لا أثر فوري..

تقارير “مجلس حقوق الإنسان”.. تهيئة لمستقبل المساءلة بسوريا

اجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (الأمم المتحدة/أرشيف)

camera iconاجتماع لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (الأمم المتحدة/أرشيف)

tag icon ع ع ع

تواظب لجنة التحقيق الدولية، التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، بخصوص سوريا على إعداد تقارير تسرد فيها نتائج تحقيقات أعضائها في مختلف مناطق السيطرة على الجغرافيا السورية.

وترصد تقارير اللجنة بشكل مستمر انتهاكات سلطات الأمر الواقع، والنظام السوري، إذ تسرد في كل تقرير لها جملة من الانتهاكات، منها الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والتعذيب في السجون، وممارسات أخرى تقول إنها ترقى لجرائم حرب.

تقارير اللجنة نفسها تقدم لاحقًا لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لكن، لم يلحظ السوريون أثرها الفعلي على الأرض، بينما يعتبر متخصصون أن هذا النشاط مهم جدًا لمستقبل المساءلة في سوريا.

أحدث هذه التقارير صدر عن اللجنة، الاثنين 11 من آذار، جاء فيه أن أطراف النزاع شنت هجمات ضد المدنيين على جبهات متعددة، كما استهدفت المرافق الأساسية بأشكال من المُحتمل أن ترقى إلى جرائم حرب.

وشمل تغطية لأبرز الانتهاكات التي ارتكبتها مختلف سلطات الأمر الواقع في سوريا.

ما أهمية نشاط اللجنة؟

تأسست لجنة التحقيق الدولية عام 2011، وبدأت نشاطها مباشرة عبر إصدار تقريرين سنويًا، يرصدان الانتهاكات التي تقف خلفها قوات النظام السوري، وتوسعت لاحقًا لتشمل انتهاكات ارتكبتها أطراف أخرى.

ورغم مرور سنوات على هذا النشاط، لم يلحظ السوريون نتيجة قد تسلط الضوء على أهميته، لكن القاضي أنور مجني قال لعنب بلدي، إن هذه اللجنة هي أهم خطوة حصلت في الحالة الحقوقية السورية.

وأضاف أن أهمية اللجنة تكمن بكونها تحمل ولاية واضحة، ومنشأة من جهة أممية، وتملك تكليفًا ومهام واضحة ومحددة، إلى جانب أن القائمين على عمل هذه اللجنة، هم من أبرز الشخصيات الحقوقية في العالم، مثل رئيس اللجنة باولو بينيرو، بحسب مجني.

ويرى مجني أن أهمية هذه التقارير من قسمين، الأول تحديد المنتهكين، والثاني هو رسم السياق السوري.

وأرجع القاضي السوري أهمية هذه التقارير إلى أن السوريين سيختلفون مستقبلًا حول كيف حدث النزاع في سوريا، ولماذا حدث، وماذا حدث، وهو ما يسلط الضوء على ضرورة وجود جهة حيادية تكتب السردية السورية.

ويمكن من خلال مراجعة تقارير لجنة التحقيق الدولية، يمكن ملاحظة أن تقاريرها لا تتحدث فقط عن انتهاكات، إنما تشير إلى سياق الأحداث في الكثير منها، بالتالي فإنها تبني سياقًا للأحداث في سوريا كجهة حيادية وهو أمر “بالغ الأهمية”.

ومن جهة أخرى تملك لجنة التحقيق معايير دقيقة جدًا، إذ ينظر إلى الانتهاكات التي توثقها على أنها صادرة عن جهة حيادية أولًا، واحترافية ثانيًا، خصوصًا مع حالة الشك التي تحملها الأطراف السورية، والمنظمات المحلية بحيادية العمل الحقوقي بحكم الشروخات التي أصابت المجتمع السوري مع مرور الوقت.

كم “هائل” من الانتهاكات

على مدار 13 عامًا، تمكنت اللجنة من إحصاء انتهاكات نفذتها أطراف عديدة في سوريا، منها محلية وأخرى أجنبية، وهو ما وصفه القاضي مجني بأنه “كم هائل من الانتهاكات موثق من قبل اللجنة”، لكن طبيعة تناول هذه الانتهاكات والمسؤولين عنها تغيرت مع مرور الوقت وظهور أطراف جديدة، وتدخل قوات أجنبية في سوريا.

وأضاف أن التقارير الأولى التي صدرت عنها كانت محصورة بالانتهاكات التي نفذتها قوات النظام السوري، لكنها بدأت لاحقًا تتحدث عن أطراف أخرى مثل “حزب الله”، ثم شملت فصائل المعارضة.

مجني لفت إلى أن آلية عمل اللجنة تحولت لاحقًا للتركيز على كل منطقة على حدة، وإحصاء الانتهاكات فيها، إلى جانب أنها باتت تملك آلية لرصد انتهاكات كل سلطة على حدة، فهي تملك اليوم فريقًا يوثق انتهاكات “الجيش الوطني”، وآخر لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، كما النظام السوري و”هيئة تحرير الشام”.

وفي كل تقرير تصدره اللجنة، تقسم فيه الانتهاكات بناءً على مناطق السيطرة الجغرافية لكل سلطة على حدة، إذ تتضمن التقارير انتهاكات “قسد” وحدها، ومثلها لـ”الجيش الوطني” و”تحرير الشام” والنظام.

وتتضمن هذه التقارير عمليات الاعتقال والإخفاء القسري التي ترتكبها جميع الأطراف في سوريا، إلى جانب استهداف المدنيين والمنشآت الخدمية والبنى التحتية في سوريا.

لا أثر فوري.. توثيق للمستقبل

لم يكن للجنة التحقيق الدولية تأثير فوري على جهات السيطرة في سوريا، التي صارت انتهاكاتها شبه يومية، علمًا أن عمر اللجنة اليوم شارف على الـ13 عام، رصدت خلالها انتهاكات مختلفة الأنواع والأشكال.

وبينما يخفى أثر هذا النشاط على غير المتخصصين، ينظر لها من وجهة نظر حقوقية على أنها ذات أهمية لتوثيق الانتهاكات، إذ تعتبر هذه التقارير مرجعًا موثقًا وموثوقًا لأي اجراء قد يتخذ بحق الجهات المرتكبة للانتهاكات لاحقًا، بحسب ما يراه الحقوقي السوري، ومدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، بسام الأحمد.

الأحمد قال لعنب بلدي، إن أي جهة تريد اتخاذ خطوة ما في سوريا، يتوجب عليها الاعتماد على معلومات موثقة، وهو ما توفره تقارير لجنة التحقيق الدولية، خصوصًا وأنها لجنة أممية تتبع للأمم المتحدة، لكن لن يبنى على هذه التقارير أي إجراء فوري.

وأضاف أن هذا النشاط الأممي لا يهدف بالضرورة إلى إلحاق الضرر بسلطات الأمر الواقع في سوريا، بقدر ما يهدف إلى إعادة الحقوق المسلوبة من الأفراد.

الأحمد اعتبر ان موضوع التوثيق قد يبدو أنه غير مجد، خصوصًا بالنسبة لأصحاب الحقوق المسلوبة من السوريين، لكن على المدى المتوسط والبعيد سيساهم هذا التوثيق بإحداث فرق في المسار الحقوقي.

القاضي أنور مجني اعتبر أن المسار الحقوقي يُقاد من قبل مسار سياسي يصاحبه، وترتبط رؤية نتائج نشاط لجنة التحقيق الدولية بإيجاد حل سياسي في سوريا، إذ ستكون محل بحث وقد تتحول لمسار محاكمات.

ولفت مجني إلى أن لحنة التحقيق تشارك تقاريرها مع الآلية المستقلة والمحايدة التي تساهم بتزويد مكاتب جرائم الحرب في الدول الأوروبية، بمعنى أن هذه التوثيقات بدأت تصل إلى القضاء في الدول الأوروبية.

وأشار إلى أنه في ظل عدم وجود قضاء مستقل، وعدم الوصول لعملية انتقال سياسي للسلطة، لا يمكن البدء بمسار تقاض سوري، لكن يمجرد إتاحة الفرصة أمام بدء هذا المسار ستكون تقارير لجنة التحقيق “كنزًا مهمًا لتحقيق العدالة ومحاسبة المنتهكين”.

  ستكون هذه المعلومات موثقة وموجودة للتاريخ، وستثبت الانتهاكات التي ارتكبتها الأطراف في سوريا، ولن تسمح بتصنيف منتهكي الحقوق على أنهم أبطال حرب.

بسام الأحمد.

مدير منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”

مرتكبو الانتهاكات غير مهتمين

التقرير الأحدث للجنة التحقيق الدولية أشار إلى جملة من الانتهاكات ارتكبت في مناطق السيطرة الأربع في سوريا، إذ تحدث عن أن “هيئة تحرير الشام” واصلت ارتكاب أعمال ترقى إلى التعذيب وسوء المعاملة والحرمان غير القانوني من الحرية، في ظل وجود تقارير تفيد بحالات إعدام بناء على أحكام موجزة مقترنة بتهم تشمل الشعوذة والزنى والقتل.

وأشار التقرير إلى أن العديد من المنظمات النسائية علقت أنشطتها في المنطقة بسبب التهديدات، ومنع التراخيص المطلوبة من طرف “تحرير الشام” أو تأخير إصدارها.

وتواصلت عنب بلدي مع “الهيئة” للحصول على تعليق حول هذه الاتهامات، ولم تحصل على رد في هذا الصدد.

وفي المناطق الخاضعة لسيطرة “الجيش الوطني السوري”، بأرياف محافظة حلب الشمالية والشرقية، استمرت أعمال التعذيب وسوء المعاملة في العديد من مرافق الاحتجاز، بحسب التقرير، وواصلت بعض فصائل “الوطني” مصادرة الأراضي ومحاصيل الزيتون التي تعود إلى أصحاب الأراضي.

ولم تحصل عنب بلدي أيضًا على إجابة حول المعلومات التي تتحدث عن انتهاكات فصائل “الجيش الوطني” حتى لحظة تحرير هذا الخبر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة