موفدون: تعليمات المرسوم “97” تمييزية ومخيّبة.. وعود حكومية

اجتماع وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع لجنة الشؤون القانونية في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية مناقشة القوانين والمراسيم التي تتطلب التعديل أو الإلغاء - 31 تموز 2025 (وزارة التعليم/فيسبوك)

camera iconاجتماع وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع لجنة الشؤون القانونية في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية لمناقشة القوانين والمراسيم التي تتطلب التعديل أو الإلغاء - 31 تموز 2025 (وزارة التعليم/فيسبوك)

tag icon ع ع ع

أثارت التعليمات التنفيذية للمرسوم “97” لعام 2025 انتقادات بين الموفدين السوريين إلى الخارج، إذ اعتبر كثيرون منهم أنها لم تقدم حلولًا جذرية لمشكلتهم.

ورغم أن سقوط النظام السوري فتح باب الأمل لدى الموفدين بعودتهم واستثمار خبراتهم داخل سوريا، فإن آلاف الخريجين والباحثين الذين أُوفدوا بموجب عقود رسمية لاستكمال دراساتهم العليا وجدوا أنفسهم أمام تحديات في ظل أنظمة وتشريعات وضعت قبل سقوط النظام.

وما زالت الخطوات الحكومية لمعالجة هذا الملف تصطدم بجملة من الإشكاليات، بدءًا من ضبابية بعض النصوص، وصولًا إلى شعور كثير من الموفدين بأن السياسات المقترحة لا تعالج جذور المشكلة.

تواصلت عنب بلدي مع وزارة التعليم العالي في سوريا، في إطار متابعتها لقضية الموفدين خارج سوريا، إذ كانت قد نشرت، في 6 من تموز الماضي، تقريرًا يشرح حال الموفدين بعد صدور المرسوم رقم “97” لعام 2025، الذي لم يشمل الفئات كافة.

وبعد صدور التعليمات التنفيذية الخاصة بالمرسوم “97”، تواصلت مع عدد من أعضاء المبادرات التي شكّلها الموفدون، عبر الانضمام إلى تجمعاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وإجراء اتصالات جماعية وفردية.

المرسوم رقم “97” لعام 2025، الصادر في 26 من حزيران الماضي
منح الموفدين السوريين في الخارج، مهلة سنة لاستكمال إجراءات التعيين، في حال حصلوا على المؤهل العلمي المطلوب في قرار الإيفاد بعد تاريخ 15 من آذار 2011.

 

 

 

مسودة مرسوم قيد الدراسة

كشف معاون وزير التعليم لشؤون البحث العلمي في سوريا، غيث ورقوزق، لعنب بلدي، أنه يتم الإعداد لمسودة مرسوم رئاسي يشمل جميع الموفدين خارج سوريا.

وأوضح ورقوزق، أن المرسوم، بعد إعداد المسودة له، يحتاج إلى تصديق كل من مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية السورية، ليتم الإعلان عنه بشكل رسمي ومن ثم إصدار التعليمات التنفيذية الخاصة به.

وكانت وزارة التعليم عقدت اجتماعًا، في 31 من تموز الماضي، لمناقشة القوانين والمراسيم التي تتطلب التعديل أو الإلغاء ضمن الوزارة، إذ التقى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مروان الحلبي، لجنة الشؤون القانونية في الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية برئاسة مدير الشؤون القانونية القاضي، فراس شاوردي.

وناقشوا خلال الاجتماع قانون تنظيم الجامعات وما يرتبط به من أنظمة، إضافة الى قانون البعثات والأنظمة الخاصة بالموفدين بما يتوافق مع الإعلان الدستوري واستراتيجية استقطاب الكفاءات العلمية من الخارج.

موفدون: المرسوم “97” غير شامل ولا يشجع على العودة

تعليمات تنفيذية مخيبة للآمال

بعد نحو شهر على إصدار المرسوم “97”، تفاجأ الموفدون بالتعليمات التنفيذية الخاصة، التي صدرت في 20 من تموز الماضي، ووصفوها بأنها لا تلبي تطلعات الآلاف منهم، ولا تتوافق مع التصريحات التي أطلقها وزير التعليم العالي بأن مصلحتهم وعودتهم إلى سوريا أولوية.

كما اعتبر منسقو “المبادرة الوطنية التوافقية لتسوية أوضاع الموفدين والمعيدين السوريين وكفلائهم” أن التعليمات التنفيذية تتضمن مواد تميز بين السوريين، بما يتعارض مع مبدأ المساواة المكفول بالإعلان الدستوري، إذ خصصت “أولوية” لبعض الحالات كالموفدين إلى جامعات إدلب كما في المواد “4” و”5″.

وذكر موفدون لعنب بلدي، أن المعنيين في الوزارة دائمًا يحتجون بعدم قدرتهم على تجاوز القوانين القديمة السائدة حاليًا والتي استندت إليها التعليمات التنفيذية الصادرة عن المرسوم التشريعي رقم “6” لعام 2013.

وبالرغم من أن القوانين لا تسمح بضم خدمة من عمل قي غير الجهة الموفدة ولا تسمح بضم الندب إلى جهة أخرى (المرسوم التشريعي رقم 6 لعام 2013 المادة 47 الفقرة د) ، فقد تم إعطاء استثناء لصالح من خدم في جامعات الحكومة “المؤقتة” أو حكومة “الإنقاذ” في مخالفة للمرسوم التشريعي الذي تستند إليه التعليمات التنفيذية ذاتها، وفي تناقض مع تصريحات المسؤولين بأنهم لا يستطيعون تجاوز التشريعات السابقة دون إسقاط القوانين القديمة.

وبيّن موفدون أن الكثير من الموفدين قدموا طلبات خلال السنوات الماضية للتدريس في جامعات حكومة “الإنقاذ”، وتم رفض طلباتهم، لعدم الحاجة.

كما أن هناك من لم يتمكنوا من ضم خدماتهم، كونهم ندبوا لجهة أخرى غير جهة الإيفاد في سوريا وبذلك تم حرمانهم من المعاملة بالمثل.

وتحدثت التعليمات التنفيذية عن وجود لجنة مركزية، تناقش أوضاع الموفدين غير الراغبين بالعودة أو الذين يرغبون بالتسوية المالية لأوضاعهم، وتعالج الحالات غير المشمولة بالتعليمات التنفيذية، إلا أنه لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل واضحة بخصوص اللجنة.

كما أشار بعضهم إلى أن التعليمات تحمل بين سطورها اعترافًا ضمنيًا بعدم فعالية المرسوم “97” وتعليماته التنفيذية، إذ نصت المادة “11” على “إعادة تقييم التعليمات بعد سنة من صدورها”، رغم أن المرسوم نفسه يُطبق لسنة واحدة فقط، ما يجعل هذه المادة غير قابلة للتطبيق فعليًا.

أيضًا قدم موفدون اعتراضات على التعليمات التنفيذية للتسوية الإدارية ذاتها، إذ إنها لا تحمل أي جديد يشجع على العودة ويجب تحسينها، وبدون ذلك لن تجذب الكفاءات للعودة، وقدموا مجموعة من الاقتراحات لتعليمات تنفيذية تخص التسوية الإدارية والمالية، آملين أن تقوم وزارة التعليم العالي بدراستها.

سعي للتعاون مع الوزارة

أصدر الموفدون السوريون بيانًا حصلت عنب بلدي على نسخة منه بشأن التعليمات التنفيذية رقم “12” الخاصة بالمرسوم التشريعي 97، تضمّن نتائج استبيان إحصائي تناول جوهر هذه التعليمات ومدى فاعليتها، وأكد منسقو “المبادرة الوطنية لتسوية أوضاع الموفدين والكفلاء” سعيهم المستمر إلى إيجاد حلول بالتعاون مع وزارة التعليم العالي عبر قنوات عدة، منها لجنة تنسيق وزارية تضم معاونَي الوزير، بالإضافة إلى تواصل مباشر مع وزير التعليم العالي.

وبحسب ما كشفه منسقو المبادرة، لعنب بلدي، فقد تلقوا تسجيلًا صوتيًا من وزير التعليم العالي، يرد فيه على بيان الموفدين حول التعليمات التنفيذية، يشدد فيه على التزام الوزارة الواضح بالسعي إلى حل الملف عبر لجنة وطنية تضم عدة وزارات، وطرحًا لرؤية مالية جديدة حول الالتزامات المالية الواقعة على عاتقهم نتيجة استنكافهم عن العودة بسبب ظروف الحرب، منها اعتماد آخر سعر صرف وقت التحويل كقاعدة للتسديد، وهو ما يتوافق مع اقتراحات المبادرة.

وفي ردهم على تسجيل الوزير، نوه منسقو المبادرة إلى خطورة استمرار الحجوزات المالية والتنفيذية على الموفدين وكفلائهم، وطالبوا وزارة التعليم العالي التنسيق مع وزارة المالية، عبر الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، لتجميد الحجوزات مؤقتًا حتى استكمال الحلول.

وبحسب متابعة عنب بلدي، فقد أرسلت وزارة التعليم العالي كتابًا رسميًا إلى الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية، بهدف التنسيق مع وزارة المالية لتجميد الإجراءات ضد الموفدين والكفلاء، حتى انتهاء مفعول قرار مجلس الوزراء رقم “41” لعام 2024، والذي يسمح للموفدين بالخارج زيارة سوريا حتى نهاية شباط 2026.

اقتراحات تنتظر الدراسة

أكد الموفدون مقترحاتهم التي نقلتها عنب بلدي في تقرير سابق، وقالوا إنه لم يتم التعامل معها من قبل وزارة التعليم العالي، حتى لحظة كتابة التقرير، ولم تتضمنها التعليمات التنفيذية السابقة.

ونوهوا إلى أن أي خطوة مقبلة لتعديل التعليمات التنفيذية أو لإصدار مراسيم تتعلق بالموفدين يجب أن ترتكز على مبدأ العدالة والمساواة، لضمان عودة الموفدين جميعًا من خارج سوريا  لرفد الكادر التعليمي في الجامعات السورية.

وأضاف منسقو “المبادرة الوطنية لتسوية أوضاع الموفدين” بعض الاقتراحات التي تتضمن صياغة مرسوم وطني تكميلي وتصحيحي للمرسوم التشريعي “97” يعالج جذور المشكلة بشكل عادل وشامل، وتطبيق القانون باعتماد العقود الأصلية التي أُبرمت باتفاق الطرفين، وتحقيق مبدأ المساواة، المكفول دستوريًا مع من عمل على تسوية وضعه في وقت سابق، قبل صدور  المرسوم رقم “3” لعام 2017، والمرسوم التشريعي رقم /12/ لعام 2018، واعتماد المعايير ذاتها في التسوية وفق السعر الرسمي لليرة السورية عند التحويل وقت الإيفاد، دون مضاعفات مالية أو فروقات مجحفة،

كما طالب الموفدون ضمن المبادرة، بالتمييز بين الكفالات الحقيقية والصورية (عدد من الموفدين قدموا وثيقة كفالة وهمية بمساعدة بعض المكتبات، كرهن قطعة أرض موجودة في الجولان)، لضمان إنصاف المتضررين، وتجميد الإجراءات المالية والقضائية فورًا المتعلقة بالحجز على أملاك الموفد وعائلته وكفيله، ريثما يُبتّ نهائيًا في الملف، بالإضافة إلى تكثيف واستمرار الحوار بين الموفدين ووزارة التعليم العالي وتمثيل الموفدين في أي لجنة وطنية لدراسة ملف الموفدين.

وينتظر ما يقارب 4000 موفد خارج سوريا، منذ سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، صدور قرارات تنصفهم ليتمكنوا من العودة إلى سوريا، بعد أن استنكفوا عن العودة بسبب ظروف الحرب.

ورغم اختلاف الأسباب التي منعت هؤلاء الموفدين من العودة إلى سوريا، أو التي دفعتهم لمغادرتها بعد عودتهم من الإيفاد والالتحاق بالوظيفة، فإن السياسات والقوانين النافذة حينها شكّلت قاسمًا مشتركًا لخرق الشروط.

ومع سقوط النظام السابق، سارع الموفدون إلى تنظيم أنفسهم ضمن مجموعات تشاركية ومبادرات جماعية، للدفاع عن حقوقهم، والمطالبة بتسوية أوضاعهم، وتأمين رؤية عادلة لمطالبهم، وفتح قنوات تواصل مع الجهات الحكومية، لإزالة العقبات أمام عودتهم واندماجهم من جديد، للمساعدة في مرحلة بناء سوريا الجديدة.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة