مع ارتفاع الأسعار وضعف القدرة الشرائية

العظام بديل اللحم في دمشق

مركز "السورية للتجارة" لبيع اللحوم في سوق باب سريجة بدمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

camera iconمركز "السورية للتجارة" لبيع اللحوم في سوق باب سريجة بدمشق- 3 من شباط 2024 (عنب بلدي/ سارة الأحمد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – سارة الأحمد

على “بسطة” للعظام في باب سريجة وسط مدينة دمشق، يقف خالد (60 عامًا) لا يحمل في جيبه سوى 25 ألف ليرة سورية، يحاول اختيار كيس من العظام عليه بقايا اللحم الضئيلة.

يعمل خالد موظفًا لدى مديرية المياه، لا يتجاوز راتبه 250 ألف ليرة سورية، متزوج ولديه ثلاث بنات إحداهن متزوجة، قال لعنب بلدي، إن اللحوم لم تدخل منزله منذ حوالي العام، إذ تعتمد عائلته على إضافة نكهة اللحوم إلى الطعام عبر وضع العظام فيها.

لا يشتري الرجل الستيني العظام إلا عند حاجتها أيضًا، ووفق الطبخة التي سيجري إعدادها، موضحًا أن ما دفعه لشراء المادة هذه المرة زيارة ابنته المتزوجة مع زوجها لهم.

يلجأ سكان مدينة دمشق لشراء العظام بديلًا عن اللحوم، وهي تباع ضمن الأسواق الشعبية كسوق “باب سريجة” وشارع “الدراويش” وغيرهما، مع غياب الرقابة التموينية تمامًا، ويتهافت الناس على شرائها، بينما يقف اللحامون على أبواب محالهم منتظرين زبونًا يشتري اللحم.

ويلجأ الناس لشراء العظام لرخصها وحاجتهم إليها في ظل ارتفاع أسعار اللحوم، إذ وصل سعر كيلو لحم الغنم إلى 220 ألف ليرة، وكيلو لحم البقر إلى 200 ألف ليرة، في ظل قدرة شرائية منخفضة تجبر الناس على تغيير نمط استهلاكهم الغذائي.

عظمة لكل طبخة

نوال (45 عامًا) من سكان دمشق، ربة منزل يعمل زوجها عامل نظافة (طلبت عدم ذكر اسمها الكامل)، قالت لعنب بلدي، إن عائلتها لم تتناول أي نوع من أنواع اللحوم منذ خمسة أشهر، فغلاء أسعارها لا يتناسب مع دخل زوجها الذي يتقاضى 200 ألف ليرة شهريًا، بينما يصل سعر كيلو عظام الغنم إلى عشرة آلاف ليرة سورية، ما يجعلها بديلًا جيدًا عن اللحوم.

وأضافت نوال أن العظام تعطي الطعام بعض الدسم، موضحة أنها تشتري نحو كيلوغرامين في الشهر الواحد، وتستخدمها في طهو الشوربات وبعض المأكولات التقليدية، إذ تطهو عظمة واحد من الكيلو في كل طبخة.

بدائل لحشوة “الكبة”

يعتمد سكان دمشق أيضًا على بعض البدائل التي لا يمكن التأكد من مدى نظافتها، كعظام الدجاج المطحون أو البطاطا المطبوخة مع الدهن، التي يستخدمها الأهالي لحشو “الكبة” و”السمبوسك”، ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منها 4000 ليرة سورية، كما يشتري البعض “نتر الدجاج” (العظم المفتت المخلوط مع الجلد والدهن).

لؤي (49 عامًا)، صاحب ملحمة في دمشق، قال لعنب بلدي، إن “نتر الدجاج” كان يؤخذ سابقًا للكلاب والقطط، إضافة إلى أرجل الدجاج وبقايا العظم والدهن، أما اليوم فزاد إقبال الناس على شرائه لتناوله بسبب غلاء أسعار اللحوم بأنواعها.

ويصل سعر كيلو “النتر” الى 40000 ليرة سورية، وأرجل الدجاج إلى 15 ألف ليرة.

كما أكد لؤي أن العظام كانت تستخدم سابقًا لكنها لا تباع، بل تطلبها العوائل الفقيرة فيتم إعطاؤها مجانًا، أما اليوم لكثرة الإقبال عليها بسبب غلاء اللحوم فأصبحت تباع على “بسطات” محال اللحوم.

وأضاف لؤي أن محله لا يدخله في اليوم الواحد سوى أربعة أو خمسة أشخاص ممن يطلبون أوقية اللحم أو نصف الأوقية، وكثيرًا ما يمضي اليوم كله ببيع كيلو واحد فقط من اللحم، وما تبقى يوضع ضمن براد خاص داخل المحل.

موسم تزاوج يرفع الأسعار

رئيس جمعية اللحامين بدمشق، محمد يحيى الخن، أكد بدوره أن الارتفاع الحاصل بأسعار اللحوم أثر في حجم البيع عند أغلب القصابين، مرجعًا أسباب ارتفاع الأسعار إلى قلة العرض تزامنًا مع بداية مرحلة التزاوج الانتقالية للأغنام، ومرورها في فترة الحمل والولادة التي تستمر ثلاثة أشهر، وفتح باب التصدير لأغنام الذكور الذي ضاعف من السعر بهذه الفترة المهمة من المرحلة الانتقالية، ليعلب هذان العاملان ببداية السنة الجديدة دورًا بارزًا في زيادة السعر، وفق قوله.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة