ظروف صعبة تجبرهن على الأعمال الشاقة

نساء في القامشلي.. ربات منازل وعاملات في قطاع الزراعة

امرأة تعمل في أرض زراعية 16 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي)

camera iconامرأة تعمل في أرض زراعية 16 تشرين الأول 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

مع شروق الشمس، تبدأ عليا يومها بمشاركة نساء القرية إشعال النيران لإعداد الخبز، وتعد هذه الخطوة الأولى في يوم مليء بالأعمال الشاقة، بحسب ما قالته لعنب بلدي.

عليا المحمد (47 عامًا) تقيم في قرية هيمو بريف القامشلي شمال شرقي سوريا، وتعيش يوميات مشابهة لجاراتها.

تذهب عليا بجولة سريعة إلى البيت البلاستيكي لحين وصول دورها لإعداد الخبز، وتشارك زوجها وابنها في جني الثمار والعناية بالنباتات من خلال التسميد وإزالة الأعشاب الضارة وغيرها.

وتنهي عملها حوالي الساعة 11 صباحًا، ثم تعود إلى المنزل لتبدأ بإعداد وجبة الفطور، مؤكدة أن العمل لم ينته بل تنتظرها خلال النهار أعمال كثيرة.

عليا قالت لعنب بلدي، إن العمل الشاق في الريف لا يتوقف عند الأعمال المنزلية، بل يتضمن أيضًا الزراعة والحصاد خلال الموسم، وتربية الحيوانات، وهي مهمات تنتقل إليها بعد إعداد الفطور.

وترى أن هذا النمط من العمل يتطلب الكثير من الجهد والالتزام، لكنها تعتبره جزءًا لا ينفصل عن حياتها في الريف.

قررت عليا العمل في مشتل زراعي صغير تعود ملكيته لابنها بالشراكة مع صديق له، وتتقاضى أجرًا يوميًا قدره 15000 ألف ليرة سورية.

ولأسباب عديدة منها عمل جارتها بالحي معها وقرب المشتل من منزلها، ترى عليا أن العمل الحالي غير مرهق مقارنة مع الأعمال الأخرى، بالإضافة إلى قضاء بعض الوقت الممتع مع الأصدقاء وشرب الشاي والقهوة أثناء زراعة النباتات الصغيرة.

تدخر عليا جزءًا من أموالها التي تحصل عليها من العمل في المشتل الزراعي، لكنها غالبًا ما تستخدمها لتغطية متطلبات المنزل في الأوقات التي لا تحصل فيها على دخل جيد من عمل الأراضي الزراعية بسبب سوء الموسم أو الخسائر المحتملة.

وتعتبر النساء إحدى الشرائح التي تحتاج بشدة إلى دعم في سوق العمل، فظروف الحرب فرضت عليها مسؤوليات إضافية وأعباء تتعارض مع قدراتها وتكوينها، بحسب ما قالته عليا لعنب بلدي.

وأضافت أن المرأة قبل الحرب كانت تعنى بشؤون الأسرة وتربية الأبناء، خاصة في المناطق الريفية التي تحتفظ بالصورة التقليدية والوضع الخاص بها.

ولا تختلف قصة عليا كثيرًا عن محاسن إسماعيل (41 عامًا)، تقيم في ناحية عامودا بريف القامشلي، والتي انخرطت في العمل الزراعي بداية في زراعة كروم العنب بأرض صغيرة تملكها عائلة زوجها.

وبفضل خبرتها في المجال، نجحت في تطوير وتحسين طرق الزراعة واستخدام الأدوات الزراعية، وتمكنت بعد ذلك من زراعة محاصيل أخرى مثل القمح، وتحقيق نجاح كبير.

وجدت محاسن نفسها وحيدة في إعالة طفليها، فزوجها يُعاني من مشاكل صحية جعلته غير قادر على العمل.

وترى أن العمل الزراعي هو خيارها الوحيد لكسب العيش، مع صعوبة الحصول على عمل آخر، وأن الدخل الزراعي هو المورد الرئيس لتكاليف دراسة أبنائها الصغار الذين يحتاجون إلى مصاريف كبيرة لاستكمال مسيرتهم التعليمية.

وتصل أجرة عمال المياومة في المنطقة بين 15 و40 ألف ليرة سورية، وبلغ سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية 14200 ليرة للدولار الواحد، وقت كتابة هذا التقرير، بحسب موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات.

تحيز في الوظائف

في بحث أجراه مركز “المجتمع المدني والديمقراطية” حول واقع المرأة في منظمات غير حكومية بالحسكة، تبين أن المرأة تواجه تحيزات في عمليات التوظيف، ويتجه الاختيار غالبًا نحو الرجال، ما يُسهم في استبعاد النساء من الفرص التنافسية بشكل متكرر.

هذا الإهمال يتسبب في نقص في كفاءة المرأة وفُرصها، ويمكن أن يكون ناتجًا عن عدم توفير الفرص للشباب لدخول سوق العمل واكتساب المهارات، وهو أمر لا يحدث بشكل كافٍ، بحسب البحث.

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن المنظمات المدنية في محافظة الحسكة لا تبادر بمشاريع جديدة لتمكين وتأهيل المرأة في مجالات العمل، ما يعوق تطوير مهاراتها ومشاركتها الفعالة في مختلف المجالات.

ويشدد البحث على أهمية تعزيز المساواة في فرص العمل، وتوفير الدعم اللازم لتمكين المرأة، خاصة في مجالات التأهيل المهني وتطوير المهارات.

ويُؤثر إهمال المرأة سلبًا على كفاءتها وفُرصها، وقد يكون هذا الواقع نتيجة لعدم منح الفرص للفئة الشابة من النساء للاندماج في سوق العمل واكتساب المهارات، وهو أمر يحدث بشكل محدود، بحسب البحث.

36% من العاملات ينشطن في الزراعة

تشير تقارير منظمة “الأغذية والزراعة العالمية” إلى أن معاملة النساء بالمساواة في الأنظمة الزراعية والغذائية قد تكون لها تأثيرات إيجابية هائلة على الاقتصاد العالمي.

وفقًا للتقرير الصادر في نيسان الماضي، فإن تحقيق المساواة في هذه النظم قد يعزز الاقتصاد العالمي بمبلغ تريليون دولار أمريكي.

ويشير إلى أن تحقيق المساواة الجندرية في هذه القطاعات يمكن أن يقلل من مستويات انعدام الأمن الغذائي، إذ يمكن أن يخفض عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بمقدار 45 مليون شخص.

ويظهر التقرير أن نسبة النساء العاملات في النظم الزراعية والغذائية تمثل 36% من إجمالي النساء العاملات حول العالم، مقابل نسبة 38% من الرجال، ومع ذلك، يعاني دور النساء في هذه القطاعات من التهميش، حيث يكون لديهن غالبًا ظروف عمل أقل استقرارًا مقارنة بالرجال.

وغالبًا ما يكون عمل النساء في هذه القطاعات غير منتظم، وقد يكون بدوام جزئي أو بمهارات منخفضة، أو مرتبطًا بأعمال يدوية.

وأضاف التقرير أن نسبة الأجور للنساء العاملات في الزراعة تعادل حوالي 82 سنتًا أمريكيًا مقابل كل دولار أمريكي يكسبه الرجال في هذا القطاع.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة