امرأة في الأخبار.. كارولا راكيتا منقذة المهاجرين الحرة

القبطانة الألمانية كارولا ريكيتا - 27 حزيران 2019 (AP)

camera iconالقبطانة الألمانية كارولا ريكيتا - 27 حزيران 2019 (AP)

tag icon ع ع ع

برأت القاضية الإيطالية، أليساندرا فيلا، أمس 2 من تموز، القبطانة الألمانية الشابة كارولا راكيتا من تهم الاتجار بالبشر التي احتجزت بسببها من قبل السلطات الإيطالية قبل ثلاثة أيام، حينما أرست القبطانة سفينة “سي وواتش 3″ على شاطئ جزيرة لامبدوزا لإنزال 40 مهاجرًا إفريقيًا في القارة الأوروبية.

أصابت القبطانة في أثناء محاولتها حط رحال السفينة قاربًا لخفر السواحل الإيطالي كان على متنه خمسة جنود لم يتعرضوا للأذى، بعد 17 يومًا علقت خلالها في البحر المتوسط ممنوعة من الرسو على أي شاطئ أوروبي.

اعتقلت القبطانة واحتجز قاربها وفرضت عليها غرامة بقيمة 50 ألف يورو، ودعا وزير الداخلية الإيطالي المعروف بتوجهه الرافض لاستقبال المهاجرين، ماتيو سالفيني، تصرفها بـ”عمل إجرامي، عمل حرب”.

إلا أن القاضية اعتبرت تصرفها “مبررًا” في إطار سعيها لإنقاذ أرواح المهاجرين الذين أنقذتهم من البحر، في 12 من حزيران، وأنها لم تملك خيارًا آخر مع تصنيف مرافئ كل من ليبيا وتونس بغير الآمنين.

من هي كارولا راكيتا

ولدت كارولا في بلدة بريتز عام 1988، والدها ضابط سابق في البحرية الألمانية، قضت بعضًا من طفولتها خارج ألمانيا، شهدت خلالها اختلاف أنماط الحياة في مناطق أخرى من العالم.

وقالت لصحيفة “لا ريبابليكا” الإيطالية إن تجربتها في أمريكا الجنوبية وهي طفلة جعلتها تدرك مقدار النعم التي تعيشها، وحفزتها على تقديم ما تستطيع بالمقابل.

لكن وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو سالفيني، استهزأ بنشأتها “المنعمة”، ودعاها للاهتمام بفقراء ألمانيا بدل “تشجيع” المهاجرين على عبور المتوسط، على حد تعبيره.

اتخذت إيطاليا سياسة معادية للهجرة، عقب التدفق الكبير الذي شهدته القارة عام 2015، وأصدرت في كانون الأول عام 2018 قانونًا ألغى تقديم الحماية الإنسانية لمن يصل إليها، واشترطت على الاتحاد الأوروبي استقبال المهاجرين الـ40 فورًا.

وأعلنت كل من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ وفنلندا والبرتغال عن قبول اقتسام أعداد المهاجرين، وسط تصاعد التوتر الألماني الإيطالي.

واعتبرت راكيتا قرار القاضية “نصرًا كبيرًا” للمدافعين عن حقوق اللاجئين، والمهاجرين، وطالبي اللجوء، حسبما نقلت عنها منظمة “سي وواتش” الإنسانية غير الحكومية.

واستنكر وزير الداخلية الإيطالي، بتسجيل مصور عبر حسابه في “فيس بوك”، قرار الإفراج عن القبطانة الألمانية، قائلًا “المرأة المسكينة لم تحاول إلا قتل خمسة جنود إيطاليين. إنني عاجز عن الكلام! ماذا عليك أن تفعل حتى يتم إرسالك للسجن في إيطاليا؟”.

وتملك القبطانة والناشطة البيئية خبرة كبيرة في العمل البحري، مع اختصاصها بالعلوم البحرية والنقل البحري في الجامعة، التي مكنتها من الحصول على رخصة القبطان في ألمانيا، وحصولها على الماجستير في موارد البيئة من إنجلترا عام 2018.

عملت كضابطة ملاحة لمدة عامين في بعثة علمية في المحيط المتجمد، من قبل معهد ألفريد وينغير للبحوث القطبية والبحرية، وعملت كمتطوعة لفترة بسيطة ضمن محمية كرونوتسكي في شبه جزيرة كامتشاتكا في روسيا.

وكانت ضابطة سلامة في رحلات “سيلفر سي” البحرية التجارية، ثم عملت ضابطة ثانية على السفن التابعة لمنظمة “السلام الأخضر” العالمية ولمنظمة البحث القطبي البريطانية بين عامي 2015 و2018.

وقال والدها، إيكهارت راكيتي، لصحيفة إيطالية، إن ابنته تتحدث خمس لغات وتفهم بعض الإيطالية، متمنيًا ألا تتقنها في السجون الإيطالية، التي بلغت مدة العقوبة المحتملة لها عشر سنوات.

تعاطف عالمي وأزمة دبلوماسية لاحت في الأفق

نالت القبطانة الكثير من التعاطف العالمي، وقامت للدفاع عنها حملة لجمع التبرعات لصالح منظمة “سي وواتش”، تمكنت من جمع 1.3 مليون يورو في ألمانيا وإيطاليا، كما نظم العديد من الناشطين مظاهرات في مدينة صقلية وباليريمو وبيسكارا في إيطاليا للمطالبة بالإفراج عنها.

وشكك الرئيس الألماني، فرانك والتر ستينميار، بالتعامل الإيطالي مع راكيتا، قائلًا “إيطاليا في قلب الاتحاد الأوروبي، بلد مؤسس للاتحاد الأوروبي، ولهذا نتوقع من بلد كإيطاليا التعامل مع قضية كتلك بطريقة مختلفة”.

ورد عليه سالفيني عبر حسابه في “تويتر”، “ندعو الرئيس الألماني للانشغال بما يجري في ألمانيا وأن يقوم بدعوة مواطنيه لتجنب كسر القوانين الإيطالية والمخاطرة بأرواح قوات الأمن”.

كما سألت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، رئيس الوزراء الإيطالي، جيوسيبي كونتي، عن حالها خلال اجتماع في بروكسل لقادة الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين، ليرد عليها بأن مصيرها بيد العدالة الإيطالية.

وانتقد وزير الخارجية الألماني رد الفعل الإيطالي، وكتب “إنقاذ الحياة هو واجب إنساني”.

وعاد وزير الداخلية الإيطالي للقول إنه سيرسل “المجرمة” كارولا راكيتي إلى ألمانيا لأنها خطرة على الأمن الوطني، ولكن ما زال في انتظارها تحقيق يوم 9 من تموز بتهمة التحريض على الهجرة غير الشرعية.

وما زالت سفينتان لإنقاذ المهاجرين تجولان البحر الأبيض المتوسط، هما “الأذرع المفتوحة” و”آلان كردي”.

وسيعقد سالفيني اجتماعًا في وزارته يوم الثلاثاء لمناقشة طريقة منع هاتين السفينتين من جلب المهاجرين إلى إيطاليا، قائلًا، سنستمر بإيقافهم، واحدًا تلو الآخر. سنجد قاضيًا، سيكون هناك واحد في إيطاليا، ستكون لديه الشجاعة ليقول… هؤلاء الناس ليسوا بمنقذين، إنهم شركاء بالجرم، قتلة محتملون، مجرمون، وفي بلد طبيعي يذهب المجرمون إلى السجن”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة