رفع المحروقات يضاعف أسعار مواد البناء ويجمد العمران بدرعا

رفع المحروقات

camera iconعمال بناء في أحد المنازل في ريف درعا الغربي- في 25 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي/حليم محمد)

tag icon ع ع ع

درعا – حليم محمد

لم يستطع محمود (30 عامًا)، من سكان ريف درعا الغربي، إكمال بناء منزله، بعد ارتفاع أسعار مواد البناء ثلاثة أضعاف عما كانت عليه عندما بدأ البناء في أيار الماضي.

وأدى ارتفاع أسعار مواد البناء إلى جمود الحركة العمرانية في محافظة درعا، إذ يتردد السكان في إنشاء منازل جديدة أو متابعة البناء نظرًا إلى التكلفة المرتفعة، ويعتبر غلاء المحروقات عاملًا رئيسًا في الارتفاع.

المحروقات الصناعية وراء الارتفاع

تضاعفت أسعار مواد البناء منذ منتصف آب الماضي، بعد سلسلة قرارات حكومية رفعت بموجبها أسعار المحروقات والأسمنت.

ووفق أحدث نشرة صادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، في 30 من تشرين الأول الماضي، حددت الوزارة سعر مبيع بعض أنواع المحروقات المخصصة للقطاع الصناعي، وهي المازوت “الحر” ليصبح سعر مبيع الليتر منه 12430 ليرة.

كما رفعت سعر طن الفيول إلى سبعة ملايين و928 ألفًا و250 ليرة سورية، وطن الغاز “السائل الدوكما” إلى عشرة ملايين و682 ألفًا و350 ليرة سورية.

بالمقابل، وصل سعر المتر المربع من البحص والرمل إلى 175 ألف ليرة سورية، وسعر حجر البناء (البلوكة) إلى 5000 ليرة سورية، وسعر طن الحديد إلى 900 دولار، وسعر كيس الأسمنت إلى 150 ألفًا بعد أن كان لا يتجاوز 50 ألف ليرة منذ أشهر.

محمود شاب مقيم بريف درعا، قال إن الأسعار قفزت فجأة بعد ارتفاع سعر المحروقات، وهي عصب عمل “الكسارات” (المقالع التي تنتج البحص والرمل) ونقل مواد البناء، وتوافق هذا مع إفادات لتجار مواد بناء من خلال رصد عنب بلدي.

وأضاف محمود أنه اشترى متر الرمل في تموز الماضي بسعر 80 ألف ليرة سورية، في حين وصل حاليًا إلى 250 ألف ليرة سورية، وطن الأسمنت كان بمليون ليرة سورية، بينما وصل حاليًا إلى ثلاثة ملايين.

شيّد محمود قواعد وسقف المنزل فقط، أي ما يُعرف بـ”البناء على العظم”، مضيفًا أنه لو كان يعرف بقفزة الأسعار لاشترى مواد البناء دفعة واحدة مع بداية تشييد منزله، إذ كان يأمل أن يبنيه قبل قدوم فصل الشتاء ليتزوج فيه، لكن مع ارتفاع التكاليف أوقف البناء حتى إشعار آخر.

حسام النجم، متعهد بناء في درعا، قال لعنب بلدي، إن هناك سببًا رئيسًا أثر على أسعار مواد البناء، وهو سعر المازوت، لأن “الكسارات” ضاعفت سعر المواد بعد ارتفاع تكلفة التشغيل، وكذلك تضاعفت أجور النقل، ومعظم “الكسارات” تبعد ما لا يقل عن 200 كيلومتر عن محافظة درعا.

وأضاف المتعهد أن الفيول الذي ارتفع سعره يدخل في صناعة الأسمنت، والغاز يدخل في صناعة السيراميك، ما أدى إلى ارتفاع سعر هذه المواد المرتبطة بعملية البناء.

ومن العوامل التي أثرت على جمود عملية البناء، ارتفاع أسعار الأسمنت مؤخرًا، وهو يستخدم بكميات كبيرة ويدخل في كل عمليات البناء حتى في مراحل الإكساء، بحسب المتعهد، مضيفًا أن سعر طن الأسمنت لا يتجاوز 100 دولار في دول الجوار في حين يتعدى سعره 200 دولار في سوريا.

ومطلع حزيران الماضي، رفعت حكومة النظام سعر الأسمنت الفرط والمعبأ المنتج لدى معامل القطاع العام والخاص في سوريا.

وحددت سعر الأسمنت “البورتلاندي” المعبّأ عيار 32.5 للمستهلك بـ700 ألف ليرة سورية للطن الواحد، وسعر الأسمنت “البوزلاني” بـ677 ألف ليرة للطن الواحد، وسعر طن الأسمنت “البورتلاندي” الفرط عيار 32.5 بـ613 ألفًا و750 ليرة سورية.

القدرة الشرائية محدودة للبناء

لا يزال سعيد (40 عامًا) يعيش في غرفة واحدة بمنزل لدى عائلته، رغم مرور عشر سنوات على زواجه، وقال الشاب الذي يعمل في المياومة الزراعية بأجرة 20 ألف ليرة سورية لعنب بلدي، “كيف لي أن أبني بيتًا وأجرتي لا تكفي مصروف عائلتي”.

مهندس مدني في درعا، طلب عدم ذكر اسمه، قدّر تكلفة بناء منزل بالحدود الدنيا بـ20 ألف دولار، مضيفًا أن تكلفة البناء المرتفعة أسهمت في جمود الحركة العمرانية، حتى إنها شبه متوقفة في الفترة الحالية.

في حين قال المتعهد حسام النجم، إن جمود الحركة العمرانية شلّ الحركة الاقتصادية في المحافظة، لأن عملية البناء تحرك سوق العمل وسوق المهن ومستلزمات البناء.

وأضاف أن جمود الحركة العمرانية يزيد من الطلب على استئجار المنازل، خاصة أن المحافظة تشهد توقف حركة البناء منذ سنوات، وسط تعرض عدد كبير من الأبنية للدمار بسبب العمليات الحربية في المنطقة منذ 2011.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة