"الرنين المغناطيسي" بـ800 ألف..

مرضى يستدينون لإجراء الصور الشعاعية في اللاذقية

من داخل أحد مخابر التصوير الشعاعي في مدينة اللاذقية – 29 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

camera iconمن داخل أحد مخابر التصوير الشعاعي في مدينة اللاذقية – 29 من كانون الأول 2023 (عنب بلدي/ ليندا علي)

tag icon ع ع ع

اللاذقية – ليندا علي

استدان عباس (41 عامًا)، موظف حكومي، مبلغ 500 ألف ليرة سورية ليتمكن من علاج والده بعد أن داهمته آلام في الركبة، ولم يعد يقوى على المشي.

طبيب العظمية أخبره أنه بحاجة لإجراء صورة شعاعية للركبتين من عدة اتجاهات، لمعرفة سبب الألم المبرح، وحين اصطحب عباس والده إلى أحد مراكز التصوير في مدينة اللاذقية، تفاجأ بالتكلفة وهي 225 ألف ليرة، ثم سألته موظفة المركز إن كان لا يزال يريد الصورة.

اعتذر الرجل إليها وأخبرها بأن المبلغ ليس بحوزته وقتها، فعاد إلى المنزل ليؤمّن المبلغ من صديق استدان منه 250 ألف ليرة وعاد لإجراء الصورة، التي أظهرت إصابة الوالد بالتهاب كبير سيضطر على إثره إلى تناول كثير من الأدوية والإبر ومتابعة العلاج لمدة عام كامل، وفي حال لم يستجب سيكون لزامًا عليه إجراء عملية تركيب مفصل، بتكلفة تصل إلى أكثر من 70 مليون ليرة.

قال عباس إنه ذُهل تمامًا من التكلفة العالية للتصوير الشعاعي، لتبرر له الممرضة سبب ارتفاع سعره بانقطاع الكهرباء، واعتمادهم على المحروقات المرتفعة الثمن في السوق السوداء، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأفلام ومستلزمات التصوير.

لن يستطيع عباس تأمين المبلغ الذي استدانه بسهولة، وهو عبارة عن 500 ألف ليرة، كل 250 ألفًا منها من صديق، وستضطر العائلة لبيع “بيدون” زيت من مؤونتها لدفع الديون واستكمال العلاج، فثمن الحقنة (الإبرة) الواحدة تجاوز الـ75 ألف ليرة، ويحتاج إليها مرة كل 15 يومًا، حتى مراجعة الطبيب بعد شهر ليقرر إما إكمال العلاج وإما الانتقال إلى علاج آخر حسب استجابة الجسم.

ويعد المبلغ مرتفعًا مقارنة بالوضع المعيشي والاقتصادي في اللاذقية وفي عموم سوريا، إذ لا يتجاوز متوسط الرواتب الحكومية في مناطق سيطرة النظام السوري 186 ألف ليرة (الدولار الواحد يساوي نحو 14500 ليرة).

800 ألف ليرة لـ”الرنين المغناطيسي”

نهاية تشرين الأول 2022، عانت إلهام (46 عامًا) من دوخة وتنميل في قدمها ويدها اليسرى، ما أثار مخاوفها لتتوجه إلى الطبيب الذي أخبرها بضرورة إجراء صورة رنين مغناطيسي سريعة للتأكد من السبب.

تقدمت إلهام بطلب لإجراء الصورة بشكل مجاني في مستشفى “التوليد والأطفال” الحكومي باللاذقية، وأعطوها موعدًا بعد شهرين ونصف بسبب الضغط الكبير لديهم، لكن وضعها لا يحتمل التأخير.

توجهت السيدة إلى أحد المراكز الخاصة في المدينة، وهناك تفاجأت بأن تكلفة الصورة التي تحتاج إليها 800 ألف ليرة، وهو مبلغ لن تحلم بامتلاكه على الإطلاق، فراتبها لا يتجاوز 250 ألف ليرة، إذ تعمل في أحد المطابخ الخاصة بالمدينة.

اضطرت إلهام للاحتيال على الأمر، واتفقت مع العامل في المركز على استخدام بطاقة التأمين الصحي الخاصة بشقيقتها الموظفة، مقابل أن تعطيه 50 ألف ليرة، ليوافق على طلبها وتبدأ إجراءات تقديم طلب للموافقة على الصورة، وترد شركة التأمين بالموافقة بعد يومين من تقديم الطلب، ودفعت إلهام 10% من قيمة الصورة (نحو 80 ألف ليرة)، يضاف إليها الـ50 ألفًا التي قدمتها للعامل في المركز.

وترتفع أجور التصوير الشعاعي بشكل كبير في عموم سوريا، ما يجعل زيارة مراكز التصوير الشعاعي عبئًا كبيرًا لمن يحتاج إليها، فمثلًا تبلغ تكلفة تصوير قدم لمعرفة إن كان هناك كسر فيها نحو 170 ألف ليرة، والصورة البانورامية للفك تصل إلى نحو 180 ألف ليرة، بحسب نوعها وعدد الأمكنة المراد تصويرها داخل الفم.

ورغم وجود خدمات التصوير الشعاعي في عديد من المستشفيات الحكومية في اللاذقية، فإن المشكلة بالضغط الكبير عليها واضطرار المريض للانتظار لوقت طويل لإتمام التصوير، بينما بعض الحالات تكون إسعافية لا تحتمل التأخير.

ولا تمنح المستشفيات الحكومية المرضى صورة مطبوعة، وبعد جهد كبير ربما يمنحهم عامل المركز الصورة على قرص مدمج أو “فلاشة” بأحسن الأحوال.

ويشهد القطاع الطبي في سوريا مشكلات عدة، منها نقص الرعاية والكوادر والخدمات الطبية المقدمة، وهجرة متزايد للأطباء إلى دول مختلفة، بالإضافة إلى ارتفاع أجور معاينة الأطباء وتفاوتها بين منطقة وأخرى، وارتفاع أسعار الأدوية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة