تعا تفرج

رفاق النضال يدبكون في المعرة

tag icon ع ع ع

خطيب بدلة

شعرت بالضيق وأنا أقرأ الخبر الذي نشرته عنب بلدي، قبل أيام، عن انفجار عبوة ناسفة بسيارة قرب شعبة حزب البعث في قطنا بريف دمشق، استهدفت ضابطًا في جيش التحرير الفلسطيني.

لم أتضايق لأجل الضابط المستهدف، ولا يعنيني إن كان قد جرح جروحًا بسيطة، أو خطيرة، أو مات، ولست مهتمًا لكونه فلسطينيًا، أو سوريًا، أو مغربيًا، فقد توصلت -وأنا أخوكم- إلى قناعة مفادها أن أمتنا، من بابها إلى محرابها قد وُجدت لتنقرض، بالزائد ضابط فلسطيني، بالناقص ضابط سوري، لا فرق.

سبب ضيقي، في الحقيقة، يتعلق بالساحة التي شهدت التفجير، فبرأيي المتواضع أن الساحات القريبة من الفروع والشُّعَب والفرق الحزبية تصلح للأفراح والدبكات، أكثر مما تصلح للتفجير، واحتراق السيارات، وانهيار الأبنية والجدران، وانتشال الجثث.

في هذا السياق ثمة خبر آخر يبعث على الحيرة، وهو أن نظام ابن حافظ الأسد قد أركب قائدَ شرطة إدلب، ومحافظ إدلب، وأعضاء قيادة فرع الحزب بإدلب، في باصات خضر، وشحنهم إلى معرة النعمان، بعد أن قرر جعلها مركزًا مؤقتًا لمحافظة إدلب.

مفاجآت غير سارة كثيرة أتوقع أن يتعرض لها هؤلاء القوم في مدينة المعرة. أتخيل الباصات وهي تدور بهم، ساعة وصولهم، من مكان إلى آخر بحثًا عن شارع يدخل فيه الباص ويستطيع أن يصل إلى آخره دون أن يضطر للتدوير والعودة بسبب تراكم الأنقاض، أو بسبب وجود أبنية آيلة للسقوط يمكن أن تهوي، فجأة، فوق رؤوسهم.. وكلما طلب المحافظ، أو أمين الفرع، أو قائد الشرطة، من السائق أن يتوقف، لا بد أن يعترض قائد فريق التصوير التلفزيوني على النزول في هذا المكان، لخلوه من أي خلفية يمكن إدخالها في الكادر دون إظهار الدمار الكبير الذي حققته طائرات سلاحنا الجوي الباسلة وطائرات سلاح الجو الروسي الشقيقة بهذا الشارع بالذات.

أعتقد أن جماعة التصوير قادرون على تجاوز هذه المحنة بنقل المسؤولين المشحونين بالباصات إلى مدينة أخرى غير المعرة لم تتعرض كلها للدمار، وتصويرهم بكامل استعداداتهم اللوجستية، من بدلات رسمية، وكرافات، وابتسامات، والزعم بأن هذه هي المعرة، على طريقة الرجل الذي يضع رجله في مكان ويقول: هنا مركز الكون، ومن لا يصدق فليقس!

المشكلة الأساسية التي سيتعرض لها المشحونون بالباصات ستكون بعد النزول في المعرة، فقائد الشرطة سيكون قائد شرطة على مَن؟ وأين سيبني الثكنات لعناصره، وإلى أي البلدات والقرى سيرسلهم لكي يحفظوا الأمن والأمان ويكونوا (في خدمة الشعب)؟ والمحافظ سيكون محافظًا على مَن؟ وما سيعانيه هؤلاء القوم المشحونون بالباصات كله كوم، على قولة أشقائنا المصريين، وما سيعانيه أمين الفرع وأعضاء الفرع وأمناء الشُّعَب الحزبية كوم. لنفرض أن هؤلاء الرفاق كانوا جالسين في مكاتبهم، بأمان الرحمن، وجاءهم خبر يقول إن الطائرات الإسرائيلية قصفت مدينة دمشق، وقامت مضاداتنا بالتصدي لها، وقاموا من توهم إلى الدبكة، أين سيدبكون؟ ومن يضمن لنا ألا تعمى أعينهم من كثافة الغبار التي ستنطلق في الجو عندما تنزل أقدامهم في آن واحد على الأرض!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة