التعليم في عالمنا.. تنمية حقيقية أم مصيدة وخداع

الفيلسوف برتراند راسل - صورة من الانترنت

camera iconالفيلسوف برتراند راسل - صورة من الانترنت

tag icon ع ع ع

يربط الفيلسوف البريطاني برتراند راسل بين أسلوب التعليم، وقدرة السلطات على تقييد حرية الناس وإخضاعهم لرغباتها بشكل خفي، ويضع الحريات والقيم الإنسانية التي تأسست عليها الديمقراطية موضع تساؤل.

ففي محاضرة لراسل تحت عنوان “التفكير الحر والبروباغندا الرسمية”، من ترجمة عدي الزعبي، يُعطي الفيلسوف مساحة واسعة لمناقشة قضية التعليم، إلى جانب الاقتصاد والدعاية الإعلامية المضللة، التي تتبعها الدول بمختلف أنظمتها للسيطرة على الشعوب.

وأول ما يبدأ به راسل، هو لفت الانتباه إلى وجود توجيه فكري خارجي، بشكل واعي أو غير واعي، يفرض نفسه على تفكير الأفراد، ويجبرهم بطريقة أو بأخرى على اتباع نمط معين من التفكير.

ويشدد راسل على دور التعليم في هذا الصدد، إذ تسعى الدولة للسيطرة على التعليم الابتدائي، حتى تتمكن من تقديم التاريخ من وجهة نظرها بصورة يبدو فيها وكأنه حقيقة مطلقة، بهدف تدجين الأطفال العزّل للإذعان مستقبلًا إلى أسيادهم، والاستبسال في الموت من أجل دولهم، ليس هذا فقط، بل وقتل الآخرين الأبرياء إذا ما اضطر الأمر.

وهذا ما يعطي الديمقراطية مظهرها الخدّاع برأي راسل، وتتحول المدرسة من مصدر للمعرفة، إلى نظام مفصل من الخدع، لتسخير الأبرياء والطيبين لمحاربة بعضهم البعض. حيث يسعى القائمون على التعليم إلى إيجاد طريقة لنقل المعلومات، لكن دون نقل طريقة التفكير التي تنمي الذكاء، لأنه من الصعب السيطرة على أشخاص يفكرون، وفي سبيل هذا الهدف تخرّبت مناهج التعليم الوطني بشكل جذري، وفق ما يرى راسل.

أسلوب التعليم هذا يدعم صناعة البروباغاندا، أو التضليل الإعلامي، لتشكيل آراء متعصبة وترويجها بين الناس على أنها حقيقة، وتحشد الرأي العام لصالح من لا يستحق عن طريق المال أو السلطة، أو كليهما معًا. وسيشعر الناس بأن هذه الدعاية تمثلهم، ولن يتمكنوا من مقاومتها، لأنهم لم يتعلموا التشكيك العلمي، ويعتقدون أن تلقيهم للمعلومات عن طريق الكتب المدرسية، أو وسائل الإعلام، هو ما يسمى بالتفكير، بحسب خلاصة القول عن راسل.

ويقترح راسل في سبيل تخطي هذه المشكلة فيما يتعلق بالتعليم، أن نشجع الطلاب على قراءة أكثر من مصدر للتاريخ، فحين يقرأون عن معركة معينة، لا يكتفون بالاطلاع على ما وثّقه أحد الطرفين، بل عليهم أن يسعوا إلى جمع أكبر قدر من المعلومات، من عدة مصادرة مختلفة ومتناقضة، ثم مقاطعتها فيما بينها، لفهم ما كان يجري حقًا على أرض الواقع، وليس في عقول المؤرخين.

يؤكد راسل بأن الذكاء هو السبيل الوحيد لنجاتنا من هذه المشكلة حاليًا، فهناك أساليب وتدريبات معينة نستطيع اتباعها، والتجريب بها، وأحد أفضل هذه الطرق، هو التعرف على مختلف أشكال الكذب، فبسبب التعليم الحكومي أصبح من السهل نشر المعلومات الخاطئة، وبالنسبة للسلطة فإن هذه الخدمة هي أكثر ما تسعى إليه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة