مستوردات الذهب تنعش الصاغة على حساب الليرة السورية

محال صاغة في سوق الحميدية بدمشق- 27 تموز 2023 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

camera iconمحال صاغة في سوق الحميدية بدمشق- 27 تموز 2023 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

منتصف تشرين الأول الحالي، وافقت حكومة النظام السوري على مشروع صك تشريعي يتعلق بمستوردات الذهب، منحت بموجبه مجموعة من الإعفاءات لمدخلي الذهب الخام، لكن وفق شروط معيّنة.

ورغم أن هذا القرار يسهم في إنعاش الإنتاج ويصب في مصلحة أسواق الصاغة، قد يؤثر سلبًا على قيمة الليرة لاحتياج العمليات المرافقة لهذا الصك التشريعي إلى الدولار المنخفض أساسًا في السوق.

200 دولار لكل كيلوغرام

يُسمح، بموجب الصك التشريعي، للسوري والأجنبي المقيم وغير المقيم، بإدخال مادة الذهب الخام (السبيكة التي لا يقل وزنها عن كيلوغرام واحد من عيار 24 قيراطًا) إلى سوريا.

ويُعفى مدخل الذهب الخام من الحصول على إجازة استيراد الذهب المدخل، ويُسمح له بإدخال الذهب الخام بصحبة مسافر، كما يُعفى من جميع الضرائب والرسوم المترتبة على عملية الاستيراد، بما في ذلك رسم الاستيراد، والرسوم الجمركية والضرائب الأخرى، وبدلات الخدمات، ورسوم الخزن والتأمين، ورسم التصديق القنصلي، ورسم الطابع، والرسوم والضرائب المحلية المفروضة بموجب القوانين النافذة.

بالمقابل، يُستوفى من الشخص مدخل الذهب الخام رسم مالي بالقطع الأجنبي قدره 200 دولار أمريكي لكل كيلوغرام يتم تحصيله من الأمانات الجمركية، ويُحول إلى حساب “الخزينة المركزية- إيرادات مختلفة” في الموازنة العامة.

إخراج مصوغات خلال شهر ونصف

يُلزم الصك التشريعي الأجنبي غير المقيم مدخل الذهب الخام بأن يقوم، خلال فترة لا تتجاوز 45 يومًا من تاريخ منح وثيقة الإدخال الصادرة عن الأمانة الجمركية السورية، بإخراج مصوغات ذهبية مصنعة محليًا من الورشات السورية المرخصة من وزارة الصناعة أو الاتحاد العام للحرفيين، بما يعادل وزن الذهب الخام المدخل، من عيار 18 أو 21 قيراطًا.

يُعفى الأجنبي غير المقيم مدخل الذهب الخام من تنظيم بيان تصدير، ويتم إخراج المصوغات الذهبية بصحبة مسافر.

ويغرم مدخل الذهب الخام في حال التأخر بإخراج الذهب المصوغ ضمن المهلة المحددة، بموجب قرار من حاكم مصرف سوريا المركزي، بغرامة مالية تعادل قيمة غرام ذهب عن كل يوم تأخير بما لا يتجاوز كمية الذهب المدخلة، على أن تسدد الغرامة بالدولار الأمريكي وفق سعر الذهب العالمي بتاريخ التسديد.

وفي حال استغرقت الغرامة كامل كمية الذهب المتأخر في إخراجه يتم استيفاء هذه الكمية كغرامة، وتعد إيرادًا نهائيًا لخزينة الدولة.

وفرض الصك التشريعي على مدخل الذهب الخام ممن يقوم بتحريف أو تغيير في الوقائع المطلوبة لإدخال وإخراج الذهب، وفق أحكام هذا القانون، غرامة مالية قدرها مثلًا قيمة الذهب موضوع المخالفة.

إنعاش الإنتاج

يتمثل الهدف من الصك التشريعي، وفق إعلان الحكومة، بتحسين واردات خزينة الدولة من القطع الأجنبي، ودعم وتنشيط عمل ورشات الصياغة وصناعة المجوهرات وتشغيل اليد العاملة، بالإضافة إلى تنظيم عمليات إدخال الذهب الخام وإخراجه من قبل الشخص الأجنبي غير المقيم.

الباحث الاقتصادي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” مناف قومان، قال في حديث إلى عنب بلدي، إن أهمية الصك التشريعي نابعة من الإعفاءات المتضمنة داخل القرار من أجل استيراد الذهب الخام، إذ لم تعد هناك حاجة لدفع رسوم الاستيراد والضرائب، بعدما كان يجب على المستورد سابقًا أن يدفع حوالي سبع دفعات بين رسوم وضرائب.

بغض النظر عن التكاليف المالية المترتبة على هذه الدفعات، هناك البيئة البيروقراطية التي يصطدم بها المستورد جراء تشعب الخطوات وكثرة الدفعات، لذلك وجدت السوق السوداء طريقها للتربح والاستفادة، وفق قومان.

ويعني ذلك أن هناك أهدافًا تتعلق بتشجيع الإنتاج المحلي، بحسب الباحث، لأن القرار لم يكن هدفه الاستيراد وحسب، بل التصدير أيضًا، لذا أقر القرار غرامة على المستورد في حال لم يتم تصدير ذهب مصوغ بنفس الكمية التي تم توريدها خلال فترة محددة.

الليرة قد تتأثر

يرى الباحث الاقتصادي مناف قومان، أن القرار قد يسبب إنعاش صناعة الذهب في السوق المحلية مدفوعًا بحوافز الاستيراد والتصدير للخارج.

من جانب آخر، توجد نقطة مفيدة ونقطة مضرة تضمنها الصك التشريعي، وفق الباحث، إذ تتمثل النقطة المفيدة بأن مصرف سوريا المركزي فرض 200 دولار على كل كيلوغرام مستورد، وهذا سيعود بالفائدة على احتياطي القطع الأجنبي.

أما النقطة المضرة فتتمثل بأن المستورد يحتاج إلى القطع الأجنبي من أجل إتمام عملية الاستيراد، الأمر الذي سيحرك الطلب على الدولار في السوق المحلية التي تفتقر للدولار أصلًا، وبالتالي قد يؤدي هذا إلى إضعاف قيمة الليرة أمام العملات الأجنبية في الأشهر المقبلة.

80% من المبيعات للادخار

منذ مطلع العام الحالي، تواصل أسعار الذهب في الأسواق المحلية تسجيل ارتفاع في قيمتها، وصلت مؤخرًا إلى مستويات غير مسبوقة.

وتتأثر أسعار الذهب في سوريا بسعر الذهب العالمي، وبسعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.

وبحسب النشرة الصادرة عن “الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات بدمشق”، لحظة تحرير التقرير، سجل سعر مبيع غرام الذهب من عيار 21 قيراطًا 762 ألف ليرة سورية، وسعر شرائه 761 ألف ليرة.

فيما سجل سعر مبيع الغرام من عيار 18 قيراطًا 653 ألفًا و143 ليرة، وسعر شرائه 652 ألفًا و143 ليرة سورية.

رئيس “الجمعية الحرفية”، غسان جزماتي، قال في تصريح لصحيفة “البعث” الحكومية، في 12 من تشرين الأول الحالي، إنه خلال فترة انخفاض سعر الذهب شهدت الأسواق ركودًا في الطلب عليه، موضحًا أن زبائن الذهب ممن يعتمدونه كوسيلة لادخار المال يراقبون بحذر سعره، ففي حال انخفض السعر يقل الطلب عليه والعكس بالعكس.

وتبلغ مبيعات الليرات الذهبية نحو 80% من مبيعات أسواق الذهب في سوريا، ما يعني ارتفاع نسبة شرائه للادخار.

ومنتصف آب الماضي، أشارت صحيفة “الثورة” الحكومية إلى وجود غياب تام لذهب “الادخار” لأي من الليرات والأونصات الذهبية في عدد من أسواق الصاغة بدمشق، في حين تتوفر وبكثافة مختلف القطع الفنية.

وأشارت الصحيفة إلى أن السبب وراء ذلك يعود للطلب الكثيف على ذهب الادخار الذي يجعل الكميات تنفد خلال زمن قياسي من طرحها، وإلى خسارة التجار، الأمر الذي لا يشجعهم على زيادة الكميات المنتجة من الليرات والأونصات على الكمية المحددة منذ طرح الليرة والأونصة السورية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة