السودان.. الانتهاكات تتواصل بعد سيطرة “الدعم السريع” على الفاشر

camera iconنازحون سودانيون فروا من الفاشر باتجاه بلدة طويلة غرب دارفور - 29 تشرين الأول 2025 (أ.ف.ب)

tag icon ع ع ع

تشهد مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في السودان، أوضاعًا إنسانية متدهورة منذ وقوعها تحت سيطرة “قوات الدعم السريع” على حساب الجيش السوداني في 26 من تشرين الأول الحالي.

وأشارت تقارير إعلامية إلى انتهاكات واسعة وعمليات ملاحقة بحق المدنيين داخل المدينة.

وأعلنت “قوات الدعم السريع”، الخميس 30 من تشرين الأول، القبض على عدد من المتهمين بالتجاوزات التي رافقت السيطرة على مدينة الفاشر، وعلى رأسهم الفاتح عبد الله إدريس المعروف بـ“أبو لؤلؤ”.

وقالت “الدعم السريع” في بيان نشرته عبر “تلجرام“، إن اللجان القانونية بدأت التحقيق مع المتهمين تمهيدًا لتقديمهم للعدالة، مؤكدة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

وبحسب تقارير إعلامية، كان الفاتح عبد الله إدريس مقاتلًا مغمورًا قبل اندلاع الحرب بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” منتصف نيسان 2023، لكنه صعد خلال الفترة الماضية إلى صدارة المشهد، ليصبح أحد أكثر الأسماء تداولًا في السودان، بعد ظهوره بمقاطع مصورة في شوارع الفاشر وهو يقتل مدنيين.

سيطرة بعد حصار

أعلنت “قوات الدعم السريع” سيطرتها على مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور، في 26 من تشرين الأول الحالي، وأكدت سيطرتها على مقر “الفرقة السادسة مشاة”، آخر مقار الجيش السوداني في الإقليم.

وجاءت السيطرة على الفاشر بعد حصار امتد منذ أيار عام 2024، حين طوقت “قوات الدعم السريع” المدينة، ومنع دخول الغذاء والدواء.

وخاض الطرفان معارك عنيفة في محيط “الفرقة السادسة مشاة”، انتهت بانسحاب الجيش السوداني من مواقعه.

وقال رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، عبد الفتاح البرهان، عقب الانسحاب، إن القيادة الموجودة في المدينة، بما فيها لجنة الأمن، قدرت أن مغادرة المدينة كانت ضرورية بعد تعرضها لتدمير ممنهج وقتل ممنهج للمدنيين.

وأضاف البرهان، في خطاب نشرته القوات المسلحة السودانية، أن القيادة وافقت على الانسحاب إلى مكان آمن لتجنب المزيد من الدمار.

وأشار إلى أن هذه المحطة من العمليات العسكرية فرضت على الشعب السوداني، معتبرًا أن القوات المسلحة ستنتصر بمشاركة القوات المشتركة والمستنفرين وكل من يقاتل في صف الجيش.

وبحسب تقرير لصحيفة “ذا جارديان” البريطانية، شنت “قوات الدعم السريع” حملة رعب واسعة في مدينة الفاشر بعد سيطرتها عليها.

وأشارت إلى أن “قوات الدعم السريع” ارتكبت خلالها فظائع ضد المدنيين.

وشملت الفظائع إعدام أكثر من ألفي مدني أعزل خلال أيام، فيما وصفه سكان وناشطون محليون بـ”مجزرة جماعية غير مسبوقة” في الإقليم.

كما وردت تقارير عن انتهاكات متعددة، مدعمة بصور من الأقمار الصناعية، ولم يتسن التأكد من إجمالي عدد القتلى.

تنديد دولي

قالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية في السودان، دينيس براون، إن الدعم الإنساني مقطوع فعليًا عن الفاشر منذ أكثر من 500 يوم.

وأوضحت خلال حوار نقله موقع الأمم المتحدة، في 29 من تشرين الأول الحالي، أن عدد الوافدين الذين كانوا يقطعون مسافة 50 كيلومترًا إلى بلدة طويلة قل بشدة.

واعتبرت أن هذا الأمر يشير إلى تشديد الخناق على المدينة ومنع المدنيين فعليًا من المغادرة.

وفي 29 من تشرين الأول الحالي، ندد مجلس الأمن بهجوم “قوات الدعم السريع” على الفاشر وبالفظائع التي ترتكبها ضد السكان المدنيين.

وأكد التزامه بسيادة السودان ووحدة أراضيه، ورفض إنشاء سلطة حاكمة موازية في المناطق الخاضعة للسيطرة.

وأعرب المجلس عن قلقه البالغ إزاء عمليات الإعدام والاعتقالات التعسفية، وخطر وقوع فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك فظائع ذات دوافع عرقية.

ودعا إلى محاسبة جميع مرتكبي الانتهاكات، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.

كما أكد ضرورة استئناف المحادثات لوقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة.

في السياق نفسه، أدانت منظمة الصحة العالمية مقتل أكثر من 460 مريضًا ومرافقيهم، واختطاف ستة عاملين صحيين في مستشفى الولادة السعودي بمدينة الفاشر في 28 من تشرين الأول الحالي.

وبحسب تقرير المنظمة، لا يزال أكثر من 260 ألف شخص محاصرين داخل المدينة، دون إمكانية تذكر للحصول على الغذاء أو الماء النظيف أو الرعاية الطبية.

التقرير أوضح أنه في الأيام الأخيرة، أجبر تصاعد العنف قرابة 28 ألف شخص على الفرار، إذ توجه 26 ألفًا إلى المناطق الريفية في الفاشر.

ويتوقع توجه أكثر من 100 ألف آخرين خلال الأيام والأسابيع المقبلة، لينضموا إلى 575 ألف نازح سبق أن غادروا المدينة طلبًا للحماية في مناطق أخرى، وفقًا لتقرير المنظمة.

ولفت تقرير المنظمة إلى أن معظم النازحين، وغالبيتهم من النساء والأطفال غير المصحوبين بذويهم، يعانون نقصًا حادًا في المأوى والغذاء والمياه والرعاية الصحية.

جذور الصراع

تقع مدينة الفاشر غربي السودان، وهي عاصمة ولاية شمال دارفور والمركز التاريخي الرئيس للحكم في الإقليم، على مقربة من الحدود مع تشاد وليبيا وإفريقيا الوسطى.

وتعد الفاشر واحدة من المدن التاريخية المهمة في السودان، وتستضيف المؤسسات الحكومية وقيادة “الفرقة السادسة مشاة”، إلى جانب جامعة الفاشر وعدد من المرافق الخدمية والتعليمية.

تزايدت أهمية المدينة بعد فقدان “قوات الدعم السريع” السيطرة على العاصمة الخرطوم وعدد من المدن الأخرى، إذ اعتبرت السيطرة عليها خطوة محورية لبسط النفوذ على آخر ولايات إقليم دارفور.

واندلع الصراع بين الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع” في منتصف نيسان 2023، بعد تصاعد التوترات بين الطرفين نتيجة خلافات حول دمج قوات الدعم السريع ضمن الجيش.

وتعود جذور الخلاف إلى سنوات، إذ كانت “قوات الدعم السريع” تعد قوة شبه عسكرية تحت قيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، وتتمتع بنفوذ واسع في دارفور.

وأدى الخلاف حول مدة الدمج وآلياته إلى اندلاع مواجهات مباشرة في عدة مناطق، قبل أن تتوسع الحرب وتشمل المدن الكبرى مثل الخرطوم والفاشر، وسط تبادل الاتهامات بانتهاك الاتفاقات والسيطرة على المنشآت الحيوية.



مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة