مشهد سياسي- عسكري تقبل عليه سوريا قبيل “سوتشي”

عناصر من الجيش الحر على جبهات ريف إدلب الشرقي - كانون الثاني 2018 (afp عمر حاج قدور)

camera iconعناصر من الجيش الحر على جبهات ريف إدلب الشرقي - كانون الثاني 2018 (afp عمر حاج قدور)

tag icon ع ع ع

بدأت الدول المؤثرة في الملف السوري خلط أوراقها من جديد، قبل أيام من “مؤتمر الحوار الوطني” الذي تروج له موسكو منذ أشهر، لجعله المسار الوحيد للانتقال السياسي وتشكيل رؤية جديدة في المنطقة.

تطورات متسارعة يشهدها الملف السوري، وتشير معظمها إلى “فشل ضمني” للمؤتمر الروسي، وسط الحديث عن مرحلة جديدة يقبل عليها المسار العسكري والسياسي في سوريا.

وعلى خلاف ما توقعه محللون في الأشهر الماضية حول استقرار سياسي وعسكري ستشهده سوريا، يشير الشهر الأول من 2018، إلى حروب جديدة قد تقبل عليها سوريا، ويؤكدها تباين المصالح الدولية.

تركيا تتحرك في إدلب وعفرين

اللاعب التركي كان أول البادئين بخلط الأوراق بتحركات من جانبه في محيط مدينة عفرين التي تسيطر عليها “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، وفي مدينة إدلب التي تشهد مواجهات عسكرية في محيط مطار أبو الظهور المتفق عليه لصالح قوات الأسد في “أستانة7”.

وأكدت العربات المصفحة (تركية الصنع) التي شاركت بها فصائل “الجيش الحر” في معارك ريف إدلب، وقوف أياد تركية وراء التحرك العسكري المضاد في إدلب، رغم نفي الفصائل أي تسيير دولي لهم في المحافظة.

وبحسب ما يظهره الموقف التركي والتصريحات الأخيرة ترتبط محافظة فصائل المعارضة على إدلب بمصير المقاتلين الكرد في عفرين ومنبج، التي دخلت على خط التصريحات التركية، خلال الأسبوع الماضي.

وجاء خلط الأوراق التركية بعد جمود روسي حول ملف عفرين، وغياب الجدية بخصوص خروج الوحدات الكردية من المنطقة، أو كبح دورها العسكري في المنطقة، الأمر الذي دفع أنقرة لمجموعة نقاط من شأنها إفشال “سوتشي” التي تصر على عدم مشاركة الكرد فيه.

وفي كلمة له منذ أيام ألمح أردوغان إلى إمكانية انطلاق عملية عسكرية موسعة في عفرين ومنبج، لطرد الوحدات الكردية، مهددًا “إذا لم ينسحبوا (مقاتلو الوحدات الكردية) خلال أسبوع واحد، سنسحقهم كما فعلنا مع عناصر تنظيم داعش الإرهابي في عملية درع الفرات”.

 

أمريكا تثبت نفوذها بقوة من 30 ألف مقاتل

في زحمة هذه التطورات، طفا على السطح صدام أمريكي- روسي حول المسار السياسي لسوريا، وعززه إعلان أمريكي عن قوة عسكرية بـ 30 ألف مقاتل، حدد انتشارهم على الحدود مع تركيا وعلى طول نهر الفرات.

وتسعى أمريكا إلى تنسيق مواقف حلفائها الدوليين والإقليميين وراء دعم مفاوضات “جنيف” بناء على قرار مجلس الأمن رقم “2254”، بينما تجد روسيا صعوبة مع حلفائها، وبدأت درس تأجيل عقد مؤتمر سوتشي في 29 الشهر الحالي إلى منتصف شباط المقبل.

ومن المفترض عقد اجتماع ثلاثي (روسي، تركي، إيراني) لبحث مصير مؤتمر سوتشي نهاية الشهر، تزامنًا مع بحث أنقرة وباريس عقد مؤتمر وزاري لـ”أصدقاء سوريا” في تركيا الشهر المقبل لتنسيق المواقف بين الدول الـ11 وتقليص الفجوة بينها.

وجاء الإعلان عن القوة العسكرية كتثبيت للنفوذ الأمريكي في سوريا، ومرحلة جديدة من الصراع مع الجانب التركي والروسي بآن واحد، إذ تقود القوة المعلن عنها “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) والتي تصنفها تركيا “إرهابية”.

بينما اعتبرت موسكو أن “الجيش” الجديد الذي ستدعمه أمريكا نوع من التقسيم في سوريا وعرقلة للمساعي الدولية في سوريا.

في مقالة للكاتب اللبناني، جورج سمعان، في صحيفة “الحياة” اعتبر أن المرحلة الحالية في سوريا “لا تبشر بتسويات بقدر ما تنذر بمزيد من الحروب”، كما تطوي صفحات جنيف وأستانة وسوتشي.

وأشار إلى أن موسكو رفعت وتيرة العمليات العسكرية لعلها تنقذ “مؤتمر الحوار”، بل لعلها تنقذ مساعيها السياسية من فشل محتوم في ضوء ما يواجه المؤتمر من اعتراضات ومقاطعة ورفض حلوله محل جولات “جنيف”.

“مسرحية” حميميم الروسية

في سياق الصدام الروسي- الأمريكي أثار الهجوم على قاعدة حميميم الروسية، الأسبوع الماضي، من خلال طائرات مسيّرة عن بعد تحمل ذخائر تساؤلات وتكهنات حول الطرف المسؤول.

الهجوم لم تتبناه المعارضة أو أي جهة قريبة من محافظة اللاذقية، إلا أن روسيا اتهمت الفصائل العسكرية الموجودة في مدينة إدلب، وسط تحليلات متباينة تحدثت عن أياد أمريكية أو إيرانية وأخرى تركية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها قضت على منفذي العملية في محافظة إدلب، بعد تصريحات لبوتين أن روسيا تعلم من هاجم القاعدتين الروسيتين، وأين ومتى جرى تسليم هذه الطائرات المسيّرة وكم بلغ عددها.

ولمحت روسيا رسميًا إلى أن المواد المستخدمة في الهجوم تصنع في أوكرانيا، ما اعتبره محللون اتهامًا ضمنيًا لأمريكا بوقوفها وراء الهجوم.

وبحسب الكاتب اللبناني فإن اتهام موسكو للفصائل حول هجوم حميميم بدت كأنها تبتعد عن تفاهمها مع أنقرة، رغم الاتصال الهاتفي بين أردوغان وبوتين الذي أصر قادته في سوريا على مواصلة القتال في ريف إدلب بذريعة أن تفاهمات أستانة استثنت “الفصائل المتطرفة” من التهدئة.

واعتبر الكاتب أنه “لم يبق شيء من أستانة”، إذ تجد روسيا نفسها مرغمة على استرضاء طهران مرة، وأنقرة مرة أخرى، وتدرك أن إيران لا ترغب عمليًا في وقف الحملات العسكرية، ومايزال هدفها أن يستعيد حليفها رئيس النظام السوري، بشار الأسد، السيطرة على سوريا بالكامل.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة