“ابن العم”.. عن الاعتقال و”المنفردة”

رياض الترك في لقطة من فيلم ابن العم (لقطة شاشة)

camera iconرياض الترك في لقطة من فيلم ابن العم (لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

سنوات طويلة في زنزانة انفرادية، اعتقال في عهد الشيشكلي والوحدة السورية- المصرية، ثم حافظ الأسد وبشار الأسد، تقدم صورة عن مرحلة طويلة من نصال وحياة السياسي السوري الراحل رياض الترك (1930-2024).

مطلع الألفية، وبعد خروج الترك من المعتقل، صوّر المخرج محمد علي الأتاسي فيلمًا تسجيليًا عن الترك، في ظل ظروف سياسية شديدة التعقيد في سوريا، ما بين انفتاح “صوري” سعى إليه الأسد الابن لتثبيت دعائم حكمه، وضغوط سياسية خارجية وداخلية، ونشوء المنتديات السياسية وإصدار مثقفين وفنانين سوريين ما عرف بـ”بيان الـ99″، ثم “بيان الـ1000”.

خلال سنوات الاعتقال، صنع الترك أشكالًا وصورًا متعددة من حبوب كان يجدها في طعام السجن، ومن هذه النقطة يبدأ الفيلم الذي يحمل اسم “ابن العم”، اللقب الذي عُرف به الترك لسنوات طويلة، في لقطة واسعة يظهر الترك وهو يصنع الأشكال نفسها، قبل الانتقال فورًا للقطة عامة لدمشق، ثم وهو يتحدث أمام الكاميرا، بغضب المعتقل والسجين الساعي للحرية من قلب البلاد.

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن، لماذا يعتمد المخرج على سرد سيرة ذاتية لشخصية كالترك بسطور مكتوبة إن كان الشخص المعني سيجلس أمام الكاميرا في المشاهد التالية ليتحدث عن نفسه؟

الفيلم أساسه وقوامه الصورة، والاعتماد على سرد سيرة ذاتية، ربما لم يكن أمرًا موفقًا من المخرج.

في المقابل، يحمل الفيلم أهمية تتعلق بالحديث عن مرحلة سياسية حساسة ومعقدة، على لسان أحد أبطالها، وبكلام يتعلق بالحقوق والضغط السياسي، وتركيز وإصرار دائم من الترك على التعامل بندية مع حافظ الأسد، لا ألقاب لدى الحديث عنه، اسمه الأول يكفي: “قرار خروجي من المعتقل بإيد حافظ”، “وأخدت قرار من محكمة النقض، شو رح يعمل حافظ هلق؟”، كانت تلك لغة الترك في الفيلم.

حاول الأتاسي في فيلمه الممتد لـ44 دقيقة تقريبًا الربط ما بين حياتين، حياة المعتقل، من خلال حديث الترك عن المعتقل، ومشاهدته وهو يرتب فراشًا بسيطًا في منزله، الذي يبدو بدوره وثيرًا مقارنة بالنوم على أرضية الزنزانة لسنوات طويلة.

ربما أنقذ الفن الذي حاول صنعه من خلال الحبوب رياض الترك من الجنون في “المنفردة” (زنزانة انفرادية) لسنوات طويلة، بنى خلالها علاقة معها، كأنها أصبحت صديقًا مقربًا يؤنس الوحدة وليالي السجن الطويلة والقاسية، تفاصيل أقرب للخيال رواها الترك في الفيلم الصالح للتذكير دائمًا بأن سوريا قبل الثورة “لم تكن بخير”، والعصافير لم تكن تزقزق أيضًا، وأن الأقبية كانت ممتلئة بالصرخات التي لم يسمعها أحد.

ليس الفيلم على سويّة عالية فنيًا، إلا أنه أدى الغرض منه، تسجيل لحظات من حياة “مانديلا سوريا”، في 2001، وخلال مرحلة سياسية حرجة، ليبقى وثيقة مهمة، وهو ما يغفر أي نقطة ضعف فيه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة