سرمين.. حركة معطلة ونزوح مستمر تحت هاجس عودة القصف

هدوء تعيشه شوارع سرمين بمحافظة إدلب شمالي سوريا، جراء قصف عنيف شهدته لأيام- 17 من تشرين الأول 2023 (عنب بلدي/ شمس الدين مطعون)

camera iconهدوء تعيشه شوارع سرمين بمحافظة إدلب شمالي سوريا جراء قصف عنيف شهدته لأيام- 17 من تشرين الأول 2023 (عنب بلدي/ شمس الدين مطعون)

tag icon ع ع ع

توقفت الحركة مجددًا في أسواق مدينة سرمين بمحافظة إدلب شمال غربي سوريا، إثر تجدد قصفها من قبل قوات النظام، بعد أن شهدت المدينة عودة خجولة، عقب نزوح أكثر من نصف سكان المدينة خلال حملة القصف الأخيرة التي استهدفت المنطقة في 4 تشرين الأول الحالي.

تقع مدينة سرمين على بعد لا يتجاوز ثمانية كيلومترات عن مناطق سيطرة النظام في مدينة سراقب، إذ تعد منطقة متاخمة لجبهات القتال، وكانت طيلة الأشهر الماضية تتعرض لقصف متقطع، رغم ذلك آثر سكانها البقاء في مدينتهم لحين تصاعد حملة القصف الأخيرة.

طال القصف خلال الحملة الأخيرة مدرستين والمركز الصحي والمستشفى الميداني، بالإضافة إلى تضرر منازل المدنيين.

خوف وترقب

يعيش النازحون إثر التصعيد الأخير على الشمال السوري حالة من التوجس من العودة إلى المنازل، بحكم أن المنطقة غير مستقرة وخاصة المتاخمة لخطوط الاشتباك كمدينة سرمين.

محمود عبود أحد سكان مدينة سرمين، قال لعنب بلدي، إن عائلته لا تزال خارج المدينة إلى الآن، ولا يملكون قرارًا بالعودة، لافتًا إلى أنه رغم هدوء القصف، فإن المدينة تعرضت لضربات مدفعية متفرقة عقب ذلك، الأمر الذي يبث الرعب في قلوب الأهالي.

محمود أوضح أنه اضطر للعودة لتفقد مشروعه الزراعي على أطراف المدينة، “عنا ألواح طاقة، ورزقنا كلو هون، وين بدنا نروح”، وفق تعبيره، دون أن يتخذ القرار بالعودة إلى منزله حتى الآن.

الظروف تجبرهم

يضطر بعض الأهالي إلى العودة إلى مدينتهم بسبب عدم قدرتهم على تحمل أعباء الانتقال واستئجار منزل بمبلغ كبير، فضلًا عن عدم تأقلمهم مع السكن في مراكز الإيواء الجماعي أو المخيمات.

كما يعتمد القسم الأكبر من الأهالي على أراضيهم الزراعية كمصدر دخل أساسي لهم، وعلى محالهم التجارية التي توفر لهم مصروفهم اليومي، ما يجبرهم على العودة.

عبد الله السعيد أحد سكان مدينة سرمين، قال لعنب بلدي، إن النزوح مع اقتراب البرد يزيد من الأزمة، فإيجار المنزل في المناطق البعيدة عن الاستهداف لا يقل عن 100 دولار شهريًا، ويصر بعض المؤجرين على قبضها مقدمًا عن ثلاثة أو ستة أشهر، مع مبلغ تأمين، وعمولة للمكتب العقاري.

يعمل عبد الله السعيد مدرسًا في إحدى مدراس مدينة سرمين، ولا يستطيع إيجاد عمل آخر لتأمين تكاليف الانتقال، وفق حديثه.

بالمقابل، يعتمد العشرات من الأهالي على عودة جزئية حيث يتركون بعض أمتعتهم في منازلهم وينقلون متاعًا آخر لمنازل أقربائهم في مناطق أخرى، تحسبًا لأي قصف مفاجئ يضطرهم للنزوح مجددًا.

%50 من سكان المدينة خارج منازلهم

مسؤول المكتب الإغاثي في المجلس المحلي لمدينة سرمين، محمد أحمد تاج الدين، قال لعنب بلدي، إن عدد سكان المدينة كان يبلغ قبل النزوح الأخير 5200 عائلة، منها 1750 عائلة من المهجرين أساسًا.

وأوضح تاج الدين أن نسبة النزوح خلال الأسبوعين الماضيين بلغت أكثر من 50% من السكان، وأن العوائل بدأت بالعودة إلى المدينة بشكل تدريجي، ولكن لا تزال النسبة الكبرى خارج المدينة، لافتًا أن معظم الأهالي باتوا يعانون نقصًا في مواردهم المادية جراء ضعف الحركة التجارية، واعتماد معظم الأشخاص على العمل اليومي أو المواسم الزراعية التي تضررت جراء النزوح.

ووفق تاج الدين فإن بعض الفرق الإغاثية والمنظمات الإنسانية تواصلت مع المكتب الإغاثي لدعم الأهالي المتضررين، إلا أنها اكتفت حتى الآن بالإحصاء والوعود دون تقديم أي مساعدات.

خدمات بالحد الأدنى

محمد فاضل مدير المستشفى “الميداني” في سرمين، قال إن المرافق الصحية تعرضت لبعض الأضرار جراء القصف، ما أسفر عن توقف بعض خدماتها عن العمل.

فقد تعرض المركز الصحي الوحيد في المنطقة الذي يقدم خدمات طبية لأضرار جزئية في سوره الخارجي، في حين استهدف قصف مباشر مركز صحة النساء والأسرة التابع لـ”الدفاع المدني”، وأجزاء من المستشفى “الميداني”.

وبحسب فاضل، فقد بدأ العمل على استئناف تقديم الخدمات الطبية في المراكز بشكل تدريجي، إلا أنه لم يشمل جميع العيادات.

لؤي قدحنون، مدير مدرسة “حكمة المعرفة” الخاصة قال لعنب بلدي، إنه رغم انقضاء فترة التوقف التي أعلنتها وزارة التربية خلال فترة التصعيد ومددتها لثلاثة أيام إضافية لمدينة سرمين ومناطق أخرى قريبة من خطوط التماس، فإن الأهالي لم يرسلوا أطفالهم إلى المدراس بعد.

وأوضح قدحنون أن هناك قسمًا كبيرًا من الأهالي لا يزال خارج المدينة، والقسم الآخر يخشى أن يرسل الأطفال إلى المدرسة، لا سيما بعد تعرضها لقصف خلال حملات التصعيد.

وصعّدت قوات النظام وروسيا قصفها الصاروخي والجوي على شمال غربي سوريا خلال خمسة أيام امتدت بين 4 و8 تشرين الأول الحالي، مستخدمة أسلحة حارقة وعنقودية محرمة دوليًا، وموقعة 260 مدنيًا بين قتيل وجريح، ويهدد هذا التصعيد بشكل خطير حياة المدنيين.

وبحسب بيان صادر عن فريق “الدفاع المدني السوري”، فقد أدت الهجمات خلال الأيام الخمسة إلى مقتل 46 مدنيًا بينهم 13 طفلاً و9 نساء، فيما جرح 213 مدنيًا بينهم 69 طفلاً و41 امرأة، ومن بين المصابين متطوعان من فرق “الدفاع” بقصف استهدف إدلب في أثناء قيامهما بعملهما الإنساني.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة