إنترنت رأس العين وتل أبيض.. جودة منخفضة وتكاليف مرتفعة

لواقط وأبراج عشوائية لتشغيل الشبكات في مدينة رأس العين - 10 حزيران 2025 (عنب بلدي)

camera iconلواقط وأبراج عشوائية لتشغيل الشبكات في مدينة رأس العين - 10 حزيران 2025 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

يشكو سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض، شماليّ سوريا، من ضعف خدمات الإنترنت وسرعة الاتصال، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى الشبكة سواء للعمل أو التعليم أو التواصل مع الأقارب في الخارج.

ويعتمد الأهالي بشكل رئيس على الشبكات الخلوية التركية لتأمين الاتصال، لكن الإشارة غالبًا ما تكون ضعيفة ومتقطعة، خاصة في الأحياء البعيدة عن الحدود.

وبحسب رصد عنب بلدي لأسعار باقات الإنترنت في رأس العين وتل أبيض، بلغ سعر باقة 1 ميجابت 10 دولارات أمريكية (100 ألف ليرة سورية)، وسعر باقة 4 ميجا 14 دولارًا.

وتتوفر باقة 8 ميجا بسعر 20 دولارًا، وباقة 10 ميجا مقابل 25 دولارًا، أما باقة 20 ميجا فتصل إلى 30 دولارًا كحد أقصى.

وتعد الأسعار مرتفعة مقارنة بالخدمة المقدّمة، والأجور اليومية للعمال في المنطقة، التي تتراوح بين 80 و100 ألف ليرة سورية يوميًا (الدولار الواحد يعادل نحو 10,000 ليرة).

تعطيل أعمال السكان

أثّر ضعف الإنترنت سلبًا على أعمال غالبية سكان رأس العين وتل أبيض، خاصة ممن يعملون عن بعد أو يستخدمون تطبيقات الدفع والتوصيل، ما تسبب بخسارة فرص وتعطيل للمهام اليومية.

يواجه مازن الأحمد، من تل أبيض ( 28 عامًا)، صعوبات يومية في عمله بمحل بيع الهواتف بسبب الانقطاعات المتكررة للإنترنت، ما يعيق تعبئة الرصيد وصيانة الأجهزة التي تتطلب اتصالًا مستمرًا بالشبكة.

يدفع الأحمد 20 دولارًا شهريًا مقابل سرعة إنترنت لا تتجاوز 8 ميجابت في الثانية، ويصف الخدمة بأنها سيئة ولا تستحق هذه التكلفة.

وطالب المجلس المحلي بوضع حدّ معقول لأسعار الإنترنت، وضبط جودة الشبكة، وتشغيل الخط الأرضي (الفايبر) لتأمين اتصال ثابت وبأسعار مناسبة للسكان.

من جانبه، لجأ خالد العيسى، من سكان رأس العين (36 عامًا)، إلى شراء لاقط خارجي وكابل بتكلفة 100 دولار، لتأمين اتصال منزلي بالإنترنت بعد فشل الخيارات المتاحة في تلبية حاجاته.

وأوضح أنه يدفع شهريًا 12 دولارًا مقابل سرعة لا تتجاوز 1.5 ميجابت في الثانية، وهي سرعة تكاد لا تكفي للاستخدامات الأساسية مثل تصفح البريد ومكالمات الفيديو.

ويعتمد العيسى على الإنترنت في إعطاء محاضرات لطلاب عن بُعد لتأمين دخل يساعده بجانب عمله في التعليم، لكن ضعف الشبكة يعيق جودة الدروس بسبب الانقطاعات المتكررة، مما يؤثر سلبًا على الطلاب.

وذكر أنه تواصل مع شركة الإنترنت التي تزود منزله عدة مرات، لكنه لم يلحظ أي تحسن في جودة الخدمة أو استقرارها.

ويشتكي السكان من عدم استجابة الشركات الخاصة في رأس العين لمطالب تحسين جودة خدمة الإنترنت، رغم تكرار الشكاوى، ما يزيد من معاناة الأهالي ويتركهم دون حلول فعالة لتحسين الاتصال.

ويجري تحديد الأسعار من قبل الشركات الموردة للإنترنت وفق اتفاقيات بين المورد والموزع المحلي، إذ يعتبر الموزعون المحليون المستفيد الأول من ارتفاع الأسعار، ويحصلون على أرباح أكبر كلما ارتفعت الأسعار.

جهاز لأحدى شركات الانترنت في رأس العين - 10 حزيرن 2025 (عنب بلدي)

جهاز لأحدى شركات الانترنت في رأس العين – 10 حزيرن 2025 (عنب بلدي)

بنية تحتية متهالكة

أدت النزاعات العسكرية في مدينتي تل أبيض ورأس العين إلى تدمير جزء كبير من بنية الإنترنت التحتية وتعطيل الخدمات، ما دفع السكان للاعتماد على شبكات بديلة تعمل عبر لواقط خاصة تثبّت على أبراج الاتصالات.

وتُعد هذه الشبكات بديلًا محدود الكفاءة، إذ تعاني من ضعف في الأداء، وسرعات اتصال منخفضة، وانقطاعات متكررة، ما يصعّب على السكان إنجاز أعمالهم اليومية والتواصل بشكل مستقر.

المورد الرئيسي لشركات الإنترنت في تل أبيض، سيف الدين عرمان، قال لعنب بلدي، إن ضعف خدمات الإنترنت في المدينة وريفها يعود إلى أسباب عدة، أبرزها الاعتماد على لواقط تستقبل الإشارة من أبراج بث داخل المدينة، وهو الخيار الوحيد المتاح في ظل غياب التغطية المباشرة.

وأوضح أن الشركات المزودة تفتقر إلى الإمكانيات المالية اللازمة لمدّ الشبكات الرئيسية، بسبب التكاليف المرتفعة، ما يمنع إنشاء بنية تحتية متكاملة.

وأضاف أن المدينة والقرى لم تشهد أي تحسن في جودة الإنترنت منذ فترة سيطرة النظام السوري السابق، واستمر الوضع كما هو خلال فترات حكم “الإدارة الذاتية” و”الحكومة السورية المؤقتة” منذ عام 2019.

وأشار إلى أن الاستثمارات التي كان من المفترض أن تُنفذ لتحسين الخدمة لم تُنجز كما يجب، وهو ما يجعل تجربة المستخدمين، خصوصًا في الريف، سيئة للغاية من حيث الاستقرار والسرعة.

ونوّه إلى أن الأسعار لا تُحدد محليًا، بل تتأثر بمصدر الخدمة القادم من تركيا، سواء من حيث الجودة أو الكلفة، ما يقيّد الشركات ويمنعها من تقديم باقات مستقرة وبأسعار مناسبة.

مشاريع لم تنجز

المتحدث الرسمي باسم “المجلس المحلي في رأس العين”، زياد ملكي، قال لعنب بلدي إن “المجلس” قضى عامًا كاملاً في صيانة البنية التحتية لشبكات “الفايبر” عالية السرعة وكان من المقرر أن يُنجز المشروع خلال ستة أشهر إلا أن عدة عوامل حالت دون إكماله في الوقت المحدد.

وأوضح أن العمل واجه صعوبات عديدة، أبرزها الأنفاق التي حفرتها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تحت الأرض، والتي أعاقت تقدم المشروع بنسبة تقارب 70%، نظرًا لتعقيد تمديدات الشبكة التي تعتمد على مد الكابلات الأرضية.

وأشار إلى أن “المجلس” أنهى نحو 40% من أعمال الصيانة حتى الآن، ويواصل تنفيذ المشروع ضمن الإمكانيات المتاحة والموارد المحدودة.

ولا توجد آلية لضبط أسعار الإنترنت في رأس العين، نتيجة عدم تدخل الجهات الحكومية بتنظيم الأسعار، مع وجود العديد من الشركات المزوّدة للإنترنت في المنطقة.

ويبلغ عدد سكان مدينتي رأس العين وتل أبيض 253 ألف نسمة، وتصل مساحتهما الإجمالية إلى 27,800 كيلومتر مربع، ويعتمد السكان على الإنترنت في العديد من القطاعات، مثل شركات تحويل الأموال، ومحال الهواتف النقالة، ومجالات العمل والتعليم عن بُعد.

تقع رأس العين وتل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا (انضمت الفصائل إلى وزارة الدفاع)، بينما تحيط بهما جبهات قتال باردة مع “قسد”، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة