إيران تحيّد القواعد الأمريكية عن التصعيد في سوريا والعراق

طاشرة مسيّرة أطلقتها المقاومة الإسلامية في العراق باتجاه الجولان السوري المحتل- 7 من آذار 2024 (المقاومة الإسلامية/ تيلجرام)

camera iconطائرة مسيّرة أطلقتها "المقاومة الإسلامية في العراق" باتجاه الجولان السوري المحتل - 7 من آذار 2024 (المقاومة الإسلامية/تلجرام)

tag icon ع ع ع

منذ بداية التصعيد في الشرق الأوسط على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة، كانت القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق هدفًا متكررًا لهجمات ميليشيات موالية لإيران على مدار أشهر.

وبينما حاولت الولايات المتحدة مرارًا ثني الميليشيات عن استهداف قواعدها، عبر هجمات استباقية، وأخرى جاءت رد فعل على استهدافات، لم تتوقف الهجمات حتى مطلع شباط الماضي.

وفي الوقت نفسه، لا تزال هجمات أخرى مستمرة حتى اليوم من قبل الجهة نفسها ضد أهداف إسرائيلية في الجولان السوري المحتل، ومناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية، أحدثها أعلن عنها رسميًا في 8 من آذار الحالي، وطالت مصافي النفط في مدينة حيفا.

سبق ذلك بيوم واحد تبني “المقاومة الإسلامية في العراق” هجومًا قالت إنه استهدف “قاعدة المعلومات” شمال الجولان المحتل.

اليوم ومع دخول الشهر السادس من عمر الحرب الإسرائيلية على غزة، حصرت الميليشيات الموالية لإيران نشاطها في منطقتين رئيستين، هما البحر الأحمر والجنوب اللبناني.

هجمات “خلبية” ضد قواعد أمريكية

تكرر حديث مسؤولين بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عن أن القواعد الأمريكية في سوريا والعراق لم تتعرض لأي استهداف منذ مطلع شباط الماضي، عقب ضربات واسعة النطاق وجهتها الولايات المتحدة لميليشيات موالية لإيران في المنطقة، بينما لا تزال وسائل إعلام محلية تتحدث عن استهدافات شبه يومية لهذه القواعد.

أحدث التعليقات الصادرة عن الولايات المتحدة جاءت في 29 من شباط الماضي، من السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون”، بات رايدر، إذ قال إن القواعد الأمريكية لم تشهد أي هجمات منذ شهر، وأرجع ذلك إلى سببين، الأول أن هذه الاستهدافات خطرة، والثاني لكون القوات الأمريكية موجودة في المنطقة للتركيز على مهمة هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

رايدر أضاف أنه في حال عادت الهجمات أو التهديدات، “سنتخذ التدابير المناسبة لحماية قواتنا، كما فعلنا سابقًا”.

وفي 20 من شباط الماضي أيضًا، قالت نائبة السكرتير الصحفي لـ”البنتاجون”، سابرينا سينغ، خلال مؤتمر صحفي، إن أحدث هجوم تعرضت له القواعد الأمريكية سواء في سوريا أو العراق كان في 4 من الشهر نفسه.

وأضافت أنه تزامنًا مع توقف الهجمات في سوريا والعراق، ارتفعت وتيرة تحركات ميليشيا “أنصار الله” (الحوثيين)، في منطقة البحر الأحمر بالقرب من السواحل اليمنية، بهجمات طالت القوات الأمريكية وسفن الشحن التجاري.

ورغم أن التصريحات الأمريكية تفيد بتوقف الهجمات بشكل كامل عن قواعدها العسكرية في المنطقة، استمرت وسائل إعلام داعمة للنظام السوري، وأخرى إيرانية أو روسية بالحديث عن استهدافات للقواعد الأمريكية في سوريا والعراق، أحدثها في 28 من شباط الماضي، عندما قالت وكالة “نوفوستي” الروسية نقلًا عن مصدر لم تسمّه، إن قاعدة “حقل العمر” النفطي تعرضت لهجوم بالصواريخ والمسيرات، بحسب ما ترجمته قناة “روسيا اليوم“.

اقرأ أيضًا: استهداف القواعد الأمريكية في سوريا والعراق.. إعلانات “خلبية”

عقب حرب رسائل

تحييد القواعد العسكرية الأمريكية عن الهجمات، جاء بهدف ضبط التصعيد مع الولايات المتحدة انطلاقًا من نتائج ميدانية ملموسة لزيارة زعيم ميليشيا “فيلق القدس الإيراني” لبغداد، واجتماعه مع قادة غرفة عمليات “المقاومة الإسلامية في العراق”، بحسب ما يراه المحلل السياسي المتخصص بالشأن الإيراني، مصطفى النعيمي.

وقال النعيمي لعنب بلدي، إن التوقف عن استهداف القواعد الأمريكية حمل أيضًا خشية من استمرار الردود الأمريكية التي قد تؤدي إلى اقتلاع المراكز العسكريه للميليشيات الموالية لإيران لا سيما بعد غارات أمريكية نفذتها القاذفات الاستراتيجيه “B-1 LANSERR”، وحملت معها رسائل باحتمالية التصعيد.

جولة القصف الأمريكي تزامنت مع الحديث عن خطة أمريكية تشمل استهداف قواعد داخل إيران، خصوصًا بعد استخدام منصات إطلاق صواريخ “فاتح 110” لضرب محيط مبنى القنصلية الأمريكية بمحافظة أربيل شمالي العراق.

المقاومة الإسلامية” هي تحالف من الفصائل العسكرية التي تشير إليها الولايات المتحدة على أنها وكيلة لإيران، وتنتشر في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي المسؤولة عن معظم الاستهدافات التي طالت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق منذ منتصف تشرين الأول 2023.

النعيمي يعتقد أنه حتى نوع الأسلحة التي استخدمتها الولايات المتحدة في قصفها بالعراق وسوريا كان يحمل رسائل لإيران باحتمالية التصعيد، بالوقت نفسه أرسلت إيران رسائلها أيضًا.

وأضاف أن صواريخ “خيبر” التي أطلقتها طهران من الأحواز باتجاه شمالي العراق وسوريا قطعت أكثر من 1200 كيلومتر، وهي رسالة لتل أبيب وواسنطن مفادها “قد نضطر لتغيير قواعد الاشتباك في حال استمرار إسرائيل بعمليات اغتيالات الخبراء والمستشارين في (الحرس الثوري) بسوريا ولبنان”، وبالتالي دفع الولايات المتحدة وإسرائيل لتغيير قواعد الاشتباك مع إيران ومحورها.

ما علاقة قاآني

في 18 من شباط الماضي، قالت وكالة “رويترز“، إن الجماعات المسلحة العراقية خففت من الهجمات على المصالح الأمريكية بناء على طلب موجه من قائد “فيلق القدس” الإيراني، إسماعيل قاآني.

وأضافت نقلًا عن مصادر إيرانية وعراقية متعددة لم تسمّها أن زيارة قاآني لبغداد أدت إلى توقف الهجمات على القوات الأمريكية، بسبب أن طهران تريد منع نشوب صراع أوسع نطاقًا.

الوكالة قالت نقلًا عن مصادرها، إن قاآني التقى بممثلي العديد من الجماعات المسلحة بمطار بغداد في 29 من كانون الثاني الماضي، بعد أقل من 48 ساعة من إلقاء واشنطن اللوم على الجماعات المسلحة في مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في موقع “البرج 22” في الأردن.

وكان موقف قاآني يرتكز على أن “سفك الدماء الأمريكية قد يؤدي إلى رد أمريكي عنيف”.

“رويترز” نقلت عن قائد “كبير” في إحدى الجماعات المسلحة العراقية المتحالفة مع إيران أنه “لولا التدخل المباشر لقاآني لكان من المستحيل إقناع (كتائب حزب الله) بوقف عملياتها العسكرية لتهدئة التوتر”.

المحلل السياسي مصطفى النعيمي قال لعنب بلدي، إن إيران تلجأ اليوم لاستثمار مناخ الهدوء النسبي مع الولايات المتحدة لتعزيز قدرة مصداتها العسكرية في العراق وسوريا ولبنان.

وأضاف أن الهدوء الحالي قد يساعد طهران على إيجاد طرق جديدة لتهريب الأسلحة بالتجزئة إلى سوريا ولبنان، عبر خزانات النفط.

بينما لم تتوقف الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية إيرانية، ومن تصفهم طهران بـ”المستشارين العسكريين” التابعين لها في سوريا.

وفي تشرين الثاني 2023، قال السكرتير الصحفي لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، العميد بات رايدر، إن وكلاء إيران يستغلون “الحرب” الدائرة في غزة لدفع أمريكا نحو الانسحاب من سوريا والعراق.

وأضاف في مؤتمر صحفي مسجل، أن وكلاء إيرانيين يحاولون الاستفادة من الحرب في غزة لتحقيق أهدافهم الخاصة.

وفي حالة العراق وسوريا، تطمح هذه الجماعات منذ فترة طويلة لرؤية القوات الأمريكية تغادر، بحسب رايدر، مشيرًا إلى أن وجود قوات بلاده في العراق جاء بدعوة من الحكومة العراقية، ويركز فقط على هزيمة تنظيم “الدولة”، دون الإشارة إلى مبررات انتشارها في سوريا.

رايدر اعتبر أن الحرب الدائرة في فلسطين تم احتواؤها، لكن وكلاء إيران مستمرون بمحاولات استغلال الموقف.

هجمات أمريكية متكررة

في 2 من شباط الماضي، بعد استهدافها 85 موقعًا في سوريا والعراق، قالت واسنطن إنها ضربت مراكز القيادة والسيطرة ومنشآت المخابرات ومرافق تخزين أسلحة تستخدمها ميليشيات مدعومة من إيران لمهاجمة القوات الأمريكية وقوات التحالف.

المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، قال عقب الاستهدافات نفسها، إن بلاده ضربت أهدافًا من شأنها أن تؤثر على قدرة الميليشيات الموالية لإيران على شن ضربات مستقبلية ضد الأمريكيين، بحسب مؤتمر صحفي مسجل نشره “البيت الأبيض“.

ونقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين أمريكيين، أن الولايات المتحدة تقدّر أن إيران هي التي صنعت الطائرة من دون طيار التي هاجمت القاعدة الأمريكية، وتسببت بمقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة ما لا يقل عن 40 آخرين.

وجاءت الهجمات الأمريكية ردًا على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وجرح أكثر من 40 آخرين في نقطة عسكرية تعرف باسم “البرج 22” على المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة