سوريا.. صنّاع المحتوى الرقمي يستعينون بوسطاء خارجيين لتخطي الحجب

حاولت سعاد 33 عامًا، وهو اسم مستعار لموظفة ثلاثينية تعمل ككاتبة محتوى، الاستفادة من عالم الذكاء الاصطناعي الذي سمعت عنه حديثًا، وبدأت بإنشاء حساب على موقع “Chat GPT” لتظهر أمامها عبارة بخط أحمر تقول: “هذه الخدمة غير متوفرة في بلدك”.

كانت سعاد تعرف أنها لن تستطيع إنشاء الحساب دون اللجوء لوسيط، وهو أحد المعارف الذي يعمل على تأمين أرقام هواتف أجنبية لفتح حسابات “تشات جي بي تي” من خلالها مقابل مبلغ مالي، إلا أنها حاولت الاستغناء عن الدفع لخدمة من المفترض أنها مجانية.

وتضيف قائلة، “إن فكرة الذكاء الاصطناعي لازالت غريبة عن الشارع السوري”، وإنها أصرت على الفكرة وطلبت من أحد أقربائها المغتربين إنشاء الحساب، من باب الفضول وليس الحاجة.

“VPN” لكسر القيود

توقف عمل “متجر جوجل” في سوريا عام 2021، التزامًا من شركة “جوجل” بالعقوبات التي فرضها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة (OFAC) على سوريا.

وتعود الفجوة الرقمية في سوريا جزئيًا إلى الافتقار إلى البنية التحتية للاتصالات بعد أن تعرضت لأضرار خلال الحرب خلال 12 عامًا الماضية، مما ترك العديد من المناطق دون إمكانية الوصول إلى الإنترنت.

وأدت هذه الفجوة لإعاقة النمو الاقتصادي، تلاه تأخر في الاستفادة من الثورة الرقمية.

ويعتمد سكان سوريا للوصول إلى خدمات جوجل على استخدام تطبيقات غير نظامية ومدفوعة لكسر قيود الحظر (VPN) وتنزيل تطبيقات المتجر.

يوتيوب سوري بحلّة أجنبية

تحدد شركة “جوجل” البلدان التي توفر فيها خدمة الاشتراك ببرنامج صناع المحتوى “شركاء اليوتيوب”.

ويتيح البرنامج الاستفادة بشكل أكبر من ميزات تحقيق الربح والتواصل مع فرق الدعم، ومشاركة الأرباح من الإعلانات المعروضة على المحتوى.

ولا تندرج سوريا ضمن قائمة هذه البلدان، كما لا تتوفر إعلانات “يوتيوب” في المنطقة.

سعيد، اسم مستعار لصاحب محل بيع وصيانة هواتف في ريف دمشق، قال لعنب بلدي، إن صناع محتوى “يوتيوب” السوريون يستخدمون أرقام تلفونات ذويهم خارج البلاد وبرامج كسر قيود (VPN) لتغيير منطقتهم الجغرافية وإنشاء القناة.

أما بالنسبة لأرباح المحتوى، فيكمل سعيد، أن لكل عائلة سورية اليوم فرد مغترب يستعينون به لتحصيل الأرباح وإرسالها إلى سوريا عن طريق مكاتب أو أشخاص.

“تيك توك” على خطى “اليوتيوب”

يقول سعيد، حتى وإن تم تنزيل “تيك توك” على الهاتف، يحتاج لسرعة إنترنت غير متوفرة لدنيا، بالإضافة إلى استخدام برامج لتغيير المنطقة الجغرافية، أو إزالة شريحة الهاتف منه.

وبسبب تعقيد الأمر، لا يفكر غالبية السكان باستخدام التطبيق رغم شهرته، أما مستخدموه الذين يجنون أرباحًا منه فهم يحصّلون أرباحهم بذات الآلية، من أقارب أو أصدقاء مغتربين، ومن ثم يرسلونها إلى سوريا.

أين تقع سوريا في عالم الإنترنت؟

أدى تعطل البنى التحتية للاتصالات والتكاليف المرتفعة لخدمات الإنترنت ومحدودية توافرها في سوريا، إلى الحد من إمكانية الوصول إلى المعلومات والتواصل مع الآخرين واستخدام الإنترنت للأغراض التجارية والتعليمية.

وبحسب موقع “Data Reportal” بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في سوريا 8.11 مليون مستخدمًا، بمعدل 35.8% فقط من السكان.

وتقع سوريا في المرتبة الثالثة بين الدول الأبطأ سرعةً بالإنترنت الثابت، 4.39 ميغابت، بعد كوبا وأفغانستان، بحسب موقع “Speed Test“.

ويبلغ متوسط سرعة الهواتف المحمولة في سوريا، 11.08 ميغابت، بينما تأتي الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى بسرعة الإنترنت للهواتف، 211.58 ميغابت.