تجنبًا لخسائر المواسم السابقة

درعا.. مزارعون “يضمّنون” محاصيلهم بعقود “غير قانونية” بالدولار

مزارع يتفقد محصول الرمان في ريف درعا الغربي 16 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي /حليم محمد)

camera iconمزارع يتفقد محصول الرمان في ريف درعا الغربي 16 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي /حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

ثبت مزارعو درعا هذا العام ديونهم المؤجلة على التجار جراء بيع المحاصيل قبل جنيها بعملة الدولار الأمريكي، تجنبًا لخسارات ناتجة عن انخفاض قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.

وتشهد الليرة السورية انخفاضًا مستمرًا في قيمتها، إذ وصل سعر مبيع الدولار الواحد خلال الأسبوع الماضي إلى 13700 ليرة مقابل كل دولار واحد، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد أسعار العملات الأجنبية.

وتفتقر عمليات البيع لأي آلية قانونية تحمي المزارع من عمليات نصب، ما دفع بعض المزارعين لإبرام عقود، وتثبيت السعر بالقطع الأجنبي.

 خوفًا من الخسارة

درجت العادة في درعا بيع المحاصيل المثمرة للتاجر مباشرة قبل موعد الجني ضمن ما يُعرف بـ”الضمانة”، وهي اتفاق بين التاجر والمزارع على بيع المحصول مقابل ثمن يحدده الطرفان بالليرة السورية، على أن يسدد التاجر المبلغ على دفعات قد تمتد لفترة زمنية تصل إلى ثلاثة أشهر، الأمر الذي دفع المزارعين هذا الموسم إلى تثبيت قيمة المبلغ بالدولار.

المزارع حسين (25 عامًا) من مزارعي تل شهاب بريف درعا الغربي، قال لعنب بلدي، إنه باع محصوله من الرمان إلى تاجر من دمشق، وبعد تسلم العربون اتفقا على تثبيت بقية المبلغ بالدولار حسب السعر المتداول بالسوق السوداء في يوم البيع.

وأضاف المزارع أنه ثبت المبلغ مطلع تشرين الأول الحالي، وكان سعر الصرف 12800 ليرة سورية لكل دولار، في حين ارتفع خلال أيام إلى ما يقارب 13700 ليرة سورية.

في حين تعرض أيمن المحمد (40 عامًا) لخسارة في موسمه من محصول الرمان في العام الماضي، إذ كان سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية حين البيع 5000 ليرة سورية، وعند تسديد الثمن من قبل التاجر وصل سعر الصرف إلى 8000 ليرة سورية، ولم يكن قد اتفق مع التاجر على تثبيت السعر بالدولار.

وقال أيمن المحمد لعنب بلدي، إن خسارته في الموسم الماضي دفعته لتثبيت السعر بالدولار هذا الموسم.

لا عقود تحكم عمليات البيع

غالبًا ما يبرم التاجر والمزارع اتفاقًا على بيع الموسم دون توقيع عقد أو حتى وجود شهود على عملية البيع، إنما بشكل شفوي، ما عرّض عددًا من المزارعين لعمليات نصب، إذ لا يملك البائع أي مستند قانوني يحميه في حال أنكر التاجر تسديد المبلغ.

نبيل المحمد، وهو مزارع لديه مزرعة رمان من عشرة دونمات، قال إنه يبيع محصوله لتجار لهم سمعتهم في السوق، معتبرًا أن ضمان تسديد التاجر هي مكانته وتعامله السابق.

يعمل المزارع، وفق ما قاله لعنب بلدي، كغيره من مزارعي المنطقة على مبدأ الثقة بتجار أثبتوا مصداقية في التعامل المالي معهم خلال السنوات الماضية.

أحمد شهاب، يعمل لمصلحة تاجر من دمشق (يبحث عن محاصيل للضمان في درعا)، قال لعنب بلدي، إنه ليس من المتعارف عليه بين المزارعين والتجار توقيع العقود مع أنها أكثر ضمانًا للفلاح، وهناك اتجاه لدى المزارعين هذا العام لتثبيت سعر محاصيلهم بناء على سعر تصريف الدولار.

وأضاف أحمد أن من المعوقات التي تؤخر تسليم المزارعين ديونهم، عدم حرية نقل المبالغ بين المحافظات السورية، إذ عمم مصرف سوريا المركزي، في آب الماضي، أن المبلغ المسموح نقله بين المحافظات يجب ألا يتجاوز 25 مليون ليرة سورية، في حين يفوق ثمن بعض المحاصيل المباعة من قبل المزارعين المليار ليرة سورية.

اتفاق شفهي تُحل خلافاته محليًا

المحامي برهان شعابين المقيم في محافظة درعا قال، إن معظم عمليات البيع تتم بالاتفاق الشفهي بين البائع والتاجر، وإن الخلافات الحاصلة بهذا الشأن تُحل “وجاهيًا” تحت إشراف عدة جهات، منها قادة سابقون في فصائل المعارضة العسكرية، ووجهاء المنطقة، بالإضافة إلى خبراء بالتجارة من المنطقة.

عمليات “نصب” تعرض لها مزارعون خلال السنوات الماضية، دفعت بعضهم لإبرام عقود وتثبيت السعر بالدولار، وخاصة إذا كان السداد طويل الأجل، وفق المحامي، موضحًا أن العقود هي وسيلة متعارف عليها لإثبات الحق المالي، لكن لا يمكن التعامل فيها قضائيًا لأن القضاء يحظر تثبيت أسعار الدولار بالعقود.

وقال شعابين، إن عددًا من المحامين في مدينة طفس اقترحوا تشكيل مكتب قانوني، يوثق عمليات البيع الزراعي في ريف درعا عبر عقود تكون “قرينة” في حال حصل أي خلاف بين التاجر والمزارع، ولكن هذا المقترح لم يُترجم على أرض الواقع.

ويعتبر الرمان والعنب، واللوزيات كالمشمش والدراق والخوخ، من أبرز المحاصيل التي تباع بـ”الضمانة”.

وتقدّر عدد الأشجار المثمرة، بحسب مديرية زراعة درعا، بنحو 600 ألف شجرة، ويتراوح إنتاج الشجرة ما بين 50 و100 كيلوغرام.

ويأتي في مقدمة المحاصيل التي تباع بـ”الضمانة” الرمان، كونه يصدّر إلى دول الجوار ويخزن مبردًا، وقدّرت المديرية إنتاج المحافظة من الرمان بـ21 ألفًا و500 طن مقابل 17 ألف طن في الموسم الماضي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة