المكاتب الإعلامية الحكومية.. فعّّلوها أو أغلقوها
علي عيد
يعاني الصحفيون في سوريا اليوم من ضعف استجابة المكاتب الصحفية في الوزارات والمؤسسات الحكومية، ولا أقول جميعها، لكن الظاهرة ملحوظة.
كلما سألت زملائي في غرفة الأخبار عن القصص الصحفية التي يتابعونها، أجابوا بأنهم ينتظرون رد المكتب الصحفي الذي إما أنه لا يستجيب، وإما يهمل الاستفسارات، مع أن الهدف من توجيه الأسئلة إلى تلك المكاتب هو تحقيق التوازن المهني، وضمان حق المؤسسة الرسمية في التوضيح وعرض وجهة نظرها حيال مختلف القضايا.
كما أن من مهامها إبراز إنجازات المؤسسة وتفصيلها، خصوصًا عندما تكون هناك مشاريع وخطط تستحق المتابعة وتحظى باهتمام الجمهور، وهو صاحب الحق الأول والأهم.
ثمة احتمالان لا ثالث لهما في ضعف التواصل بين المكاتب الإعلامية في الوزارات والمؤسسات الحكومية وبين الصحفيين:
الأول: أن تكون هذه المكاتب شكلية أو غير مدربة.
الثاني: انعدام الشفافية، ووجود توجيهات بالرجوع إلى جهات أعلى، أو الامتناع عن الإجابة وأداء المهمة التي أنشئت لأجلها.
وفي كلتا الحالتين، فإن النتيجة سيئة، لأن وجود مكاتب إعلامية بصفتها “ديكورًا”، أو تعاملها السلبي مع الصحفيين، يفرغها من مضمونها.
إن مهمة المكتب الصحفي في أي مؤسسة هي ضمان الشفافية والتواصل الفعّال مع المجتمع، وذلك عبر تقديم المعلومات للصحافة، التي تنقل بدورها هذه الإجابات إلى الجمهور، وتعرّفه بالإنجازات، أو تفسر له طبيعة العراقيل والمصاعب التي تواجه المؤسسات الحكومية وخططها.
عند تأسيسها، يُفترض بالمكاتب الصحفية أن تكون:
- حلقة وصل: تعمل كجسر بين المؤسسة والجمهور عبر الصحفيين ووسائل الإعلام.
- أداة لتعزيز الشفافية: بإتاحة المعلومات الدقيقة والموثوقة، بما يقلل من الشائعات والمعلومات المغلوطة.
- وسيلة لبناء صورة إيجابية: عبر إبراز إنجازات المؤسسة وجهودها، وتوضيح مواقفها في القضايا العامة.
- أداة لإدارة الأزمات: من خلال تقديم بيانات سريعة ودقيقة في أثناء الأزمات، تمنع تضخيم الشائعات أو إساءة الفهم.
- مساهِمة في تيسير عمل الصحافة: عبر تزويد الصحفيين بالمعلومات والاستجابة لأسئلتهم، بما يعزز الثقة المتبادلة ويؤدي وظيفة مزدوجة.
لكن حين تغيب المكاتب الصحفية أو تتقاعس عن دورها، وتهمل أسئلة الإعلام، فإنها تسهم في إضعاف الدولة، وتفتح المجال أمام:
- انتشار الشائعات: إذ يلجأ الصحفيون لمصادر غير دقيقة، أو يهملون قضايا تحتاج الدولة إلى شرحها، ما يترك الناس فريسة للمحتوى الدعائي والمعلومات المضللة.
- تآكل الثقة: غياب التواصل يعطي انطباعًا بالتعتيم أو الإهمال، ويثير الشكوك حول المشاريع والخطط والقضايا المطروحة.
- تشويه صورة المؤسسة: فكل فراغ إعلامي يملؤه آخرون بروايات قد تضر بالسمعة، وحينها ستكون المؤسسة في موقع رد الفعل دومًا، متأخرة عن معالجة الأزمات.
- ضعف الحضور العام: غياب الدور الإعلامي يهمّش إنجازات المؤسسة، ويضعف تأثيرها في النقاش العام.
- فقدان التأثير: لا يمكن لأي جهة أن تكون جزءًا مؤثرًا ما دامت منقطعة عن التواصل مع الجمهور عبر الصحافة، وبالتالي ستفشل في توجيه الرأي العام أو شرح سياساتها ومشاريعها بفاعلية.
في الختام، إن تفعيل هذه المكاتب ضرورة، وإلا فإن إغلاقها أوفر للمال والجهد الإداري، مع ترك مهمة الرد للمسؤولين أنفسهم. فالجمود أو التجاهل يخلف فراغًا يملؤه آخرون بمعلومات قد تكون مضرة، بل وخطيرة في هذه الظروف الدقيقة. وللحديث بقية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :