فيروس “كورونا” سيقتل المعتقلين في سجون النظام السوري نيابة عنه

عضو من وحدات التطهير التابعة للإدارة الكردية السورية شبه المستقلة يرش اللوحات الإعلانية في القامشلي في 24 من آذار لعام 2020 - (New Stateman)

camera iconعضو من وحدات التطهير التابعة للإدارة الكردية السورية شبه المستقلة يرش اللوحات الإعلانية في القامشلي في 24 من آذار لعام 2020 - (New Stateman)

tag icon ع ع ع

عمر الشغري – موقع “NewSatesman”

مع انتشار السلالة الجديدة من فيروس “كورونا” بسرعة في جميع أنحاء العالم، تم تجريد ملياري شخص من حرية التنقل وأُجبروا على البقاء في منازلهم.

نصحت منظمة الصحة العالمية كل فرد أن يبقى بعيدًا عن غيره مترين على الأقل.

ولكن بالنسبة للمعتقلين في السجون المزدحمة بالمناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا، فإن هذا النوع من التباعد الاجتماعي ليس خيارًا.

ذكرياتي في تلك السجون تؤكد ذلك، فقد اعتقلتني الأجهزة الأمنية الوحشية التابعة للنظام السوري لمدة ثلاث سنوات في عشرة مراكز اعتقال مختلفة، بعد أن شاركتُ في الاحتجاجات ضد النظام في عام 2011.

من الصعب معرفة المدى الحقيقي لانتشار فيروس “كورونا” في سوريا، حيث تسيطر فصائل متنافسة مختلفة على أجزاء مختلفة من البلاد بعد تسع سنوات من الصراع.

النظام الحاكم في دمشق لا يُظهر ما لديه من حقائق، فحتى 6 من نيسان الحالي، أكدت وزارة الصحة وجود 19 حالة مصابة بـ”كورنا”، وحالتي وفاة، وحالتين تماثلتا للشفاء.

وهي أرقام أقل بكثير من الدول المجاورة مثل لبنان وتركيا والعراق. هل النظام يتبع شريكته وحليفته إيران، التي اتُّهمت بالتستر على مدى تفشي المرض؟ من الممكن ألا نعرف أبدًا.

ومما يثير القلق بالنسبة للمعتقلين في سوريا، أن إحدى حالات الوفاة من فيروس “كورونا” كانت لامرأة من بلدة منين، التي تقع على بعد عشرة كيلومترات فقط من السجون السورية الأكثر شهرة، صيدنايا.

لقد أمضَيتُ قرابة عام هناك، وتعرضتُ لإعدام وهمي قبل إطلاق سراحي.

إن قرب الفيروس من السجن يجعلني أخشى من أن وصوله إلى سجن صيدنايا ما هي إلا مسألة وقت، ذلك السجن الذي قضت فيه عمليات الإعدام الجماعي بالفعل على آلاف الأشخاص.

الانتهاكات التي تعرضتُ لها في السجون السورية لا تزال مستمرة. وبحسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” يوجد ما يقرب من 130 ألف شخص ما زالوا محتجزين أو اختفوا قسرًا على يد النظام السوري.

انتشار فيروس “كورونا” ستكون له آثار كارثية على المعتقلين في سجون النظام، العديد منهم في حالة صحية سيئة و احتُجزوا استبداديًا لسنوات دون أي سبب، وأجهزتهم المناعية قد تلفت بسبب التعذيب والجوع.

من بين جميع السوريين، من المرجح أن يعاني المعتقلون أكثر من غيرهم. في نهاية آذار الماضي، قال النظام إنه سيطلق سراح بعض السجناء، لكن العفو لا يشمل المعتقلين السياسيين، الذين لا يزالون يعانون من ظروف قاسية.

يجب الإفراج عن السجناء، يجب ألا تكون هناك مفاوضات حول ذلك. لكنني لا أعتقد أن الإفراج عنهم سيحدث في أي وقت قريب لأن انتشار فيروس “كورونا” سيقتل العديد من المعتقلين أولًا.

وبشكل عكسي، قد يعتبر النظام هذا مفيدًا تقريبًا، وقد يستخدم الفيروس لمصلحته، من خلال الإفراج عن بعض السجناء بينما يتم الاحتفاظ بآخرين كورقة سياسية. على أي حال، فإن السجانين في السجون السورية لا يهتمون بصحة المعتقلين أو براحتهم، ولا يحاولون منع انتشار الأمراض، مثل “كوفيد- 19″، على العكس من ذلك، إنهم يقضون وقتهم بإيجاد طرق قاسية لإيذاء وتعذيب السجناء واحتواء المرض باستخدام الوحشية القاتلة.

لدى وصولي إلى سجن صيدنايا في عام 2014، سأل أحد ضباط النظام المحتجزين القادمين إن كانوا يعانون من أي مرض. أولئك الذين قالوا نعم قُتلوا على الفور تحت التعذيب. خلال سنوات حياتي الثلاث كمعتقل في ظل النظام السوري، رأيت السل ينتشر ويقتل الآلاف من السجناء الآخرين.

أنا أيضًا أُصبتُ بالسل، وكنت أسعل الدم، وأصبح وزني 34 كيلوغرامًا فقط. بالنسبة لي، بقائي على قيد الحياة لا يزال يبدو وكأنه معجزة. أخشى، أكثر من أي شيء، أن يكمل الفيروس الإبادة الجماعية التي تحصل في سجون النظام ضد السوريين.

تفتقر سوريا إلى نظام رعاية صحية، نتيجة لأكثر من تسع سنوات من الصراع المستمر، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، استهدفت روسيا والجيش السوري المستشفيات عمدًا، تاركين الملايين يعانون دون رعاية طبية كافية مع أو من دون وباء.

النظام السوري لا يهتم بشعبه. على مدى السنوات التسع الماضية استخدم النظام فيها أسلحة من جميع الأنواع لذبح شعبه، بمن فيهم المعارضة السلمية في عام 2011.

الأسد يهتم فقط ببقاء نظامه وعائلته، الذين حكموا البلاد بقبضة حديدية منذ عام 1970. بكلمات أخرى، الأسد مستعد لترك مئات الآلاف من السوريين يموتون قبل أن يستسلم للانتقال الديمقراطي.

في مكافحة فيروس “كورونا”، توحد العالم ضد عدو مشترك. لقد قدمنا ​​تضحيات عديدة مثل البقاء في المنزل وتأذي أعمالنا المهنية، وتجنب الأصدقاء والعائلة، للحفاظ على أنفسنا ولتبقى مجتمعاتنا آمنة.

ولكن ذكرياتي في سجون النظام في سوريا لا تزال ساكنة بداخلي، وأعلم أنه بالنسبة للأشخاص الذين لا يزالون معتقلين في سوريا، فإن الحصول على الرعاية الصحية وتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي أمر مستحيل.

يجب علينا أن نطلب من حكوماتنا ممارسة أي ضغط ممكن لمنع فقدان المزيد من الأرواح. لقد شهدت أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، في آذار الماضي، حول ظروف السجن التي مررت بها في سوريا، لأنني أعتقد أن الحديث عما حدث لي يمكن أن يحدث فرقًا ويحسن ظروف أولئك الأبرياء الذين ما زالوا مسجونين ظلمًا في بلدي.

مئات آلاف المعتقلين في السجون السورية ليسوا مجرد أرقام، هؤلاء المعتقلون الأقل قدرة على حماية أنفسهم من فيروس “كورونا” بحاجة ماسة إلى أصواتنا.

يجب أن نستمر في التكلم عن وضعهم نيابة عنهم، وأن ننهي نظام الاعتقال غير المعترف به، والإبادة الجماعية للنظام السوري.


ترجمة: سنا عضم




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة