ما قصة وجود مقبرة جماعية في منطقة السيدة زينب بريف دمشق

صورة ملتقطة بالأقمار الصناعية من منطقة السيدة زينب بريف دمشق - 6 من كانون الأول 2022 (Samir)

camera iconصورة ملتقطة بالأقمار الصناعية من منطقة السيدة زينب بريف دمشق - 6 من كانون الأول 2022 (Samir)

tag icon ع ع ع

في 7 من نيسان الحالي، نشر حساب “Samir“، المهتم بتدقيق الخرائط العسكرية في سوريا، عبر “إكس”، صورًا ملتقطة بالأقمار الصناعية، مشيرًا إلى أنها مقبرة جماعية جنوب منطقة السيدة زينب في محافظة ريف دمشق.

وأضاف المنشور رابط فيديو نشر على “يوتيوب” في 19 من تموز 2012، يظهر فيه أشخاص يدفنون ضحايا في الركن الجنوبي الشرقي من المنطقة، قيل إنهم قتلوا في اليوم السابق على يد قوات النظام السوري في أثناء مهاجمته جنازة أخرى، ليضيف الموقع أن أكثر من 40 شخصًا دفنوا فيها.

في الوقت نفسه، نشرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، في 18 من تموز 2012، تفاصيل مجزرة وقعت خلال تشييع الشاب عبد الرحيم السمور في السيدة زينب، إذ قصفت طائرات النظام الحربية مئات المشيعين بغارتين.

ووفقًا للمعلومات المذكورة، حفرت في نفس المنطقة مقابر إضافية بوقت لاحق من عامي 2012 و2013، ويحاول النظام السوري منذ عام 2018 تغطية القبور فيها بشكل شبه كامل بالركام والقمامة.

“غياب الأدلة”

نشر حساب “Samir” صورًا بتواريخ مختلفة ملتقطة من الأقمار الصناعية وتعود أولاها إلى 30 من آب 2012، أي بعد الفيديو المعتمد عليه جزئيًا خلال التحليل بأكثر من شهر.

أما في 5 من كانون الأول 2022، فحدد حساب “Samir” وجود خمس مقابر جماعية، تُظهر تجمعات للنفايات وركام الأبنية حول المقابر بمنطقة السيدة زينب.

وعن صحة وجود مقبرة جماعية في المكان، قال مؤسس “رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا”، دياب سرية، لعنب بلدي، إن الأدلة القاطعة حول وجود مقبرة جماعية ومكب للنفايات والركام في المنطقة غائبة، إذ إن الرابطة منذ الإعلان عنها عملت على تحليل الصور ولم تجد أدلة واضحة.

ويتعارض ما ذكره حساب “Samir” مع صور الأقمار الصناعية التي رصدتها “رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا”، إذ أكد سرية أن القبور الموجودة فردية ولا يوجد خندق طويل، إضافة إلى أن بعضها يظهر على أنه مفتوح منذ سنوات وبعضها الآخر مغلق بشكل جزئي.

واعتبر سرية أن ما ذكر بشأن وجود مقابر جماعية “غير دقيق”، ويفتقر للمعلومات أو الشهادات من سكان محليين، وهو مبني فقط على صور الأقمار الصناعية غير الكافية.

وتابع سرية أن المقطع المُصور يظهر أهالي يدفنون القتلى بمقبرة جماعية ضمن خندق طويل، إضافة إلى غياب دليل واضح أن الموقع المحدد هو نفسه، وسط غياب الدقة بأن النظام السوري حولها إلى مكب للنفايات، في حين أن الصور تظهر عدم تغطيتها للمواقع المحددة بالصور على أنها مقابر جماعية.

طبيعة المكان

يعتمد النظام السوري نمطًا معينًا لإنشاء المقابر الجماعية الخاصة بالمعتقلين، إذ تكون عادة بجوار قطع عسكرية لتأمين الحماية لها، بحسب خبرة الرابطة والمعلومات المتوفرة لديها من عاملين سابقين بالجيش السوري أو المخابرات أو في مكتب دفن الموتى بالعاصمة السورية دمشق وشهود ناجين ومحليين، وفق سرية.

يبعد المكان المحدد وفق الصور الصناعية عن منطقة السيدة زينب نحو كيلومتر، ويقع بين الأبنية السكنية، بحسب ما تظهره خدمة خرائط “جوجل ماب”.

وعن طبيعة المكان المذكور أضاف دياب سرية أن الذهاب للمكان المُعلن من وسط السيدة زينب يعتبر صعبًا خاصة مع ضرورة العبور من الحارات الضيقة.

ونوه دياب سرية إلى أن الكشف على المقابر الجماعية دون توفر الأدلة الكافية يمكن أن يعود بالفائدة على النظام السوري، التي تتمثل بالعبث بالمقبرة وطمس الأدلة.

خوفًا من العقاب

المحامي والمختص بالقانون الدولي محمد قانصو، قال لعنب بلدي، إن النظام السوري يحاول تجنب الكشف عن المقابر الجماعية لإخفاء الأدلة خوفًا من العقاب وتجريمه بموجب القانون الدولي الإنساني وإصدار قرار بحقه من قبل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية.

وأوضح محمد فانصو، أن المقابر الجماعية جُرم في القانون الدولي الإنساني والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من خلال مؤتمر “روما” في 17 من تموز 1997.

بحسب ما تحدث به المحامي والمختص بالقانون الدولي، لا يستطيع النظام السوري إخفاء أو طمس الأدلة مهما فعل لثلاثة أسباب، أولها أن الأقمار الصناعية توثق التغيرات والحقائق، والثاني يندرج تحت أسماء الضحايا الموثقين من قبل الجمعيات والمنظمات الحقوقية التي تعنى بالأشخاص المختفين قسرًا أو الذين تأكدت وفاتهم.

وعن السبب الثالث قال محمد فانصو، إنه في حال دخول لجان دولية لتقصي الحقائق وخاصة من قبل الأمم المتحدة أو المحكمة الجنائية، يستطيعون عبر تحليل الأتربة ورفات الأموات (بقايا الميت وعظامه) التأكد من حقيقة المقابر.

يرى المحامي والمختص بالقانون الدولي محمد قانصو ضرورة تفعيل اللجان الحقوقية عبر إطار العمل القانوني المحترف ليشكل ضغطًا على النظام السوري حتى قبل الكشف عن المقابر أو توفر الأدلة الجنائية الكافية.

آلية الضغط على النظام السوري بموجب تقارير مرسلة إلى المقرر الدولي والأمم المتحدة بالمحكمة الجنائية الدولية، ورفع دعاوى بأسماء الأشخاص الذين تم توثيقهم كضحايا أو مختفين قسرًا، يمكن أن تؤدي إلى تشكيل اللجنة الدولية لجنة تقصي حقائق أو إصدار الأمم المتحدة قرارًا فيما يخص الموضوع، ما يسهم بدعم الأدلة المتوفرة لدى لجان التوثيق واللجان المعنية بالبحث عن الضحايا وتوثيقهم أو المعنية بتجريم النظام السوري ورفع دعاوى أمام الجهات الدولية لينال عقابه، وفق ما تحدث محمد قانصو.

ما جريمة الإبادة الجماعية؟

يختلف تعريف جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتحمل كل منها نظامًا قانونيًا مختلفًا وعقوبات مختلفة على المستوى الدولي.

تعرف الإبادة الجماعية بـ”قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، وإخضاعهم، عمدًا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا، وفرض تدابير تستهدف عدم إنجاب الأطفال داخل الجماعة، ونقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى”، وفق اتفاقية “منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقَبة عليها” الصادرة في 1948.

وتعدّ سوريا طرفًا من بين 140 دولة ضمن الاتفاقية، إذ صدّقت سوريا عليها عام 1955، ما يعني تعهدها بأن تتخذ التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام الاتفاقية، خصوصًا وضع عقوبات بحق المدانين بارتكاب الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقية.

وتنص الاتفاقية على وجوب معاقبة الأشخاص الذين يرتكبون الإبادة الجماعية أو الأفعال الأخرى المذكورة أعلاه، سواء كانوا حكامًا مسؤولين دستوريًا أو موظفين عامين أو أفرادًا.

وتُحيي الأمم المتحدة ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية، في 9 من كانون الأل من كل عام، بهدف زيادة الواعي باتفاقية “منع الإباد الجماعية”، والاحتفاء بدورها في مكافحة ومنع الجريمة وتكريم ضحاياها.

مقبرة “القطيفة”

نشرت “رابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا” صورًا التقطت بالأقمار الصناعية، كشفت فيها عن عمليات تجريف وتسوية في موقع لمقبرة جماعية بالقرب من مدينة القطيفة في محافظة ريف دمشق، في 30 كانون الثاني 2024.

وتقع المقبرة على بعد نحو 45 كيلومترًا شمال العاصمة، بالقرب من قيادة الفرقة الثالثة في جيش النظام السوري.

يرجح أن آلاف المعتقلين السياسيين الذي أعدموا أو ماتوا تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز موجودة جثثهم تحت المنطقة التي جرى تجريفها.

وأظهرت الصور التي يعود تاريخها إلى أوائل عام 2023، أعمال حفر واسعة النطاق وتسوية للأرض مع انقلاب التربة في الموقع، ويتبين أن عمليات التجريف بدأت نهاية صيف عام 2022، وانتهت في كانون الثاني 2023.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة