الباحث والحقوقي نادر جبلي لعنب بلدي: “قيصر” حوّل حلم الروس إلى سراب

الحقوقي نادر جبلي (الصفحة الرسمية في فيس بوك)

camera iconالحقوقي نادر جبلي (الصفحة الرسمية في فيس بوك)

tag icon ع ع ع

حوار: أسامة آغي

يعد الحل السياسي من أهم القضايا بالنسبة للشعب السوري، رغم تشكيك كثيرين بجدواه، خاصة إن لم يترافق مع العدالة الانتقالية، التي ترتبط بشروط الوضع السياسي والقوى المتحكمة به.

عنب بلدي التقت الحقوقي والباحث في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، نادر جبلي، وحاورته حول حجم الانتهاكات المرتكبة في سوريا ومدى حيادية القضاء الأوروبي تجاه محاكمة سوريين ضالعين في هذه الانتهاكات، بالإضافة إلى الوضع الحالي للنظام السوري بعد قانون “قيصر”.

النظام منهك وحلفاؤه مستهدفون

أقر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في نهاية عام 2019 قانون “قيصر”، الذي يستهدف شخصيات كبرى من النظام السوري على رأسها بشار الأسد.

ودخل القانون حيّز التنفيذ في حزيران الماضي، مع توقعات بتأثيره على النظام السوري وحلفائه اقتصاديًا بشكل كبير.

ويرى جبلي، الحاصل على إجازة في إدارة الأعمال، أن أهم إيجابيات قانون “قيصر” أنه يستهدف حلفاء النظام بشكل خاص، فالنظام منهك اقتصاديًا ومقطوع الموارد قبل إقرار القانون، وكان يعيش على دعم الحلفاء.

كما أن القانون ترافق مع انهيار أسعار النفط، وتأثير جائحة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، والأزمة الاقتصادية في لبنان، لذا بات حلفاء النظام غير قادرين على مواصلة هذا الدعم، بل صاروا يطالبون بفواتيرهم، وفقًا لجبلي.

ويعتقد جبلي أن “قانون قيصر حوّل حلم الروس باستثمار نصرهم العسكري سياسيًا ثم اقتصاديًا إلى سراب”، ولهذا لا يوجد من يجرؤ على دعم النظام بأي طريقة، أو الإسهام في أي مجال من مجالات إعادة الإعمار، “ما بدا للروس أنه بداية الحصاد، تحوّل فجأة إلى مستنقع جديد لا تعرف له نهاية”.

ويؤكد جبلي أن “اقتصاد الروس المنهك لا يحتمل الخوض في مستنقعات جديدة، والإيرانيون ليسوا أفضل حالًا”، وهذا سيؤدي برأيه إلى أن “قانون قيصر سيقصّر من لعبة تكاسر الإرادات بين الولايات المتحدة وروسيا، وسيجلب الروس إلى مفاوضات مع الغرب عاجلاً أم آجلاً”.

ويعتقد جبلي أن الروس سيجدون أنفسهم مجبرين على جلب النظام إلى تسوية سياسية، أو التخلي عنه بعد أن أصبح بضاعة فاسدة عديمة القيمة بحسب رأيه.

حجم الانتهاكات والضحايا مرعب

أوضح نادر جلبي الفرق بين العدالة الانتقالية والتقليدية، والاختلاف بينهما من حيث الأهداف أو الآليات أو المجال.

وأضاف الباحث الحقوقي أن هذه العدالة تختلف من بلد إلى آخر حسب ظروف ومعطيات وتجربة كل بلد، وحسب تعقيدات المشهد السياسي والعسكري فيه، وحسب القوى الفاعلة والمتحكمة بذلك المشهد.

لهذا يعتقد الباحث نادر جبلي أنه “لا يمكن الحديث عن نموذج للعدالة الانتقالية يكون صالحًا لكل الأمكنة، ولهذا يجب تفصيل ثوب العدالة على قياس الحالة”.

وبحسب جبلي، بلغ حجم الانتهاكات وحجم الضحايا في سوريا حدًا مرعبًا، لكن الأخطر هو حجم المجرمين الضالعين بتلك الانتهاكات، ويرى أن حجم المجرمين يستدعي جهازًا قضائيًا ضخمًا ومؤهلًا.

ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 226 ألفًا و247 مدنيًا بين آذار 2011 وآذار 2020.

وتابع الحقوقي السوري أن الخطورة تتعلق بأن “ثمة قوى إقليمية ودولية ترعى وتحمي كبار المجرمين، وهذه القوى قادرة على منع محاكمتهم، وتدعمهم بكل الوسائل، وتشجعهم على القيام بجرائمهم”، معتبرًا أن حجم الضحايا الكبير “يستدعي وجود إمكانيات مادية كبيرة للتعويض وجبر الضرر”.

ويرى جبلي أن “روسيا تعطل كل الآليات الممكنة لمحاسبة النظام في أو عبر مجلس الأمن، وهي تزوّد النظام بالسلاح، وتشرك سلاحها الجوي بشكل مباشر في المعارك”، كما يعتقد أن الروس “مفوضون بإدارة الملف السوري”.

وقال جبلي لعنب بلدي، “مهما بلغ الخلاف وتكاسر الإرادات بين الروس والأمريكيين، فإن الروس مفوضون بإدارة الملف السوري ضمن خطين أحمرين أمريكيين، الأول هو أمن إسرائيل والعلاقة معها، والثاني هو الوجود العسكري الإيراني في سوريا”.

ويربط جبلي إمكانية تحقيق عدالة انتقالية في ظل الظروف والمعطيات الراهنة بتغير الظروف الحالية، “واجتماع الإرادة الدولية أولًا، وتغيّر الموقف الروسي ثانيًا”، ورغم ذلك ستكون عدالة “محدودة وناقصة” وفق رأيه، لضخامة حجم مرتكبي الجرائم، وضخامة حجم ضحاياهم.

القضاء الأوربي غير مسيّس

وحول محاكمات تجري في أوروبا بحق سوريين ضالعين بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، قال الباحث نادر جبلي، “القضاء في الدول الديمقراطية غير مسيّس، ولا يمكن أن يعمل بتوجيه الحكومات، لذلك لا يمكن الحديث عن رسائل سياسية إلى أحد”.

وتجري في ألمانيا حاليًا محاكمة ضابط المخابرات السورية السابق أنور رسلان، المتهم بتعذيب مئات المعتقلين السوريين في الأفرع الأمنية، كما أعلنت عن اعتقال شخصين سوريين بتهمة قتل ضابط سوري في الأسر، والاشتباه بانتمائهما إلى “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقًا).

ويرى جبلي، الحاصل على إجازة في الحقوق، أن اتساع دائرة المحاكمات بحق مرتكبي هذه الانتهاكات يعود لأمرين، الأول هو “نشاط السوريين الساعين خلف تلك المحاكمات، والثاني هو طبيعة النظام القضائي في تلك الدول”.

ويستفيد السوريون من الدول التي تعتمد نظام “الولاية القضائية العالمية”، ومنها ألمانيا والسويد، وهذا يعني ملاحقة ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الانسانية أينما كانوا وأينما كانت جرائمهم، أما في الدول التي لا تعتمد هذا النظام القضائي فالملاحقة أضيق بكثير.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة