حلب.. ورشات صناعة الأحذية تشكو غياب “المنافسة العادلة”

camera iconاحتجاج أصحاب ورشات تصنيع الأحذية بحي الصحالين بمدينة حلب - 11 آب 2025 (مجموعة الإعلام في حلب/ واتساب)

tag icon ع ع ع

تظاهر عشرات من أصحاب ورشات صناعة الأحذية إلى جانب عدد من العمال، في حي الصالحين بمدينة حلب، الاثنين 11 من آب، للمطالبة بضبط استيراد البضائع الصينية بسبب تأثيرها على الصناعة المحلية.

واعتبر أصحاب الورشات المشاركون بالمظاهرة أن البضائع الصينية تسببت بكساد المنتجات الوطنية وتراجع الطلب عليها.

شارك في الاحتجاج أصحاب ورشات متوقفة عن العمل منذ أشهر، نتيجة ما وصفوه بـ”المنافسة غير العادلة” مع السلع المستوردة، التي تباع بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج المحلي.

ورشات توقف إنتاجها

جمال مللي، وهو صاحب ورشة لصناعة الأحذية في حي الصالحين، أكد لعنب بلدي توقف نشاطه قبل نحو شهرين بعد تراكم الخسائر وعجزه عن تسديد أجور العمال وكلفة المواد الأولية.

وأوضح أن المشكلة لا تقتصر على انخفاض الطلب، بل تتعلق أيضًا بارتفاع كلفة الإنتاج، إذ يحتاج لتشغيل المولد الكهربائي لساعات طويلة يوميًا، وشراء المواد الجلدية واللواصق بأسعار مرتفعة.

ويضاف إلى ذلك دفع أجور العمال، ما يجعل كلفة الحذاء المحلي أعلى من سعر نظيره المستورد الجاهز، بحسب ما قاله جمال.

وأضاف أن بيع المنتج الوطني بسعر أقل يعني البيع بالخسارة، بينما رفع السعر يفقده القدرة على المنافسة في السوق.

أما يزن مصري، وهو أيضًا صاحب ورشة لتصنيع الأحذية بمنطقة الصحالين، فتوقف عن العمل بداية الصيف الحالي بعد عجزه عن تسويق منتجاته، رغم تخفيض الأسعار إلى الحد الأدنى.

وأشار لعنب بلدي إلى أن الورشة كانت تنتج يوميًا كميات تكفي لتغطية حاجة السوق المحلي، لكن مع دخول البضائع الصينية بأسعار منخفضة وجودة مقبولة بالنسبة للمستهلك، فقدت الأحذية المحلية حضورها في المحال التجارية.

كما أن ارتفاع أجور العمال وكلفة المواد المستوردة من مناطق أخرى زاد من عبء المصاريف، في وقت لم يعد فيه التجار يقبلون شراء المنتج الوطني إلا بأسعار تقل عن كلفته.

محمد السعيّد، وهو صاحب ورشة أحذية سابقة في الصالحين، كان قد توقف عن الإنتاج منذ أشهر، بعد أن وجد نفسه يخسر رأس المال مع كل عملية إنتاج.

وقال لعنب بلدي إن التحديات بدأت مع ارتفاع أسعار المواد الأولية، ثم تضاعفت مع ارتفاع أجور الكهرباء والعمال، قبل أن تأتي البضائع المستوردة لتغلق أي فرصة للمنافسة.

ومع عجزه عن تسديد الإيجار وفواتير الطاقة، اضطر لبيع بعض المعدات، والانتقال إلى العمل بنظام المياومة على سيارة أجرة.

واعتبر أن العودة إلى المهنة في الظروف الحالية “أشبه بالمستحيلة”.

معرض بلا جدوى

تعتبر صناعة الأحذية من المهن التقليدية التي اشتهرت بها مدينة حلب لعقود، وكانت تؤمن مصدر رزق لآلاف العائلات، قبل أن تتضرر بشكل كبير خلال سنوات الحرب.

ومع تراجع القدرة الشرائية للسكان وارتفاع تكاليف الإنتاج وفتح الأسواق أمام البضائع المستوردة، فقدت كثير من الورشات قدرتها على المنافسة، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير منها خلال الأشهر الأخيرة.

وطالب المحتجون بفرض قيود على الاستيراد، وتوفير دعم حكومي للصناعات المحلية، كخطوة ضرورية لإنقاذ ما تبقى من الورشات والمهن التقليدية في حلب.

ورغم إقامة معرض للأحذية والمنتجات الجلدية في فندق “الشيراتون” بحلب بين 30 حزيران و2 تموز الماضيين، بهدف الترويج للمنتجات المحلية وتشجيع عودة المدينة إلى خريطة صناعة الأحذية والجلود، فإن هذه الفعاليات لم تنعكس على واقع الورشات الصغيرة في الأحياء الشعبية.

وبقيت التحديات نفسها ماثلة أمام أصحابها، من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع الطلب، إلى غياب إجراءات لحماية المنتج الوطني من المنافسة مع البضائع المستوردة.

ودفع ذلك أصحاب الورشات، بعد أسابيع فقط، إلى النزول للشارع والمطالبة بدعم فعلي يضمن استمرار عملهم.

محاولات لإعادة حلب إلى خريطة صناعة الجلود

تحذير من التدهور

خلال الاجتماع السنوي لغرفة صناعة حلب، في 10 من آب الحالي، شبه رئيس لجنة الأحذية والجلديات، دحام الحسين، واقع الصناعة المحلية بأنها “خرجت من قسم الإنعاش وهي الآن في طريقها إلى المقبرة”.

وحذر خلال الاجتماع الذي حضرته عنب بلدي، من توقف الورشات خلال أسابيع إذا استمر الوضع الحالي.

وأرجع الحسين هذا التدهور إلى انتشار التهريب، وخاصة من مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

ومن بين العوامل، دخول منتجات منخفضة الجودة تباع بأسعار زهيدة، ما أفقد المنتج المحلي قدرته على المنافسة وأدى لإغلاق مئات الورشات، بحسب الحسين.

وأوضح أن حلب كانت تصدّر سابقًا نحو 60 مليون زوج من الأحذية سنويًا، لكن غياب الدعم وسياسات الحماية جعل هذا القطاع، الذي كان يضم مئات الورشات الصغيرة والمتوسطة، مهددًا بالاندثار.

هموم صناعيي حلب الثقيلة على طاولة “الغرفة”



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة