انتعاش السياحة الشتوية في بلودان.. ما التكاليف
شهدت السياحة الشتوية في عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام هذا العام عودة ملحوظة، بعد سنوات من غياب الإقبال عليها، إذ نشطت مؤخرًا الكثير من الإعلانات لحملات وبرامج للسياحة الشتوية والجبلية، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
وتعد مدينة بلودان في ريف دمشق التي تتمتع بطقس شتوي جذاب، من أبرز وجهات السياحة الشتوية، وتنظم الشركات المحلية عشرات الرحلات أسبوعيًا إليها، منها سياحية داخلية أو رحلات مدرسية، معظمها تنظم في أيام العطل.
كما تجري رحلات إلى المدينة من خارج سوريا، تنطلق من الأردن جماعيًا أو حتى فرديًا، بشكل يومي تقريبًا، لرؤية القمم المغطاة بالثلج والمطلة على سهل الزبداني.
تختلف خطة الرحلات وعدد ساعاتها والتكلفة من شركة لأخرى، إذ تتراوح تكلفة الرحلات المدرسية لدى بعض الشركات مثلًا من دمشق إلى بلودان بين 65 و160 ألف ليرة سورية، (تعادل 4.3 و10.8 دولار أمريكي)، وذلك باختلاف الأنشطة المرافقة للرحلة.
كما تقدم شركات أخرى خارج دمشق، مثل حماة ودرعا، عروضًا لرحلات شتوية إلى المدينة، تقدر تكلفتها بنحو 200 ألف ليرة، (تعادل 13.5 دولار أمريكي).
وتحدد الشركة الفعاليات المشمولة بالتكلفة، وتعلن بعض الرحلات تضمينها لوجبة طعام في إحدى مطاعم بلودان، وغالبًا ما يكون سعر الوجبات خارج تكلفة الرحلة.
الثلوج جاذبة
“المئات من العوائل ينطلقون إلى مدينة بلودان في فصل الشتاء لجمالية المناظر الخلابة للطبيعة المرتدية ثوبها الأبيض”، بحسب ما قالت سميرة البغدادي، لعنب بلدي، وفق ما لاحظته أثناء رحلة أجرتها منذ أيام.
وأضافت سميرة، وهي من سكان مدينة دمشق، أنها ذهبت إلى بلودان في رحلة لمدة يومين مع عائلتها لرؤية الثلوج وممارسة النشاطات المتعلقة بها، خاصة أن مدينة دمشق قليلًا ما تشهد تساقط الثلوج على عكس مدينة بلودان.
تبعد مدينة بلودان عن دمشق نحو 50 كيلومترًا، وتشتهر بجمال طبيعتها والإطلالات الساحرة على جبالها، بالإضافة إلى ينابيع المياه والأحراج دائمة الخضرة وغيرها، حيث تقع على ارتفاع 1550 متراً فوق سطح البحر.
وضحت البغدادي بأن تكلفة الرحلة ترتفع عند رغبة الشخص بتناول الطعام ضمن المطاعم، كون العديد من المطاعم تمنع إدخال الطعام من الخارج، وتبلغ تكلفة الإفطار من 40 إلى 50 ألف ليرة، (تعادل 2.707 و3.384 دولارًا أمريكيًا).
وتقدر تكلفة الغداء من 85 إلى 130 ألف ليرة سورية، تعادل (تعادل 5.753 و8.799 دولارًا أمريكيًا)، في حال تضمن الطلب وجبات خفيفة كالكرسبي، والشاورما، أو المعجنات وغيرها.
وتبلغ تكلفة الأركيلة 25 ألف ليرة، (تعادل 1.692 دولارًا أمريكيًا)، وتسعر المشروبات بأسعار مرتفعة أكثر من الأماكن الأخرى.
100 ألف زائر في يوم
رئيس مجلس بلدية بلودان، أكرم خوري، أكد انتعاش السياحة في فصل الشتاء، موضحًا أن مدينة بلودان لوحدها تستقبل 100 ألف زائر خلال يوم الجمعة فقط، بينما كانت تستقبل 5 آلاف شخص فقط قبل عام 2011، بحسب حديث مع إذاعة شام إف إم المحلية.
إلا أن السياحة في سوريا لم تعد أولوية للبعض، بسبب غلاء الوضع المعيشي على الأفراد، وضعف القدرة الشرائية عند البعض، وعدم كفاية الرواتب لتأمين أساسيات الحياة.
“كتير بتمنى اخد عيلتي ونطلع ونغير جو ويلعبوا بالتلج بس العين بصيرة والإيد قصيرة”، قال محمد مراد، من سكان مدينة دمشق، لعنب بلدي، معبرًا عن عدم قدرته على أخذ عائلته في رحلة إلى بلودان، ككل عام سابق.
وتتألف عائلة محمد من زوجته (تعمل ممرضة بإحدى المشافي الخاصة بدمشق) وطفلين، الأول بعمر السابعة والثاني بعمر الثانية عشر، بالرغم من كونه يعمل في محل لصيانة الهواتف، يصل راتبه نحو 700 ألف ليرة سورية.
بعد حساب تكلفة الرحلة من قبل محمد، فهي تزيد عن الـ 500 ألف ليرة سورية، مابين بنزين وتناول الطعام والشراب بسيارته الخاصة.
وأضاف محمد، أن باستطاعته الإستفادة من تكلفة الرحلة بأمور أكثر أهمية في المنزل.
ومن خلال أحدث زيادة في منتصف آب الماضي 2023، وصل الحد الأدنى لرواتب العاملين بالقطاع العام في مناطق سيطرة النظام إلى 185940 ليرة سورية، فيما يبلغ متوسط تكلفة المعيشة نحو 55 ضعف الحد الأدنى، وفق إحصائيات وتقارير متخصصة.
كما يعادل الحد الأدنى للرواتب بعد الزيادة نحو 13.3 دولار أمريكي، بالمقارنة مع سعر الصرف، إذ سجل سعر الدولار الأمريكي في دمشق 14575 ليرة سورية للشراء و14775 للمبيع، حسب موقع الليرة اليوم.
وفي منتصف عام 2023 الماضي، تجاوز متوسط تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد، وفق “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة”، حاجز ستة ملايين ونصف مليون ليرة سورية، فيما وصل الحد الأدنى إلى نحو أربعة ملايين و100 ألف ليرة سورية، ليتضح حجم الهوة التي تفصل الحد الأدنى للأجور عن متوسط تكاليف المعيشة الآخذة بالارتفاع باستمرار.
وعقب الزيادة تضاعف حجم هذه الاحتياجات، متأثرًا بارتفاع الأسعار الكبير المرافق لهذه الزيادة، إذ ارتفع متوسط تكاليف المعيشة إلى أكثر من 10.3 مليون ليرة سورية، فيما تضاعف الحد الأدنى لتكلفة المعيشة لنحو ستة ملايين ونصف مليون ليرة، وفق “مؤشر قاسيون”.
اقرأ أيضًا: “عطب اقتصادي”.. الاحتياج 55 ضعف حد الرواتب في سوريا
النظام يشجع
نهاية كانون الثاني، عقدت وزارة السياحة أول ملتقى للسياحة الشتوية والجبلية في منتجع نسمة جبل بريف اللاذقية، بهدف دعم وتشجيع السياحة الشتوية في المنطقة، بالإضافة إلى وضع الخطط التسويقية والإعلامية لزيادة الوعي بأهمية السياحة للبلد، وفقًا لما جاء في إعلان الملتقى.
ومن الجانب الأخر، تحدثت الوزارة عن زيادة البحث في سبل التعاون بين الجهات الحكومية المعنية بقطاع السياحة والقطاع الخاص أيضًا من مكاتب، وشركات، وفنادق، ومنشآت لتوفير عروض سياحية تناسب جميع امكانيات المجتمع واستقطاب السياح من الخارج أيضًا، إذ تعد السياحة من الموارد المهمة للدخل الوطني.
وأوضح وزير السياحة، محمد رامي مرتيني، أن السياحة تضم جميع الدعائم الوطنية، كصناعة الخدمات، والاقتصاد، والتنمية بحدّ ذاتها، وتتكامل السياحة مع كافة القطاعات الاقتصادية.
ولفت مرتيني في حديثه إلى تعدد أنماط السياحة، بالإضافة إلى تمتعها بأنواع عديدة لكافة المناطق في الساحل والداخل، مثل سياحة التسوّق، والسياحة العلاجية والطبيّة، وسياحة المؤتمرات والملتقيات وغيرها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :