة عمليات مشتركة بين إيران و”حزب الله” و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” في بيروت.

ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال” الأمريكية، في 8 من تشرين الأول، تقريرًا قالت فيه إن إشارة الهجوم انطلقت من قادة إيرانيين، ضمن اجتماع ضم قادة فلسطينيين أيضًا، قبل أسبوع واحد من شن “حماس” للعملية.

لم تعلق طهران حينها على هذه المعلومات، وكذلك “حزب الله” أو “حماس”، إلا أن صحيفة “الأخبار” اللبنانية، المقربة من الحزب، عنونت ملفًا نشرته اليوم بـ”غرفة عمليات مشتركة بين فصائل المقاومة: لبنان في المعركة”.

تناول الملف الذي نشرته الصحيفة، عملية نقل لملفات وأوراق مهمة جرت من مطار “رفيق الحريري” الدولي في بيروت، مع إعداد خطة لإجلاء موظفين وعاملين في منظمات دولية، أعدها الأمن الخاص بهذه المنظمات.

وأضافت أن غرفة عمليات مشتركة بين الحزب وفصائل فلسطينية وقوى أخرى تعمل سويًا، مع توافق على الخطوات المقبلة، وربط العمل الميداني على جبهة لبنان وغزة بالوضع على الأرض.

كما تقرر الغرفة المذكورة أغلب العمليات العسكرية الحالية، وفق الصحيفة.

إيقاف المعارك في غزة.. محاولة لمنع التوطين في سيناء

المعلومات التي نشرتها الصحيفة المقربة من “حزب الله”، يمكن فهم سياقاتها ضمن “الحرب الإعلامية” المشتعلة حاليًا بين وسائل الإعلام التابعة لما يُعرف بـ”محور المقاومة”، من جهة، ووسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية من جهة أخرى.

ويقابل ما ذكرته “الأخبار”، معلومات نشرتها صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية اليوم، أشارت إلى أن حجم الرد الإسرائيلي في غزة قد يحدد مستقبل لبنان، وأن الحزب يرى نفسه مضطرًا للانضمام إلى المعارك.

لكن خيارات الحزب، وحليفته الأولى، إيران، تصطدم أيضًا بالواقع السياسي والاقتصادي في لبنان، الذي يعيش أزمة اقتصادية وسياسية حادة، تجعل خيار دخول لبنان إلى المعركة عاملًا خطيرًا.

وفق “فورين بوليسي”، فإن قرار دخول المعارك بشكل كامل، قد يدفع لبنان إلى هاوية لا عودة منها، مع ارتفاع معدلات البطالة، وعدم انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس وزراء مؤقت، وانخفاض حاد بالقطع الأجنبي.

الحرب ستدمر البنى التحتية في بلد قد لا يحصل على التعافي، ولن تكون أي جهة مستعدة لإعادة البناء في بلد على حافة الإفلاس، وتسيطر عليه إيران وحلفائها، بحسب “فورين بوليسي”.

وبرغم هذه المؤشرات والمخاطر التي تحملها، أشارت المجلة الأمريكية إلى أن الحزب والجيش اللبناني على درجة عالية من الاستعداد، وفي حال نفذت إسرائيل عمليتها البرية، سيتدخل الحزب ويستهدف بصواريخه عمق المدن الإسرائيلية.

وبرغم القدرة التدميرية الهائلة لإسرائيل، فإن هذا لا يعني أن الحزب ليس قادرًا على إلحاق ضرر كبير للغاية أيضًا، ولديه وفق المجلة 150 ألف صاروخ عالي الدقة، قادر على مهاجمة المنشآت الحيوية، بما في ذلك مفاعل “ديمونة” النووي الإسرائيلي، وآلاف العناصر من المقاتلين في لبنان وخارجه.

ثلاث نقاط تدفع بايدن لموقف حاسم إلى جانب إسرائيل

استهداف المستشفى الأهلي المعمداني يعجل التدخل

مساء 17 من تشرين الأول، وبعد عشرة أيام من اندلاع عملية “طوفان الأقصى”، أدى انفجار استهدف المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، إلى مقتل 500 شخص على الأقل، وإصابة المئات.

هذا الاستهداف الذي تبادل طرفا المعارك، “حماس” وإسرائيل، الاتهامات حول مسؤوليته، قد يفتح الباب لتعجيل دخول إيران و”حزب الله” في المعارك، لتخفيف الضغط الإسرائيلي عن قطاع غزة.

ومن اللافت نشر قناة “المنار” التابعة للحزب اليوم، تقريرًا قالت فيه إن ارتكاب إسرائيل للجرائم في غزة، يطرح تساؤلات عن مصير المعركة والخيارات المتاحة، برغم كل التعقيدات الحالية.

وسبق للرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن قال بعد عودته من زيارة إسرائيل أمس، إن واشنطن لن تتدخل عسكريًا إلى جانب الاحتلال حتى لو دخل “حزب الله” المعركة، وهو توجه “عقلاني” وفق “المنار“، التي أشارت إلى أن الموقف الأمريكي لا يسير باتجاه مزيد من التصعيد ليصل إلى صعيد إقليمي، ولا جر أحد إلى الحرب.

ووفق التقرير، لا يزال هناك متسع من الوقت قبل الحديث عن اندلاع حرب شاملة، كما ستفرض الظروف المقبلة شكل المعارك.

حتى الآن تتراوح التصريحات الإيرانية الرسمية بين التهديد والتحذير، وتستمر الاشتباكات والقصف المتبادل ضمن “قواعد الاشتباك” على الجبهة الشمالية، ومن غير المعروف ما إذا كانت الزيارات الدبلوماسية الأخيرة إلى بيروت والمنطقة، من قبل الدول الغربية، قادرة على ضبط الحدود ومنع الحزب من دخول المعارك بشكل أوسع.

كما لا يمكن معرفة شكل التدخل الإيراني في المعركة، إن حصل، ومن أي الجبهات سيكون، من سوريا أو لبنان، خاصةً مع التقارير المتواترة عن نقل طهران لمقاتلين وميليشيات تابعة لها إلى مدينة القنيطرة، جنوب سوريا وعلى الحدود مع الجولان المحتل.

صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، قالت في تقرير نشرته في 17 من تشرين الأول، إن هناك عاملين يحددان توقيت دخول طهران والحزب إلى الحرب بشكل رسمي، الاجتياح البري، وحجم خسائر “حماس”.

وإن كانت خسائر الحركة كبيرة وأوشكت على هزيمة تهدد وجودها، ستتحول المعركة إلى معركة وجود لمحور إيران.

وأضافت أن طهران قسمت المسؤوليات والأدوار على الجبهتين السورية واللبنانية بحسب الظروف وتطور الأحداث، إلا أن الجبهة السورية هي الأكثر أهمية وقد تنطلق منها الشرارة الأولى.

ويلتزم رئيس النظام السوري الصمت الكامل كما الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصرالله، بأوامر مباشرة من إيران، التي تمسك بزمام الأمور وقرار الحرب والدخول إلى المعركة من عدمه.

وتحاول واشنطن منع التصعيد وانضمام إيران إلى المعارك، وبحسب تحليل نشره “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى“، في 13 من تشرين الأول، فإن دخول إيران و”حزب الله” والميليشيات التابعة لطهران في العراق واليمن وإضفاء طابع إقليمي على الحرب، سيؤدي لعواقب كارثية على إسرائيل وشركاء واشنطن الآخرين.

وفي خضم استمرار المعارك في غزة، واحتمالية تنفيذ عملية اجتياح بري، تستمر إيران بالنظر إلى المتغيرات لاتخاذ قرار الدخول من عدمه، وكيفية انعكاسه على ملفاتها في سوريا والعراق ولبنان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة