المكفوفون في إدلب.. احتياجات تفوق الاستجابة

tag icon ع ع ع

بعيون لم تبصر النور وقلب يعتصره الحزن يبكي الطفل محمد وسيم المحمد، حال عائلته ومعاناتها من السكن في خيمة لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف وجل ما يتمناه السكن في شقة مسقوفة، ومتابعة دراسته لتحقيق حلمه في أن يصبح محاميًا يدافع عن قضايا المكفوفين.

يعاني المكفوفون في إدلب، شمال غربي سوريا، من محدودية دور المنظمات والجهات الداعمة التي تعنى باحتياجاتهم وعلاجهم والأدوية الخاصة بهم، بالإضافة إلى صعوبات بالغة في ممارسة حياتهم اليومية، سواء فيما يتعلق بالتعليم أو التنقل.

محمد طفل في العاشرة من العمر، يعاني فقدان بصر كلي، ويقيم مع أسرته المكونة من أربعة أشخاص في مخيم “عريبا” بين منطقتي حارم وسلقين، وهو مخيم بسيط من “الكرفانات”.

يدرس الطفل في مدرسة “الرواد” الخاصة بالمكفوفين في سلقين، ويتنقل بين المخيم والمدرسة، بواسطة سيارة خصصتها المدرسة للطلاب.

قال محمد، “نختنق من الحر صيفًا، ثم نتجمد من البرد في الشتاء، أتمنى أن أعيش في منزل عادي بدلًا من الخيمة”، موضحًا لعنب بلدي أن المخيم تعرض للقصف قبل عام.

“سكنت في مكاني رغم الخوف الشديد لأني لم أعلم في أي اتجاه يجب أن أهرب”، أضاف محمد.

وفي 6 من تشرين الثاني 2022، تعرضت مخيمات شمال غربي إدلب لقصف عشوائي بصواريخ محملة بقنابل عنقودية من قبل قوات النظام وروسيا أسفرت عن 6 قتلى مدنيين بينهم طفلان وإصابة أكثر من 75 آخرين بجروح وفق ما وثقه “الدفاع المدني“.

يدرس محمد في مدرسة خاصة بالمكفوفين، لكنها لا تتيح لغة “برايل”، أو كتبًا ومكتبات صوتية مخصصة للمكفوفين، ما يضطره للبحث عن شخص يتقن القراءة ليساعده في التعلم.

على حافة الهاوية

أكثر من 250 مكفوفًا جزئيًا على حافة فقدان البصر بشكل كلي مالم يتلقوا العلاج اللازم، لكن الإمكانيات اللازمة لعلاجهم غير متوفرة في الداخل السوري وبحاجة للسفر للخارج لإجراء عمليات جراحية بواسطة أجهزة طبية متطورة وفق ما ذكره رئيس الجمعية العامة للمكفوفين، عبد المعين أحمد ياسين، لعنب بلدي.

من جانبه، أوضح عبد الرزاق مرعدها (23 عامًا) أنه كان بصيرًا قبل تعرض منزله لقصف في عام 2018، ما أدى إلى حروق بالغة في وجهه وعيونه، وتسبب بفقدان إحدى عينيه، بينما تضررت الأخرى بشكل كبير ولا تزال مهددة بالعمى الكلي، مالم يتلقَ العلاج.

قال عبد الرزاق لعنب بلدي، “عيني بحاجة لإجراء تدخل جراحي عاجل لكن هذه الجراحة لا يمكن إجراؤها في الشمال السوري بسبب عدم توفر الإمكانيات الطبية اللازمة من أجهزة حديثة وخبرات طبية في هذا المجال”.

تلقى عبد الرزاق وعودًا من عدة جهات لمساعدته على السفر وتلقي العلاج في إحدى الدول الأوروبية دون ترجمة الوعود إلى أفعال، آملًا أن يتلقى العلاج قبل فوات الأوان لافتًا إلى أنه لا يعرف شكل ابنه ولم يره في حياته.

جمعية دون إمكانيات

تهميش المكفوفين والنقص الحاد بالخدمات والاحتياجات، كغياب مراكز تعليم لغة “برايل” والمكتبات الصوتية التي يحتاجونها للتعلم أو مراكز لتدريب وتأهيل المكفوفين لمهن تناسب إعاقتهم، والحاجة للأدوية ومتاجرة بعض الجهات بإعاقتهم، حدت ببعض الأشخاص المكفوفين المثقفين لتأسيس جمعية خاصة بهم.

عبد المعين أحمد ياسين، وهو طالب دكتوراه في العلاقات الدولية، قال إن الجمعية العامة للمكفوفين تأسست عام 2020، بهدف العمل على تلبية احتياجات المكفوفين وتمثيلهم بين مؤسسات المجتمع المدني.

وبلغ عدد المنتسبين للجمعية 2400 كفيف 50% منهم كفيف كلي و50% كفيف جزئي واستطاعت الجمعية تنفيذ بعض المشاريع الإغاثية البسيطة رغم غياب الجهات الداعمة واعتمادها على التبرعات من بعض المقتدرين، منها إيواء 60 عائلة لأشخاص كفيفين، في قرية “نور” السكنية التي كان مقررًا أن تؤوي جميع عائلات المكفوفين لولا توقف الدعم، وفق ما قاله رئيس الجمعية.

وأشار عبد المعين إلى أن أهم احتياجات المكفوفين الحالية العمل على تأمين مركز إيواء وتأمين مناهج تعليمية تباسب حالتهم، وإدماجهم في المجتمع وتعليمهم حرف ومهن يدوية تؤمن لهم دخلًا بسيطًا بالإضافة للعناية الطبية وإنقاذ المكفوفين جزئيًا قبل فقدان البصر بشكل كلي لبعضهم.

ويقيم في شمال غربي سوريا 4.5 مليون شخص، ويقيم في المخيمات مليونا شخص، بينما يعاني 3.7 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، ويبلغ عدد المحتاجين 4.1 مليون، وفقًا لـ”مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية“.

اقرأ المزيد: انقطاع الخبز والمياه عن مخيمات شمال غربي سوريا




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة