ماذا نعرف عن “الخالدية”.. أولى مجازر حمص في 2012

إحياء ذكرى مجزرة "الخالدية" وسط مدينة إدلب - 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

camera iconإحياء ذكرى مجزرة "الخالدية" وسط مدينة إدلب - 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

tag icon ع ع ع

أحيا ناشطون إعلاميون في مدينة إدلب مع مهجرين من مدينة حمص، فعالية في الذكرى الـ12 لمجزرة حي الخالدية التي ارتكبتها قوات النظام السوري، في 3 من شباط 2012.

منسق الفعالية الناشط الإعلامي طارق اللوش، قال لعنب بلدي، إن الفعالية جاءت لإحياء ذكرى المجزرة في حي الخالدية التي قتل فيها 52 شخصًا ونحو 200 جريح، وهي أول مجزرة تشهدها حمص وبقية المحافظات السورية التي انتفضت في وجه النظام.

وأضاف اللوش، وهو من حي الخالدية بحمص، أن قوات النظام قصفت الحي الذي يبلغ تعداد سكانه نحو 100 ألف نسمة من مواقعها في أحياء مجاورة، واستهدفت بشكل مباشر مظاهرة خرجت لإحياء ذكرى المجزرة التي ارتكبها حافظ الأسد في مدينة حماة عام 1982.

شهد الحي مظاهرة حماسية تزامنت مع انشقاقات في صفوف قوات النظام، وكان هناك حقد على حي الخالدية لأنه اُعتبر في ذلك الوقت صمام أمان للمظاهرات السلمية في حمص، وفق اللوش. 

بعد انتهاء المظاهرة، تفاجأ الأهالي بقصف الحي بقذائف الهاون، وخاصة أن المظاهرات كانت لا تزال سلمية ولا توجد مظاهر مسلحة، حيث قُصف الحي من عدة محاور من قبل حواجز قوات النظام المتمركزة في حيي الزهراء ووادي الذهب، وفي فرع المخابرات الجوية، وفق اللوش. 

إحياء ذكرى مجزرة "الخالدية" وسط مدينة إدلب - 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

إحياء ذكرى مجزرة “الخالدية” وسط مدينة إدلب – 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

تفاصيل عالقة في الذاكرة

وُصفت المجزرة بأنها الأولى في تاريخ الثورة السورية، والتي نفذتها قوات النظام في 3 من شباط 2012، حين قصفت مظاهرة خلال خروج أهالي الخالدية بجمعة “يا حماة سامحينا”  للتذكير بمجزرة حافظ الأسد، لتتحول المظاهرة لساحة من الدماء.

الصحفية عائشة صبري كانت شاهدة على المجزرة التي حدثت في حي الخالدية ومن الموثقين لها، وتصف لعنب بلدي أحداث المجزرة بقولها، إن القصف بدأ حوالي الساعة العاشرة ليلًا، واستمر قرابة الساعتين إلى ثلاث ساعات، وكان مكثّفًا في البداية ثم أصبح متقطعًا.

وأضافت صبري، أن أول قذيفة هاون سقطت قرب الحديقة المعروفة بـ”حديقة العلو” وهي الساحة المخصصة للمظاهرات، والتي أقام المتظاهرون فيها مجسمًا لساعة حمص، التي تعد رمزًا للثورة في المدينة لما شهدته من دموية قبل نحو عام من مجزرة الخالدية.

وأوضحت الصحفية أن حصيلة الضحايا ارتفعت إلى 52 مدنيًا بينهم طفل، موثقون بالاسم، مشيرة إلى أن الكهرباء كانت مقطوعة في الحي، والمساجد تصدح بالتكبير وتطلب من الأهالي النزول إلى الطوابق السفلية بالأبنية، إضافة إلى المطالبة بالتبرع بالدم.

وتابعت صبري، أن مستوصف الحي امتلأ وقتها بالمصابين لدرجة أنه لا يوجد مكان للمشي داخله، فتم تحويل قسم من الضحايا والمصابين لكثرتهم إلى مسجد “الإيمان”، الذي تحول إلى مستشفى ميداني بشكل عاجل. 

سبب ارتفاع أعداد الضحايا يعود إلى تجمّع الناس في مظاهرة مسائية، إضافة إلى عدم معرفة الناس بكيفية التصرف المناسب خلال القصف لأول مرة، حيث هرع معظم الأهالي إلى الشوارع ومنهم من قتل أو أصيب وهو يُسعف الجرحى.

إحياء ذكرى مجزرة "الخالدية" وسط مدينة إدلب - 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

إحياء ذكرى مجزرة “الخالدية” وسط مدينة إدلب – 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

“قلعة الثورة”

وصفت الصحفية عائشة صبري حي الخالدية بأنه كان يُمثل “قلعة الثورة” في مدينة حمص، من خلال المظاهرات والنشاطات الثورية بشكل شبه يومي، متذكرة الاعتصامات الأسبوعية عبر جلوس المتظاهرين في خيام وإنشادهم لأغاني الثورة.

ولفتت صبري أن النظام أراد من خلال المجزرة أن يسكت صوت أبنائه، ويردع بقية الأحياء في حمص وبقية المحافظات الثائرة ضده، لكن كان الرد على عكس ما تمناه حيث ازدادت وتيرة المظاهرات، وكان تشييع ضحايا المجزرة في اليوم التالي مهيبًا.

وفق ما ذكر مدير المكتب الإعلامي لتنسيقية حي الخالدية وقت حدوث المجزرة، الصحفي طارق بدرخان، لعنب بلدي، فإن أبرز أسباب ارتكاب قوات النظام للمجزرة، هي إيقاف المظاهرات السلمية ودفع الشباب إلى التسلّح، لتبرير عمليات قتل المدنيين وتهجيرهم والتنكيل بهم، بما أسماه النظام “الحرب على الإرهاب”.

ومن الأسباب وفق بدرخان، أن النظام ورئيسه بشار الأسد كانوا غاضبين من السوريين الذين ذكّروا المجتمع الدولي بمجازر أبيه حافظ وعمه رفعت في مدينة حماة بتاريخ 2 من شباط 1982، كون مجزرة الخالدية وقعت في ذات يوم مظاهرات جمعة “عذرًا حماة سامحينا”. 

وقال بدرخان، إن حي الخالدية وقت حدوث المجزرة، كان مركز المظاهرات في مدينة حمص وكان منشد الثورة الراحل عبد الباسط الساروت يقود المظاهرات وتظهر معه أحيانًا الفنانة الراحلة فدوى سليمان، بينما برزت حالة انشقاق عدد من عناصر حاجز “دوار القاهرة” في حي البياضة القريب من الخالدية، واتجهوا إلى حي الخالدية.  

معلومات مغلوطة

أوضح طارق بدرخان لعنب بلدي، أن التوثيق مهم جدًا لسرد تاريخ أحداث الثورة السورية بشكل صحيح، من أجل عدم نسيان جرائم النظام لمحاسبته، وذلك لورود الكثير من المغالطات في رواية الحدث، لافتًا إلى أن مجزرة الخالدية، وإلى اليوم تعاد معلومات خاطئة عنها.

وقال إن من أبرز تلك المعلومات هو أن القذيفة الأولى سقطت على منزل لعائلة “وشاح” وقضى منهم ستة أفراد، لكن في الحقيقة أن القذيفة سقطت بعيدة عن منزل العائلة بمسافة 200 متر، ولم يوثق وقوع ضحايا من هذه العائلة، إضافة إلى مزاعم دخول “الشبيحة وقوات الأمن” إلى حي الخالدية وذبح عائلات بأكملها في المنازل، وادعاء اقتحام قوات الأمن مستشفى ميداني في الحي وتدميره بالكامل.

إضافة إلى المبالغة بعدد الضحايا والقول إن حصيلة الضحايا 251 قتيلًا و1300 جريح، بالإضافة إلى تهدم 36 منزلًا فوق ساكنيها، وامتداد القصف والمجازر ليلتها إلى أحياء أخرى من حمص ليصبح مجموع قتلى تلك الليلة 330 مدنيًا بينهم الكثير من النساء والأطفال، فهذه كلها معلومات مكذوبة عن مجزرة حي الخالدية، وفق ما قال طارق بدرخان.

وتأتي الأهمية التاريخية لحي الخالدية من وقوع ضريح ومسجد الصحابي خالد بن الوليد فيه، الذي عادت إقامة الصلوات فيه، في 18 من حزيران 2021، بعد مرور عامين من انتهاء عمليات ترميمه بتمويل الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف.

وأُعلن عن افتتاحه في 20 من شباط 2019، في حين افتتح مهجرون من حمص، يوم 27 من تشرين الأول 2023، مسجدًا يحمل اسم الصحابي ذاته في قرية نيارة بريف اعزاز شمالي حلب.

وحي الخالدية القريب من أسواق مدينة حمص القديمة والحديثة، لا يزال يشهد تهميشًا حكوميًا عقب السيطرة عليه، قبل عشر سنوات، ولا تزال آثار الدمار في أرجائه شاهدة على مجازر قوات النظام وحلفائها.

اقرأ أيضًا: يوم لقبت بـ”عاصمة الثورة”.. هكذا واجه الأسد اعتصام حمص 2011




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة