مشافٍ للعامة وأخرى لـ"الطبقة المخملية"..

الاستطباب في حمص.. رحلة مكلفة غير مضمونة النتائج

camera iconمشفى الباسل في مدينة حمص - 2018 (souriana)

tag icon ع ع ع

ريف حمص – عروة المنذر

غابت الخدمات الطبية الحكومية عن محافظة حمص بشكل جزئي، بعد الأحداث العسكرية التي شهدتها المدينة والأرياف منذ عام 2011 حتى سيطرة النظام عليها بشكل كامل، بتسوية الريف الشمالي عام 2018.

إذ تضررت المرافق الطبية، وعلى رأسها المشافي، بالقصف، ومع تدمير “المشفى الوطني” في المدينة بشكل كامل، لم تستطع وزارة الصحة تعويض الخدمات الصحية عن طريق بقية المشافي الحكومية، التي انحصرت بثلاثة مشافٍ ومركز عيادات شاملة ومشفى عسكري، مقابل 13 مشفى خاصًا.

وسط ذلك، بات المرض في حمص يعني رحلة شاقة من البحث عن استطباب جيد ورعاية مناسبة، وأصبح المواطنون عرضة لجشع المشافي الخاصة، وتغاضي مديرية صحة حمص عن الأجور المرتفعة في المشافي الخاصة لعدم قدرتها على تقديم البديل.

نقص في الأدوية وغياب للأطباء المختصين

افتتحت مديرية صحة حمص “مشفى الوليد” بحي الوعر، في 15 من تشرين الثاني عام 2018، وجهزته بـ150 سريرًا، عشرة منها لغرف العناية المركزة، لكن حتى الآن يفتقد المشفى لكوادر طبية وأطباء اختصاصيين يقدمون الخدمات للمرضى ويتابعون حالاتهم.

عبد الرزاق كساح مريض من مدينة تلبيسة اضطر لدخول “مشفى الوليد” بعد إصابته بمرض “ذات الرئة”، لكنه لم يلقَ الرعاية التي كان من المفترض أن تُقدم لحالته.

تحدث عبد الرزاق لعنب بلدي عن فترة تداويه في المشفى التي بلغت ثلاثة أيام، لم يعاين خلالها حالته أي طبيب مختص، في أثناء إقامته بالمشفى، ما اضطره للخروج والذهاب إلى مشفى خاص للحصول على العلاج.

الطبيب المشرف على حالته كتب له خطة العلاج التي سيطبقها الأطباء والممرضون، وطلب منه بعض الأدوية والحقن، وفق عبد الرزاق، الذي أكد أن بعض الممرضين بدؤوا بسرقة الدواء الذي اشتراه من الصيدلية الخارجية، لعدم وجود دواء في المشفى، مشيرًا إلى أن المشفى يفتقد حتى لحقن “الديكلون” (نوع من الحقن المسكنة).

ويقتصر الكادر الطبي في المشافي الحكومية بحمص على الأطباء المقيمين، أي حديثي التخرج من الجامعات الحكومية، الذين يفرزون إلى المشافي الحكومية للتخصص.

نور طبيبة حديثة التخرج، فُرزت إلى “مشفى الوليد” للاختصاص، وصفت الوضع هناك لعنب بلدي بـ”المر”.

وأكدت نور (تحفظت على نشر اسمها الكامل حفاظًا على استمراريتها المهنية)، أن أغلب الأطباء في المشافي الحكومية من حديثي التخرج، أما أصحاب الخبرة منهم فقد غادروا البلاد أو تعاقدوا مع المشافي الخاصة، إذ إن راتب الطبيب في المشفى الحكومي لا يتجاوز أجرة إجراء عملية واحدة في أي مشفى خاص.

أجور باهظة في المشافي الخاصة

أفسح انعدام الخدمات الصحية التي تقدمها المشافي الحكومية المجال أمام المشافي الخاصة لتحتل الصدارة في قائمة المنشآت الطبية في المحافظة، وعلى الرغم من الأجور المرتفعة التي تتقاضاها تلك المشافي لقاء خدماتها، تفتقر أيضًا للكوادر الطبية المحترفة التي غادرت البلاد للبحث عن فرص أفضل.

وتصل أجرة السرير في المشفى الخاص من ثمانية إلى 15 ألف ليرة سورية عن كل يوم، وأجرة السرير في غرفة العناية المركزة تتراوح بين 35 و60 ألف ليرة، دون حساب ثمن الدواء وأكياس الدم التي تُطلب ويكلف مرافق المريض بإحضارها من خارج المشفى، وفق المريض عبد الرزاق، الذي أمضى فترة علاجه في مشفى “الرعاية الطبية” الخاص بعد مغادرة المشفى الحكومي، لكنه دفع 80 ألف ليرة سورية لقاء يومين أمضاهما فيه.

وتعد التكلفة مرتفعة مقارنة بما يدفعه أغلب المرضى في المشفى الذي قيّمه على أنه “متوسط الخدمة”، إذ دفع المبلغ مقابل بعض التحاليل والصور، إلى جانب أجرة الإقامة، مشيرًا إلى أنه اشترى الدواء من صيدلية خارجية.

مشافي “الطبقة المخملية”

يعد مشفى “الهلال الأحمر” في حمص من أكثر المشافي ذات الأجور المرتفعة مقارنة ببقية المشافي في المحافظة، ويدّعي المشفى أن الأرباح تعود لصندوق الهلال الأحمر.

تصل الأجرة اليومية للسرير إلى 25 ألف ليرة سورية، وأما أجرة سرير العناية المركزة فتصل إلى 75 ألفًا لليوم الواحد، ويعتذر المشفى عن عدم استقبال أي حالة قبل دفع مبلغ 100 ألف ليرة كـ”فتح حساب” لدخول المشفى، وفق ممرض يعمل في المدينة التقته عنب بلدي (تحفظ على نشر اسمه الكامل لأسباب مهنية).

وأكد الممرض أن مشفى “الهلال الأحمر” يُعتبر من مشافي “الطبقات المخملية” والمسؤولين، والطبابة فيه حكر على أصحاب الواسطات والعائلات المعروفة، بينما تُترك بقية المواطنين ليخوضوا جولات البحث عن خدمات طبية حقيقية في المحافظة، بأثمان تتناسب مع أوضاعهم المادية.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة