الغش وتباين الأسعار يزيدان العبء 

أجور الصيانة ترهق سائقي “العمومي” بالحسكة

أجور الصيانة ترهق سائقي "العمومي" بالحسكة

camera iconسيارات أجرة في مدينة القامشلي - ١٧ من كانون الأول ٢٠٢٣ (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

بعد خمسة أشهر من شرائه سيارة أجرة (عمومي) كمصدر دخل لعائلته المكونة من أربعة أفراد، قرر فهد الحسين (37 عامًا) من مدينة القامشلي بالحسكة، التخلي عن فكرة العمل عليها.

فهد قال لعنب بلدي، إنه وضع سيارته لدى مكتب بيع وشراء السيارات في المدينة منذ نحو شهر، وإنه مستعد لبيعها حتى لو كانت هناك بعض الخسائر، لأن العمل كسائق أجرة أصبح مشروعًا خاسرًا، جراء الارتفاع “الباهظ” في أسعار الصيانة والإصلاح وقطع الغيار وغيرها.

يعمل فهد منذ الصباح وحتى المساء، وأحيانًا في الليل، ويمكن أن يحصّل مبلغ 100 ألف أو 150 ألف ليرة سورية في اليوم الواحد (كل دولار يعادل 14250 ليرة).

وأوضح أن عطلًا مفاجئًا يكلف 50 دولارًا على أقل تقدير، إذا كان السائق محظوظًا، ليضع كل ما جناه خلال أسبوع أجور صيانة لمحال تصليح السيارات وبيع قطع الغيار والمحروقات.

ولفت إلى وجود مشكلة أخرى وهي تباين أسعار قطع الغيار بين مخزن وآخر، مع عدم مصداقية في التعامل، فبعض القطع التي يدعي أصحاب المخازن أنها أصلية (كورية أو يابانية) يتضح بعد التركيب أنها “تقليد”.

وشبّه فهد منطقة الصناعة بالقامشلي بأنها “مسلخ” ومكان لـ”التشليح”، خصوصًا إذا كان السائق حديث عهد بالمهنة ولا يعرف كيف يتعامل مع أصحاب المخازن ومحال التصليح، لافتًا إلى أنه سيتعرض لـ”النصب والاحتيال”، وبيعه القطع بأسعار “مرتفعة”، وأن لا رقيب على أصحاب مخازن قطع التبديل وورشات التصليح سوى “ضميرهم”.

عمر الكيرط (46 عامًا)، يملك سيارة أجرة (عمومي) من نوع “سابا” تبدو قديمة ومتهالكة وتعمل على خط “الكورنيش” في القامشلي، قال لعنب بلدي، إن أغلب سيارات الأجرة العاملة على الخط هي من هذا النوع وهي مفضلة للسائقين حتى وهي قديمة، لأن قطع الغيار متوفرة لها، وأرخص من السيارات الحديثة التي يستحيل أن تحقق دخًلا ماديًا في حال استثمارها كسيارات أجرة.

أضاف عمر أن بعض السيارات الحديثة تصبح قديمة ومتهالكة جدًا، لدرجة أنه لا يمر يوم دون أن تتعطل، ما يجبر أصحابها على الخروج من سوق العمل.

ذكر عمر أن أجرة الراكب الواحد تبلغ 1500 ليرة سورية، وسعة السيارة خمسة ركاب، وفي كل رحلة يحصل السائق على 7500 ليرة سورية، وفي اليوم الواحد ربما يصل المبلغ إلى 75 ألف ليرة سورية، فإذا ما تم حساب تكاليف المحروقات فلن يبقى للسائق شيء لتأمين قوت عائلته عند أي عطل طارئ.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، فإن بعض سيارات الأجرة يعمل عليها سائقون يحصلون على ربع العوائد من مالك السيارة الأساسي (25% من الدخل اليومي)، وفي هذه الحالات، فإن معاناة صاحب السيارة تكون أكبر في توفير قطع غيار لسيارته، وتأمين صيانة لها بأرخص الأسعار.

ونتيجة “كثرة السيارات المتعطلة”، ينتظر بعض أصحاب السيارات لأيام لحين الحصول على دور لدى “الميكانيكي”، ما يعني حرمانهم من الدخل طوال هذه الأيام.

لا قوانين تضبط الأسعار

أنس الحجي (39 عامًا) صاحب محل لبيع قطع غيار السيارات قال لعنب بلدي، إنه لا يوجد قانون لتحديد أسعار قطع الغيار، خصوصًا القطع الأوروبية المستعملة التي تدخل المنطقة عن طريق معبر “سيمالكا” قادمة من شمال العراق أو من منبج التي تأتي بدورها من تركيا عبر مناطق سيطرة المعارضة.

وأضاف أن قطع السيارات جميعها تباع بالدولار، وتتحكم حالة القطعة بالسعر، سواء كانت جديدة أو مستعملة وحسب حالتها الفنية، وبلد المنشأ وماركة السيارة، وتتراوح أسعار قطع الغيار بين عشرة دولارات و300 دولار، حسب نوع القطعة.

وبشكل عام، كلما كانت السيارة أحدث كانت قطعها أغلى، وتبديل مرآة سيارة حديثة أو أضوائها قد يكلف 100 دولار للقطعة الواحدة، وزوج الإطارات قد يكلف من 50 إلى 100 دولار، وفق “الميكانيكي”.

وقال عمر إن أصحاب محال بيع قطع تبديل السيارات يشترون هذه القطع غالبًا مما يعرف باسم “القصَّات” (سيارات أوروبية مقصوصة من المنتصف تصلح للاستخدام كقطع تبيل فقط)، وزيادة تكلفة نقلها ورسومها تؤدي إلى زيادة أسعار قطع الغيار.

وأوضح أن رسوم معابر “الإدارة الذاتية” تدفع على الطن، فكل طن من وزن الحمولة يكلف نحو 700 دولار أمريكي.

قطع الغيار على الزبون

عامر الجلو، صاحب ورشة صيانة في القامشلي قال لعنب بلدي، إن أصحاب الورشات يواجهون صعوبات في تأمين قطع الغيار بأسعار معقولة، وهذا يؤثر بشكل كبير على الخدمات التي يقدمونها للعملاء، لافتًا إلى أن السائقين يشعرون بالضغط المالي نتيجة لهذا الارتفاع، ولا يستطيعون تحمل التكاليف الإضافية.

وأضاف أنه يفضّل عدم تأمين قطع الغيار لأي زبون بنفسه، وإنما يطلب من صاحب السيارة تأمين القطع التي يحتاج إليها للتصليح والصيانة، وهكذا يتوقف الأمر على “شطارة الزبون” في تأمين قطع لسيارته بأسعار رخيصة من أي مخزن هو يختاره، ويأخذ صاحب الورشة أجرة اليد العاملة فقط.

وعن كثرة الأعطال، ذكر عامر لعنب بلدي أن السبب الرئيس هو رداءة المازوت والبنزين المستخدم الذي يسبب الكثير من المشكلات للمحرك، وبعد ذلك تأتي الحالة الفنية السيئة للطرق المليئة بالحفر والتشققات والمطبات التي تؤدي إلى تكسير السيارة.

وعن تكلفة فك وتركيب المحرك، قال إن ذلك يكلف بين 300 و500 دولار أمريكي، لأن أسعار اليد العاملة مرتفعة وكذلك الضرائب والرسوم التي تدفع للبلدية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة