الزي الكردي.. التاريخ والهوية والألوان الزاهية

سيدات بالزي الكردي يشاركن في احتفالات عيد "نوروز" في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا- 21 من آذار 2023 (عنب بلدي)

camera iconسيدات بالزي الكردي يشاركن في احتفالات عيد "نوروز" في مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا- 21 من آذار 2023 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

ريتا أحمد – الحسكة

ترتبط الأزياء والملابس في كل منطقة بالحالة الثقافية لسكانها، ما يحدد مقدار معاصرة الصيحات والموضة في هذا الإطار، بالنظر إلى القدرات المالية والمستوى المعيشي والاجتماعي للفرد، إلى جانب التمسك بالزي التقليدي التراثي، الذي يسير بثبات نسبي عبر الزمن، فينتقل من جيل إلى آخر، دون تغييرات جوهرية تلغيه كتقليد يبرز في المناسبات الاجتماعية أكثر من الحياة اليومية، وهو ما ينطبق أيضًا على الزي الكردي.

همرين قدرو (31 عامًا) شابة من سكان مدينة القامشلي، تشير إلى أهمية الزي الكردي كعنصر حيوي للهوية والقومية لدى أبناء المجتمع الكردي، فلا يرتبط بصراعات سياسية مقدار ما يعكس حالة تمسك الفرد بالهوية، والولاء للانتماء.

“من يرتدي الزي الكردي، شبان وشابات من عامة الناس، لا ينتمون لتيارات سياسية، ولا يتخذون من لباسهم علامة أو إشارة على أي نوع من الاصطفاف السياسي”، وفق رأي الشابة التي ترى أهمية في امتلاك الفرد لزي واحد على الأقل يعبر عن هويته وقوميته، لارتدائه في المناسبات الثقافية والقومية والاجتماعية، وعلى وجه الخصوص عيد “نوروز”.

نوروز”.. ألوان زاهية

ويتميز زي “نوروز” بألوان زاهية حيوية ونقية للدلالة على مشاعر الفرح، والحالة الاحتفالية التي ترافقه.

ويحتفل الكرد سنويًا، في سوريا وكل أنحاء العالم بعيد “نوروز” الذي يعتبر بداية السنة الكردية، ويوقدون مشعل “نوروز”، ويخرجون إلى الأماكن الطبيعية، ويرافق ذلك طقوس من الرقص الفلكلوري الكردي، وقراءة الشعر والغناء.

كما تحتفي الأمم المتحدة في 21 من آذار، سنويًا، بـ “اليوم الدولي للنوروز”، لمشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبه، بعدما أقرت الأمم المتحدة هذه المناسبة يومًا دوليًا عام 2010، بمبادرة من عدة دول، منها أذربيجان، وأفغانستان، وألبانيا، وإيران، وتركيا، ومقدونيا، وطاجيكستان، وقيرغيزستان، وكازاخستان، والهند.

وتعني كلمة “نوروز” يومًا جديدًا، وهو يوم الاعتدال الربيعي باعتباره بداية العام الجديد، وهو احتفال قائم منذ أكثر من 3000 سنة في آسيا الوسطى، والبلقان، وحوض البحر الأسود، والشرق الأوسط، والقوقاز، ومناطق أخرى.

وشهدت هذه الاحتفالات الكردية ما قبل الثورة السورية حالة منع وتضييق أمني من قبل النظام السوري، لتتحول فيما بعد إلى الاحتفالات العلنية بصورة مهرجانية نسبيًا، إثر توجس وخوف طويل من إقلاق السلطة الأمنية المهيمنة والحاضرة في تفاصيل الحياة الاجتماعية للشعب، ما قبل 2011.

طفلة بالزي الكردي في احتفالات عيد "نوروز" بمدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا- 21 من آذار 2023 (عنب بلدي)

طفلة بالزي الكردي في احتفالات عيد “نوروز” بمدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا- 21 من آذار 2023 (عنب بلدي)

لوحة فنية

عميد جكر، من أهالي ناحية عامودا، يشير إلى أن اللباس التقليدي للرجال في المنطقة يتكون من “البشم والبركيز”، وهما “جاكيت” وسروال من نفس اللون، بمقاسات واسعة فضفاضة.

كما يرتدي الرجل قماشًا يجري لفه حول الخصر، ويعرف باسم “شوتك”، بالإضافة إلى تغطية الرأس بما يسمى “جمداني”، وهو من أغطية الرأس القماشية المرقطة.

الزي الكردي للرجل كان يصنع من صوف الخراف وجلد الماعز تحديدًا، قبل التحول نحو أقمشة معاصرة كالكتان والجوج، بما ينسجم مع حالة الطقس، وفصول السنة.

ياشنا كتو، خياطة من مدينة القامشلي، تشير إلى روعة زي المرأة الكردية، وتصفه بـ” اللوحة الفنية” التي تسر الناظرين بفضل ألوانه الزاهية وأقمشته البراقة، سيما فيما يتعلق بملابس النساء، والتي تتألف عادة من “دشداشة طويلة” (فستان)، طويلة تغطي أخمص القدمين، مع كمين طويلين يرتبطان بذيلين مخروطيين.

وتصنع “الدشداشة” من قماش شفاف إلى حد ما، مع خيوط حريرية ناعمة وتصاميم مختلفة من المنمنمات والزينة المعدنية البراقة.

وترتدي المرأة قميصًا داخليًا رقيقًا وحريريًا أسفل “الدشداشة”، بلون داكن يشكل أرضية لـ”الدشداشة”.

ويتميز الجزء العلوي من الزي بسترة قصيرة جدًا بدون أكمام، مصنوعة من أقمشة مغطاة بالزخارف والزينة المعدنية لإضفاء مزيد من الألق والجاذبية على الزي، بينما تستبدل السترة القصيرة بأخرى طويلة الأكمام في الشتاء.

ياشنا أشارت إلى أن الأقمشة تنوعت في السنوات الأخيرة، وكذلك التصاميم في ملابس المرأة، ما جعل الشابات مثلًا يلجأن إلى تفصيل فساتين خطوبتهن بطرق مختلفة عن المألوف، وأقمشة عالية الجودة والقيمة أكثر، تتنوع بين الحرير و”الدانتيل”، وأنواع أخرى، إلى جانب الزركشة اليدوية على الفستان والتي تتركز عادة على منطقة الصدر والأكمام والأكتاف، وبذلك تصل كلفة الفستان إلى نحو 100 دولار أمريكي، وقد تتخطى هذا المبلغ أيضًا.

اقرأ المزيد: اليوم الدولي للنوروز




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة