إيجارات المنازل تعوق الحياة الجامعية لطلاب من شرقي دير الزور

طلاب في جامعة الفرات بدير الزور شرقي سوريا- 3 من تشرين الثاني 2020 (جامعة الفرات/ فيس بوك)

camera iconطلاب في جامعة "الفرات" بدير الزور شرقي سوريا- 3 من تشرين الثاني 2020 (جامعة الفرات/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

منذ سنوات، قسم نهر الفرات مناطق السيطرة بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من قبل التحالف الدولي (يضم 86 دولة) شرق النهر، والنظام السوري المدعوم من قبل روسيا وإيران غربه، وزاد التقسيم الجغرافي لمناطق السيطرة من صعوبة التنقل بين ضفتي النهر.

وكان من بين المتضررين من الوضع الراهن طلاب الجامعات المقيمون شرق النهر حيث تسيطر “قسد”، ويدرسون في جامعات تتبع لوزارة التربية بحكومة النظام السوري غرب النهر، إذ يعانون صعوبات في العثور على سكن، تزامنًا مع صعوبة التنفل بين الضفتين.

الدمار الذي تعانيه مدينة دير الزور كنتيجة للعمليات العسكرية التي شهدتها المدينة بين قوات النظام وتنظيم “الدولة الإسلامية” جعل من توفر المساكن للطلاب أمرًا صعبًا.

السكن عائق

مشكلة توفير السكن في الجامعة لطالما أرهقت الطلاب، خصوصًا أولئك الذين يقيمون في مناطق بعيدة نسبيًا عن مدينة دير الزور، وفق ما قاله سيف لعنب بلدي، وهو طالب جامعي يبلغ من العمر 21 عامًا.

وتختلف أحوال الطلاب وحاجتهم إلى السكن بين عام وآخر، بحسب سيف الذي أبدى مخاوفه الأمنية من ذكر اسمه الكامل، إذ لا يحتاجون إلى سكن دائم، وتتفاوت حاجتهم إلى السكن الجامعي المؤقت بحسب طبيعة تخصصهم الدراسي، خاصة للقادمين من شرق الفرات.

ويعتقد سيف أن تأمين مسكن بات عائقًا أمام الطلاب وهو منهم، فالبحث عن شركاء للسكن بات أمرًا ضروريًا بسبب ارتفاع إيجارات المنازل المفروشة، ويصل بعضها إلى مليون ليرة سورية شهريًا، ما يجبر الطالب على مشاركة المنزل مع زملاء له.

ويبلغ سعر صرف الليرة السورية 13750 ليرة أمام كل دولار أمريكي واحد بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص برصد حركة العملات.

ويعتقد سيف أن تفضيلات أصحاب المنازل باختيار الطالبات من الإناث أو العائلات على الشباب، زادت من صعوبة تأمين السكن، وفتحت الباب أمام استغلال الطلاب.

يتنقل ضياء ذو 22 عامًا وهو طالب في كلية التربية بين ضفتي نهر الفرات رغبة منه بعدم الانقطاع عن الدراسة، وأبدى خلال حديثه لعنب بلدي استياءه من صعوبة الحصول على سكن في مدينة دير الزور حيث تقع جامعة “الفرات” التي يدرس فيها.

السكن الجامعي بالنسبة لضياء لم يكن خيارًا، إذ يراه على أنه “حالة إسعافيه” لا تراعي حاجة الطالب النفسية، ورغبته بالاستقرار.

وبالمقابل، لا تتوفر المنازل بمدينة دير الزور بسبب حجم الدمار الذي ألحق بالبنى التحتية، وعمران المدينة، وحالة الكثافة السكانية التي خلفها الدمار، إذ أُجبر سكان بعض الأحياء المدينة على الانتقال للعيش في أحياء الجورة، والقصور، والموظفين، وشغلوا المنازل الفارغة فيها.

عائق أمام إكمال التعليم

مشكلة ضياء نفسها تعاني منها رقية وهي طالة في كلية الهندسة، لكن وضعها أخذ بها نحو التفكير بالتوقف عن الدراسة، إذ عبّرت خلال حديثها لعنب بلدي عن استحالة إيجاد حل مناسب ولو بالحد الأدنى، للعثور على سكن ومتابعة دراستها الجامعية بطريقة طبيعية.

وقالت رقية إن إيجارات المنازل، إن وجدت، تبدأ من 500 ألف ليرة سورية في حي القصور، وتترواح بين 300 ألف و400 ألف في حي الجورة، في حال العثور على منزل للإيجار، وهو مبلغ كبير لا يمكن لعائلتها التي تقطن شرق النهر تحملها.

لمياء طالبة في كلية الهندسة، تدرس في جامعة “الفرات” بمدينة دير الزور، قالت لعنب بلدي، إن تكلفة المواصلات المرتفعة من حي الموظفين الذي تقيم فيه ويبعد 15 دقيقة عن مبنى الجامعة يشكل عائقًا إضافيًا إلى جانب إيجار منزلها المرتفع.

وأضافت أن تكاليف الإيجار والمواصلات وطباعة الأوراق مع غياب معيل لها بعد مقتل والدها عام 2016 صارت تشكل عائقًا أمام إكمال تعليمها، مشيرة إلى أنها حاولت مرارًا الحصول على منحة دراسية خارج سوريا، دون جدوى.

وتوجد وحدتان سكنيتان للطلاب في جامعة “الفرات” تضمان 200 سرير في السكن الجامعي الذي افتتح نهاية عام 2021 بعد إعادة تأهيله، ويستقبل الطلاب الوافدين من المحافظات الأخرى.

وتعوق المحسوبيات المنتشرة في أروقة الجامعة وشؤون الطلاب التوزيع العادل لهذه المساكن، بحسب ما قاله الطلاب لعنب بلدي، ويبحث بعض الطلاب عن ميزات تتوفر في السكن الجامعي، منها الكهرباء، وقربه من الجامعة ما يوفر على الطلاب أجور المواصلات.

سياق أمني

ترتبط مناطق سيطرة “قسد” في دير الزور بنحو عشرة معابر نهرية مع مناطق نفوذ قوات النظام، كما تنتشر العديد من المعابر “غير الرسمية”، تنشط في عمليات التهريب منذ عدة سنوات.

ورغم حاجة سكان القرى والبلدات شرق الفرات إلى طريق مفتوح أمام تنقلهم نحو مناطق سيطرة النظام السوري لأغراض طبية غير متوفرة لدى “الإدارة الذاتية” (المظلة السياسية لـ”قسد”)، لم تفتح هذه المعابر أمامهم إلا في إطار عمليات تهريب البشر.

ويضطر سكان المنطقة إلى التوجه نحو محافظة الرقة، حيث يقع معبر إنساني وحيد يصل منطقتي النفوذ ببعضهما، ويقطعون مئات الكيلومترات بهدف إكمال طريقهم نحو مناطق سيطرة النظام.

بينما تفتح معابر مائية على ضفتي النهر في دير الزور، ويعاد إغلاقها بين الحين والآخر، ما يجعل من التنقل بين الضفتين ليس بالأمر اليسير.

وينفق طلاب جامعيون في مدينة دير الزور آلاف الليرات السورية ذهابًا وإيابًا أسبوعيًا من مناطق سيطرة “قسد” شرق النهر، نحو مدينة دير الزور، حيث لا يملكون منزلًا للإقامة فيه، بسبب ارتفاع أسعار الإيجارات، بحسب طلاب قابلتهم عنب بلدي.

ومنذ مطلع تشرين الثاني الحالي، بدأت “قسد” بإنشاء نقاط عسكرية على ضفة نهر “الفرات” الشرقية المقابلة لمناطق سيطرة النظام شرقي محافظة دير الزور، تزامنًا مع ازدياد هجمات قالت “قسد” إنها مدعومة من النظام وقادمة من مناطق سيطرته.

موقع “نهر ميديا” المتخصص بنقل أخبار دير الزور بشكل رئيس قال، إن “قسد” أطلقت مشروعًا يهدف لنشر نقاط عسكرية بين بلدة الجزرات غربي دير الزور وصولًا إلى الباغوز في أقصى شرقي المحافظة.

عسكري في صفوف “الأمن الداخلي” (أسايش) التابع لـ”الإدارة الذاتية” قال في حديث سابق لعنب بلدي، إن القيادة العامة تعمل جاهدة على تعزيز النقاط العسكرية في جميع أنحاء ريف دير الزور، استجابة لـ”التحديات الأمنية” خصوصًا مع الهجمات المتكررة التي تشنها قوات النظام على المنطقة بين الحين والآخر.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في دير الزور عبادة الشيخ.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة