“بابور” الكاز خيار “الحسكاويين” مع ارتفاع أسعار الغاز

صيانة "بوابير الكاز" في أحد شوارع القامشلي - 29 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

camera iconصيانة "بوابير الكاز" في أحد شوارع القامشلي - 29 من كانون الثاني 2024 (عنب بلدي/ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

الحسكة – مجد السالم

في ظل ارتفاع أسعار الغاز المنزلي إلى مستويات غير مسبوقة في محافظة الحسكة، يتجه السكان إلى بدائل للطهو عبر وسائل قديمة نشطت مؤخرًا ولقيت إقبالًا، منها “بابور” الكاز، رغم خطورته وأضراره.

وارتفعت أسعار أسطوانة الغاز شمال شرقي سوريا حيث تسيطر “الإدارة الذاتية” من 7500 ليرة سورية إلى نحو 150 ألف ليرة (عشرة دولارات أمريكية).

هاجر المحمود (41 عامًا) من القامشلي، قالت لعنب بلدي، إنها مجبرة على استخدام “البابور” بعد نفاد الغاز من الأسطوانة الأخيرة التي كانت تستعملها، لكنها تخشى استخدامه جراء ما سمعت عن قصص “كثيرة” من فقدان نساء لحياتهن حرقًا بعد انفجار “البابور”.

مع اقتراب موعد الغداء، تضع هاجر “البابور” على شرفة شقتها في الطابق الثاني، فالأدخنة السوداء التي تنبعث منه وصوته العالي المزعج يجعل “من الصعب” عليها استخدامه داخل المنزل، حتى لو كان الجو ممطرًا والطقس “شديد البرودة”.

وذكرت أن الخوف ينتابها حين استخدامه، لذلك تفضل أن يكون زوجها موجودًا في المنزل وقت استخدامه تحسبًا لأي طارئ.

وأضافت السيدة أن استخدام “البابور” متعب ويحتاج إلى حذر شديد، ويسبب تلف الأواني التي تحتاج إلى جهد مضاعف في عملية التنظيف من “الشحوار” الذي يلونها بالأسود.

إقبال بكثرة

في زوايا شوارع القامشلي، ينتشر عدة أشخاص يمتهنون حرفة صيانة وإصلاح المدافئ و”بابور” الكاز.

فاضل محمد (46 عامًا)، أحد عمال الصيانة، قال لعنب بلدي، إن عدد الراغبين في صيانة “بوابيرهم” ارتفع خلال الأيام الماضية “بشكل كبير”، وذكر أنه كان يستقبل من ثلاثة إلى أربعة زبائن يوميًا، بينما اليوم يستقبل نحو 25 زبونًا.

وأوضح أن “البابور” يحتاج إلى صيانة كل عادة أسابيع، لرداءة الوقود المستخدم، الذي غالبًا ما يكون كازًا مغشوشًا.

وذكر أن رداءة الوقود تسبب انسداد “رأس الاشتعال” في “البابور” وأحيانًا تلفه، وتتراوح أجرة صيانته بين 20 ألفًا و60 ألف ليرة سورية عند استبداله برأس مصنوع من النحاس.

“فقدت زوجتي بسبب البابور”

يعتبر سكان الريف الأكثر استخدامًا لـ”البابور” حتى قبل أزمة الغاز مؤخرًا، نظرًا إلى قلة الخدمات المقدمة في الريف، خصوصًا تأمين المحروقات والغاز المنزلي، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

ورغم الحاجة إلى “البابور”، يحجم بعض الأشخاص عن استخدامه، لأضراره وكثرة الحوادث السيئة المرتبطة به والمتداولة في الأرياف.

فاضل الحسين (35 عامًا)، من ريف بلدة الجوادية، يستذكر بألم زوجته التي فقدها منذ نحو عام جراء انفجار “بابور” الكاز.

وقال إن زوجته توفيت وتركت طفلين بعد انفجار “بابور” الكاز، بسبب استخدام وقود مغشوش، لذلك يرفض استخدامه مهما كانت الظروف.

وذكر أنه يفضل استخدام مواقد الحطب أو أي بديل آخر في الريف، حيث يسكن، لافتًا إلى أن استخدام “البابور” سبب المآسي له ولكثيرين في المنطقة، وترك لبعضهم حروقًا وندوبًا ترافقهم طوال العمر.

قنبلة موقوتة

عامل الصيانة فاضل ذكر لعنب بلدي أن “البابور” يمكن أن يتحول إلى قنبلة موقوتة إذا لم تجرِ صيانته “بشكل دوري”، لأن الكاز المستخدم عادة يكون من النوع التجاري سيئ الجودة.

وتابع أن بعض السكان يتصرفون عن جهل بـ”البابور”، ويقومون بخلط البنزين مع الكاز أو المازوت، وأحيانًا يضعون البنزين فقط من أجل جودة الاشتعال، والبنزين يعتبر خطرًا جدًا لأنه قابل للانفجار بأي وقت، خصوصًا عند ارتفاع درجة حرارة خزان “البابور” الذي يكون قريبًا من رأس الاشتعال.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي، فإن سعر ليتر الكاز ارتفع ليبلغ ستة آلاف ليرة سورية (سابقًا كان نحو 4000 ليرة) مع شح في المادة، لذلك يضطر السكان لشرائها من باعة يقفون على مفارق الطرقات، وهي مجهولة المصدر، وعادة ما تكون مغشوشة.

وارتفعت أسعار “البابور” ليتراوح سعر الواحد منها في السوق المحلية بين 200 ألف و350 ألف ليرة سورية حسب الحجم، بحسب رصد عنب بلدي، وبعضها خضع لعمليات تعديل كإبعاد خزان الوقود عن رأس الاشتعال باستخدام “خرطوم طوله متر واحد تقريبًا”، لمنع وصول الحرارة إلى الخزان وبالتالي زيادة الأمان.

بعض السكان لجؤوا إلى بدائل أخرى مثل “الطباخ الليزري” أو ما يعرف محليًا بـ”الليزرية”، لكن مشكلة انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وعدم وجود “أمبيرات” لتشغيلها بشكل دائم يجعل من الصعب الاعتماد عليها، ما يضطرهم للعودة مرة أخرى لاستخدام “البابور”.

ولم يقتصر استخدام “بابور” الكاز على العائلات، بل لجأت بعض المطاعم خصوصًا مطاعم الفلافل والفول والحمص إلى استخدامه كبديل عن الغاز الصناعي.

وارتفعت أسعار أسطوانة الغاز في الحسكة من 7500 ليرة إلى نحو 150 ألف ليرة، وذلك بعد الضربات التركية للمنطقة مؤخرًا، في حين بلغ سعر الأسطوانة في “السوق السوداء” نحو 500 ألف ليرة، وهو ما يعادل نصف الراتب الشهري لموظف “الإدارة الذاتية”، وضعفي راتب الموظف في دوائر حكومة النظام.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة