“خريف عُمر”.. ليت الدراما حقيقة

الممثلة السورية قمر خلف في أحد مشاهد مسلسل “خريف عمر”
tag icon ع ع ع

يقدم مسلسل “خريف عُمر”، وهو مسلسل سوري اجتماعي، صورة غير واقعية، لكنها مشتهاة في الوقت نفسه، عن نمط وطبيعة الحياة في سوريا، في زمن لا يبدو متصلًا بالحاضر بأي من عناصره المادية على الأقل.

الحكاية تنطلق من الحاضر لتعود تدريجيًا إلى الماضي، وفق خطين أو إيقاعين، أحدهما جميل يرتبط بالحنين والذكريات العذبة، والآخر قاسٍ يخفي تحت لثامه ملابسات جريمة قتل عادت لتطفو على السطح بعد عشرات السنوات.

والقضية أن “عُمر”، وهو محامٍ متقاعد، يهاجمه مرض ألزهايمر، ويترك له مساحات من حضور الذاكرة، فالمرض لا يزال في البداية، وفي لحظة صحو، يطالع الرجل رسالة قديمة كتبتها أخته، التي بدا قانونيًا أنها انتحرت، وفق تقرير للطبيب الشرعي، قبل سنوات طويلة، لكن الرسالة تتحدث عن جريمة قتل، واعتداء جنسي من قبل أكثر من شخص، وهو ما ساق لاحقًا إلى نهاية بشعة ومدبرة.

هذه الرسالة توقظ في الرجل مارد الانتقام، فالمحامي الخبير بالقانون، يدرك تمامًا أن آخر مكان لتحقيق العدالة هو أروقة المحاكم التي تدفن حقوق الناس، وتربط حقوقهم بجلسة نطق بالحكم كثيرًا ما تأتي متأخرة، بعدما فقد الحق جدواه، وتنفس الباطل الصعداء، هذا إن جاءت بالحق وسلمت من المحسوبيات والنفوذ فيما بعد.

جرائم متتابعة تحصل يجمع ضحاياها ولادتهم وانتماءهم لنفس القرية، لكن دون وجود رابط ملموس يدل على هوية القاتل، والتحقيق في القضية يصور الفروع الأمنية في سوريا وكأنها في بلد آخر، أو في سوريا مختلفة ربما، إذ تغيب عن أروقة ومكاتب هذه الفروع صورة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أو والده، كما يغيب العلم السوري، وعلم حزب “البعث”، وهي عناصر ديكور أساسية في الدوائر الرسمية السورية، منذ تولي الأسد الأب للسلطة في سوريا، مطلع سبعينيات القرن الماضي.

كما تبدي هذه الفروع المغلفة باسم الأمن الجنائي، وعلى خلاف الواقع، احترامًا للرأي العام، وتحسب حسابًا لوسائل الإعلام بصفتها سلطة رقابية على عمل غيرها، فيتكتم المذيع على مصادر معلوماته، ويحرج ضابطًا رفيعًا بسؤال غير متوقع، ويسبق الأمن لنشر معلومات حول قضية تشغل الشارع، وكل هذا يقابل بردود فعل منضبطة من الأمن، بما يجعل المشاهد يتمنى لو كانت الدراما واقعًا.

في المسلسل الذي ينتمي للأعمال الاجتماعية تركيز على مسألة الزواج بين المسلمين والمسيحيين، والعلاقات العاطفية بين أبناء هذين المكونين الاجتماعيين، وهي فكرة عولجت سابقًا في كثير من الأعمال، ومنها “أحلام كبيرة”، ليعكس استمرار الطرح استمرار الحالة أيضًا، مع تعويل أكبر على أجيال جديدة تنزع عن الموضوع “الهالة التحريمية” التي غلفه بها أهل الشاب أو الفتاة قبل زمن.

“خريف عُمر” مسلسل من 30 حلقة ببطولة جماعية قلّما يلمسها المشاهد في الأعمال المعاصرة التي يتصدر بطولتها نجم ما، إلى جانب بطل أو أبطال مساعدين، إذ شارك في العمل كل من سلوم حداد، والراحل أسامة الروماني، وتيسير إدريس، وحسن عويتي، ومعتصم النهار، وترف التقي، وقمر خلف، وعبد المنعم عمايري، وباسم ياخور.

المسلسل من إخراج المثنى صبح، وتأليف حسام شرباتي ويزن مرتجى، والمعالجة الدرامية من توقيع رانيا الجبان.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة