
طالب في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بدمشق - 24 آب 2025 ( عنب بلدي / لمى دياب)
طالب في قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بدمشق - 24 آب 2025 ( عنب بلدي / لمى دياب)
أثار قرار صدر عن كلية الفنون الجميلة بدمشق، بخصوص عدم السماح بتشكيل أعمال تتعلق بالموديل العاري في أعمال النحت والتصوير والحفر، الجدل بين مؤيد ومعارض له.
ويرى المؤيدون أن القرار، الصادر في 14 من آب، يحافظ على القيم والأخلاق المجتمعية.
بينما يمثل القرار للمعارضين تراجعًا فنيًا، وهو يؤثر على التعليم الأكاديمي الذي يعتمد على دراسة التشريح البشري لامتلاك المهارات المناسبة.
الطالبة تاليا المصري، التي تدرس في السنة الرابعة، أن القرار أتى في وقت متأخر، موضحة أنه “صدر بعد مناقشة الطلاب مع المشرفين على مشاريع تخرجهم، وتم الأخذ بعين الاعتبار جميع الملاحظات حيث بدأ الطلاب العمل على مشاريعهم”.
تعمل تاليا على مشروع تخرجها منذ شهرين، والفكرة تدور حول “التحرر”، بينما تمحورت دراستها خلال السنوات الأربع الماضية حول التشخيص الحيواني أو الإنساني دون الخروج عن الأدب، بحسب ما قالته لعنب بلدي.
واعتبرت أنه “من غير المنطق أن ينجذب شخص إلى تمثال”، مشيرة إلى أن “هذا الشيء يمثل ضعفًا لدى الشخص الذي ينجذب، وهو لا يخالف الدين وليس مخلًا بالآداب العامة”، وفق قولها.
ونصحت تاليا أصحاب القرار بـ”أن يأتوا إلى الكلية وأن يروا الأعمال التي يعمل عليها الطلبة ثم يصدرون القرارات”، وأعربت عن قلقها من ضيق الوقت، حيث لم يبقَ على تسليم المشاريع إلا أسبوع فقط، وهو وقت قليل لا يسمح لها بأن تستبدل المشروع أو الفكرة التي بدأت العمل عليها”.
واعتبر عبد الله اليوسف، وهو طالب سنة رابعة، خلال حديث إلى عنب بلدي، أن المشكلة بهذا القرار أنه يستهدف التدريس الأكاديمي، موضحًا أن “المنهاج يعتمد على مادة التشريح التي تعتمد على النماذج التشريحية للعضلات والحركات والنسب والأطوال”.
كيف سيتم إعطاء المناهج للطلاب؟ فالنحت خصوصًا لا يمكن أن يدرس دون نماذج تشريحية، وفق اليوسف.
ولفت إلى أن الكلية لا تستخدم أساسًا الموديل الحي العاري بل نماذج جصية، مبينًا أن “عميد الكلية وجه الطلاب بإكمال مشاريع تخرجهم التي بدأوها وسيتم تحكيمها بناءً على مدى جمالها”.
بدوره يرى أحمد بلان، طالب السنة الرابعة، وجاهة في القرار من ناحية ثقافة المجتمع السوري التي “لا تسمح أن يتم العمل على الموديل العاري الحي، ويتم استبداله لتعليم التشريح الفني وأسس الفن بقطع جصية تمثل العضلات ومحاور الجسد والاستفادة منها”.
لكنه في الوقت ذاته يشير إلى أن مشروع التخرج يكلف مبالغ مالية باهظة إضافة للجهد الجسدي الذي يبذله الطلاب لإنجازه، بحسب بلان.
وحذر من الآثار الثقافية للقرار، قائلًا إن “الفن هو الواجهة الثقافية لأي بلد، لأن كل البلاد الأخرى تنظر إلى الفن والشعر والكتاب الموجودة في بلدنا لتقيمها، ومن أصدر القرار ليس له دراية بالفن السوري الممتد عبر قرون”، مشيرًا إلى أن “القرار يحد من سوية الإبداع، والفن لا يوجد له حدود”.
من جهته، أوضح عميد كلية الفنون الجميلة، الدكتور فؤاد دحدوح، خلال حديث إلى عنب بلدي أن لا شيء جديد في القرار الذي تم إصداره، والتوجيه الذي اتخذه معاون وزير التعليم العالي استند على قرارات سابقة.
وأضاف أنه في جمهورية مصر العربية اتخذ الأزهر قرارًا بمنع الموديل العاري الحي وتم تبنيه من قبل كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وبفعل التوأمة بين سوريا ومصر لأن كلية الفنون في دمشق أحدثت عام 1960 بزمن الوحدة، صدر قرار مماثل له.
ولا توجد كلية في الوطن العربي تسمح بالموديل العاري الحي، ويوجد في الكلية نماذج تشريحية مثل الموجودة بكل متاحف العالم، بحسب دحدوح.
ودعا دحدوح إلى أن تكون هناك كليتين: واحدة توجد فيها تشكيلات نحتية وقسم نحت وتصوير وحفر، وأخرى تحوي على زخرفة والجرافيك والملتيميديا والعمارة الداخلية.
وردًا على المخاوف من تأثير القرار على الإبداع، قال إنه لا يوجد تأثير سلبي على القيم الجمالية للفن.
وأكد أن الطلاب سيكملون مشاريعهم وتشكيلاتهم الإنسانية اعتمادًا على نماذج جصية وتشريحية، ولا توجد مشكلة لديهم، ولن يؤثر القرار سلبيًا عليهم.
يعتمد التعليم الأكاديمي في كليات الفنون حول العالم على دراسة التشريح البشري، بما في ذلك الموديل العاري، لتطوير مهارات الطلاب في الرسم والنحت وفهم نسب الجسد وحركاته. لكن هذا الأسلوب أثار جدلًا في بلدان عربية منذ عقود، إذ جرى استبداله بنماذج جصية أو صور تشريحية مراعاة للاعتبارات الدينية والاجتماعية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى