رجل في الأخبار..

شراكات اقتصادية تفوح منها رائحة أموال مجد سليمان “القذرة”

camera iconرجل الأعمال السوري المتهم بغسيل الأموال مجد بهجت سليمان في حزيران 2015 - (صفحته عبر فيس بوك)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – صالح ملص

في عام 2011، نشرت منظمة “النزاهة المالية الدولية” تقريرها الخاص بتحديد مستوى عمليات غسل الأموال”القذرة” في سوريا، الذي قدّر خسارة المؤسسات الحكومية السورية بـ23.6 مليار دولار أمريكي بين عامي 2000 و2009، بسبب الجرائم المالية المرتكبة من خلال السرقة والاختلاس والرشوة وغيرها من “الأنشطة المشبوهة”، ونقل تلك الأموال من داخل سوريا إلى ملاذ آمن في بلدان أخرى.

وبعد ثورة 2011، استمرت عمليات غسل الأموال من قبل رجال أعمال سوريين، من بينهم رجل الأعمال مجد سليمان، نجل السفير السوري السابق في الأردن، اللواء بهجت سليمان، إذ أعلنت تحقيقات النيابة العامة في الكويت، في تموز الماضي، عن ضلوع مجد سليمان بقضية اختلاس حملت اسم “الصندوق السيادي الماليزي”، التي بدأت تفاصيلها تتكشف في أيار الماضي.

نائب لشركائه بغسيل الأموال

تمحورت قضية “الصندوق الماليزي” بضلوع عدد من المسؤولين السابقين في الكويت مع رجال أعمال في تسهيل تمرير عمليات مالية مشبوهة وغير قانونية لمصلحة شركات صينية وماليزية، شملت، بحسب تقرير نشرته صحيفة “القبس” الكويتية، سلسلة مشاريع وصفقات مرتبطة بكيانات وشركات وأشخاص، وتطبيقات إلكترونية داخل الكويت وخارجها.

وتعود تفاصيل القضية إلى عام 2018، حين رفع أحد البنوك الكويتية بلاغًا إلى “وحدة التحريات المالية الكويتية” على خلفية تحويل مصرفي بقيمة 17 مليون دينار كويتي (55 مليون دولار أمريكي) قام به رجل الأعمال الكويتي حمد علي الوزان، لمصلحة حساب مرتبط بقضية “الصندوق الماليزي”.

وقالت صحيفة “القبس” في تقريرها، إن “أحد أطراف عملية غسل الأموال من رجال الأعمال هو مجد بهجت سليمان”، وأضافت وفق ما نقلته عن مصادرها أن “الشاهد الذي تدخل مؤخرًا في القضية (وافد عربي يحمل جوازًا أوروبيًا) قد تكون له يد في أولى عمليات غسل أموال الصندوق الماليزي في الكويت”.

المتهمان الرئيسان في القضية اللذان وجهت النيابة الرسمية لهما تهمة غسل الأموال هما الشيخ صباح جابر المبارك، وهو نجل رئيس مجلس الوزراء الكويتي السابق، جابر مبارك الحمد الصباح، بالإضافة إلى رجل الأعمال الكويتي حمد علي الوزان، باعتباره متهمًا ثانيًا.

وبحسب تقرير “القبس”، فإن دليل ضلوع المتهمين هو ما قاله “الشاهد” في القضية الذي لم تذكر الصحيفة هويته، والذي نُسبت إليه تهمة تتعلق بالتخطيط لعمليات غسل أموال “الصندوق الماليزي” وإدارة دخولها إلى الكويت.

ونظرًا لعدم مقدرة “الشاهد” على حضور الاجتماعات الخارجية لوجود منع سفر عليه رُفع من بنك محلي، وذلك بسبب قرض يصل إلى 11.2 مليون دينار كويتي مع إجمالي فوائده، أرسل شخصًا ينوب عنه، وهو مجد بهجت سليمان، نجل رئيس جهاز المخابرات السابق في سوريا.

وأوضحت الصحيفة أن مجد سليمان هو شريك لـ”الشاهد” في عدد من الشركات الإعلامية المعروفة، التي تمتلك مجلات “فاشن” في الكويت وخارجها، وصحفًا إلكترونية إحداها تتخذ من سوريا مقرًا لها.

مجد وشريكه “غير المنتمي لوطن”

في عام 1998، بدأت شراكة تجارية بين مجد سليمان ورجل الأعمال السوري- الفرنسي المقيم في الكويت محمد بشار كيوان، المالك لجريدة “الوسيط” في الكويت ودول الخليج، بحسب منظمة “مع العدالة” السورية.

وبدأت الشراكة فعليًا بين الطرفين من خلال إطلاق “المجموعة المتحدة للإعلان والنشر”، المتخصصة بإصدار عدد من الصحف والمجلات الفنية والإعلانية في سوريا وعدد من الدول العربية، مثل جريدة “ليالينا”، و”بلدنا”، و”توب غير”، و”ماري كلير”، و”فورتشن”، و”الوسيلة الإعلانية”، و”كونكورد ميديا للإعلانات الطرقية”، وصحيفة “البلد” في لبنان والكويت، بالإضافة إلى جريدة “الوسيط الإعلانية” التي كانت العمود الفقري للمجموعة.

ونالت جميع هذه المطبوعات رخصًا للإصدار في عدد من الدول العربية والإفريقية، بحسب المنظمة، كما أن بعضها كان يجري تأسيسه وترخيصه في أوروبا وأمريكا.

وتسلّم مجد سليمان منصب المدير التنفيذي لمجموعة “الوسيط الدولية” (AWA)، بحسب موقع “الاقتصادي“، ثم تطورت الشراكة بين الطرفين لتشمل الاستثمار في قطاعات الاتصالات والمصارف والسياحة والعقارات.

توظف مجموعة “الوسيط الدولية” ما يُقارب أربعة آلاف شخص في 12 دولة بجميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق أوروبا، وأسهم الشيخ صباح جابر مبارك الصباح بمساعدة كيوان ببناء هذه المجموعة، بالإضافة إلى مشاريع تجارية أخرى، وفقًا لتقرير صحيفة “الجارديان” البريطانية.

وأقفلت مجموعة “الوسيط الدولية” جريدة “الوسيط” الإعلانية، في عام 2018، مع عدم تبيان إدارة المجموعة حينها الأسباب التي دفعتها إلى هذه الخطوة، وفق صحيفة “الأخبار“، بعد إغلاق صحيفة “البلد” التابعة لنفس المجموعة مكتبها في بيروت خلال العام نفسه.

وانتقل مجد سليمان وشريكه بشار كيوان إلى أعمال الوساطة والسمسرة بعد تأسيس مجموعة “الوسيط الدولية”، وكانت أعمال السمسرة بين شركة “رافال” الفرنسية للطائرات والدول العربية الراغبة بشراء هذه الطائرات، ونجحا بعقد العديد من الصفقات، وتحقيق أرباح طائلة من تلك العمليات، وفق ما نشرته منظمة “مع العدالة“.

واستطاع كيوان بعد ذلك الحصول على جنسية دولة جزر القمر، رغم معارضة بعض أعضاء البرلمان في البلاد بيع الجنسية لرجال الأعمال، لكن كيوان هو “رجل بلا وطن، ابن العولمة”، بحسب وصف “الجارديان” له، إذ ولد في الكويت ودرس في جنوب فرنسا، وسبب حصوله على جنسية جزر القمر هو لجعل السفر وممارسة الأعمال التجارية أسهل، وفق الصحيفة، إذ يطلب رجال الأعمال الحصول على جنسيات من مختلف الدول لتسهيل تنقلهم وعملهم التجاري، وتوسيع شبكة علاقاتهم أكثر.

بوابة لغسيل أموال النظام السوري

أساس شراكة مجد سليمان وبشار كيوان لم تأتِ مصادفة، بل فرضها والده سفير سوريا في الأردن سابقًا، اللواء بهجت سليمان، إذ يعتبر المستفيد الأول منها، وتضمنت، بحسب منظمة “مع العدالة“، عمليات غسيل الأموال لمصلحة النظام السوري على المستوى العالمي، إذ استفاد مديرو مكتب بهجت سليمان ومرافقوه ماليًا من تلك العمليات، وذلك بالاعتماد على ملايين الدولارات التي وفرها بهجت لابنيه مجد وحيدرة تحت أعين السلطة في دمشق، من خلال الفساد المالي في مؤسسات الدولة.

كما لعب بهجت سليمان دورًا في تبرير رد فعل النظام تجاه المظاهرات التي ناهضت النظام السوري في درعا عام 2011، من خلال المجموعة الإعلامية التي يمتلكها ابنه مجد سليمان.

غياب المساءلة

تعتبر مستويات الخطر بشأن غسيل الأموال “القذرة” في منطقة الشرق الأوسط أعلى من المتوسط العالمي في هذا المجال، بحسب مؤشر “بازل” الخاص بمراقبة مدى قابلية حكومات العالم لمكافحة عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، الذي تعتمده الأمم المتحدة في إعداد قوائم الأفراد والكيانات المتورطة.

ولا توجد أي بيانات خاصة بسوريا في هذا الشأن، لأنها تعتبر دولة غير مشمولة بالتصنيف، بسبب ضعف الشفافية العامة والمساءلة في المؤسسات الحكومية السورية، التي تحتاج إلى اهتمام عاجل وفق تقرير معهد “بازل”.

وتعتبر إيران، الحليف الأبرز للنظام السوري، من أكثر الدول خطورة على مستوى العالم في غسيل الأموال “القذرة” والجرائم المالية والرشوة والفساد، وفق مؤشر “بازل”، بسبب عيوب النظام المالي، وضعف التشريعات القانونية، والتدخلات السياسية في نظم المعاملات المالية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة