هل يشن النظام السوري معارك جديدة في مناطق المعارضة؟

camera iconعناصر من الجبهة الوطنية للتحرير خلال تدريبات عسكرية (عزائم)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – علي درويش

تشهد الجبهات بين النظام السوري وفصائل المعارضة في الشمال السوري تعزيزات متبادلة، تحولت إلى توترات في بعض خطوط التماس، كريف إدلب الجنوبي، ما يفتح تساؤلات حول إمكانية فتح معارك جديدة من روسيا الداعمة للنظام السوري ضد مناطق تخضع لنفوذ تركي، إذ تدعم أنقرة فصائل المنطقة.

عزز “الجيش الوطني السوري”، المدعوم من تركيا، خطوط الجبهات مع قوات النظام السوري، على جبهات ريف حلب الأسبوع الماضي، تحسبًا لـ”جميع الاحتمالات”.

ونشرت معرفات ألوية ضمن “الجيش الوطني” صورًا وثقت توجه التعزيزات إلى جبهات القتال.

وجاء رفع الجاهزية بعد ورود معلومات عن نوايا روسية لشن عملية عسكرية على أرياف حلب، ومنطقتي تل أبيض شمالي الرقة ورأس العين شمال غربي الحسكة، التي تخضع لتفاهمات روسية- تركية سابقة، للضغط على تركيا، حسب حديث رئيس المكتب السياسي لـ”لواء المعتصم” المنضوي ضمن “الجيش الوطني”، مصطفى سيجري، عبر حسابه في “تويتر“.

وبحسب حديث قادة ميدانيين في “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، لعنب بلدي، تركزت تعزيزات النظام في جبهات ريف حلب، بينما بقي الوضع العسكري للمعارضة في إدلب على حاله.

وقال المتحدث باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” المنضوية ضمن “الجيش الوطني”، النقيب ناجي مصطفى، لعنب بلدي، إن هناك تحركات لقوات النظام والميليشيات الرديفة على بعض جبهات القتال.

وأكد مصطفى على رفع الجاهزية القتالية لأعلى مستوى، تحسبًا لجميع الاحتمالات، خاصة مع وجود تحركات في بعض مناطق سيطرة قوات النظام القريبة من خطوط التماس.

هجوم النظام “فزاعة” الروس للضغط

أوضح مدير وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات”، الباحث نوار شعبان، في حديث إلى عنب بلدي، أن استخدام الروس لتحركات النظام العسكرية أشبه بورقة ضغط، وفزاعة من الجانب الروسي.

وكان الروس علّقوا الدوريات الروسية- التركية المشتركة على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (M4)، منذ منتصف أيلول الماضي، بسبب ما سماه الروس “زيادة هجمات الإرهابيين”.

وتزامن تعليق الدوريات مع حشد النظام قواته على جبهات جبل الزاوية حنوبي إدلب (جنوب طريق “M4”)، وهي المناطق التي كرر النظام حديثه أنه يريد السيطرة عليها.

ولم يشارك الروس في الدوريات الثلاث الأخيرة الماضية، في 15 من أيلول الماضي و1 و7 من تشرين الأول الحالي، وأجريت فقط من جانب واحد.

وتخضح محافظة إدلب لاتفاق بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، قضى بوقف إطلاق النار، وتسيير دوريات مشتركة على “M4″، وإنشاء ممر آمن، على أن تخضع مناطق جنوب “M4” لسيطرة الروس (تشمل منطقة جبل الزاوية وأجزاء من جسر الشغور وأريحا) وشماله للأتراك، وبدأ سريانه في 4 من آذار الماضي.

لكن فريق “منسقو الاستجابة” وثق 2387 خرقًا لوقف إطلاق النار من قبل قوات النظام وروسيا، منذ بدء سريان الاتفاق حتى 18 من آب الماضي، إذ قُتل 18 مدنيًا، بينهم خمسة أطفال حتى بداية تموز الماضي.

ويشمل خرق الاتفاق استهداف مناطق المعارضة بالقذائف المدفعية والصاروخية، والطائرات المسيّرة والطائرات الحربية الروسية، في عدة مناطق بإدلب وحماة وحلب.

غير جاهز لوجستيًا ومستعد لشن عمل عسكري

النظام مستعد دائمًا لشن أي عملية عسكرية برية على مناطق سيطرة  المعارضة، لأنه لا يأبه بالطاقة البشرية الموجودة لديه، المتمثلة بالقوات النظامية والميليشيات الرديفة، كما لا يأبه بالمعدات، حسب الباحث نوار شعبان.

ودخل النظام في كثير من الأحيان بمعارك خاسرة ضد المعارضة، أدت إلى مقتل عناصره وتدمير معداته، لكن هذه العمليات حسب نوار شعبان، تضرب في بعض الأحيان الاستراتيجيات والدفاعات لقوات المعارضة.

وأضاف الباحث أن هذه المعارك لا تدخل فيها إلا قيادة “غبية” أو “ساذجة” عسكريًا، أو لا تأبه بالخسائر التي ستمنى بها خلالها، مشيرًا إلى أن النظام غير جاهز لوجستيًا، لكنه يدخل المعركة ولا مشكلة لديه، وحاول خلال الفترة الماضية التقدم على محور ريف اللاذقية لكنه فشل.

ولا يأبه النظام إن كان قادرًا أو غير قادر على شن العملية العسكرية، لكنه يأبه لشيء واحد هو التقدم.

وفي 3 من آب الماضي، أوقفت قوات المعارضة ثلاث محاولات تقدم على تل الحدادة في جبل الأكراد بريف اللاذقية، وتزامن الهجوم مع غارات للطيران الحربي وقصف بالمدفعية وراجمات الصواريخ على المنطقة من قبل النظام وروسيا.

وأنشأ الجيش التركي، في 9 من آب الماضي، نقطة عسكرية في جبل الأكراد، حسب حديث سابق لقائد عسكري ميداني في “الجبهة الوطنية للتحرير”، لعنب بلدي.

وسبق عملية الهجوم استقدام النظام تعزيزات عسكرية إلى خطوط التماس في المنطقة.

لا مقايضة بالنسبة للأتراك

رفضت تركيا طلبًا روسيًا بتخفيف وجودها العسكري في سوريا، كما أنها أرسلت تعزيزات عسكرية إضافية، وحاليًا تجري عمليات إصلاح لمطار “تفتناز” العسكري شرقي إدلب، ما يرجح أنه سيكون قاعدة للطائرات المسيّرة التركية (الدرون).

والأتراك، حسب نوار شعبان، جاهزون للدفاع عن المنطقة، وغير مستعدين لخسارة جبل الزاوية، لأنه منطقة مرتفعة وخسارته تعني كشف النظام كل النقاط التركية، وتهديد المنطقة ككل ومستقبلها.

واستبعد شعبان ربط ملف أذربيجان بإدلب، على الرغم من وجود شيء مشترك بينهما، هو الفاعلون الدوليون، لكن الملفات غير متشابهة، ولا يمكن إجراء تسوية بين الملفين.

وأوضح شعبان أنه عندما تجلس الأطراف الدولية على طاولة المفاوضات، يتحاورون في جميع الملفات، واستبعد أن تكون هناك مساومات بين إدلب وأذربيجان، لأن كل ملف يتصف بخصائص محلية خاصة به، ولا يمكن أن تتداخل الخصائص المحلية بالملف الآخر.

وفي السابق، كثرت الأحاديث عن مقايضة منطقة تل رفعت في ريف حلب الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بمنطقة جسر الشغور في ريف إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، وهو ما لم يحصل حتى اليوم بسبب اختلاف الظروف المحلية بين المنطقتين.

عواقب دخول “قسد” إلى جانب النظام في المعركة

سيطر الجيش التركي مدعومًا بفصائل المعارضة على مناطق عفرين شمال غربي حلب، وتل أبيض شمال الحسكة، ورأس العين شمال غربي الحسكة، على حساب “قسد”.

ولا تخلو مناطق التماس بين مناطق سيطرة “قسد” و”الجيش الوطني” من مناوشات متبادلة بين حين وآخر، كما أن تعزيزات “الجيش الوطني” شملت مناطق التماس مع “قسد”، تخوفًا من دخولها إلى جانب النظام في حال شنه معركة.

لكن دخول “قسد” في المعركة إلى جانب النظام هو تسريع لهزيمة النظام، لأن الجانب التركي سيستخدم كل قوته، أما المعركة بين فصائل المعارضة والنظام فيمكن أن تنتهي بحوار روسي- تركي، حسب الباحث نوار شعبان.

وتعتبر تركيا “قسد”، التي تشكل و”حدات حماية الشعب” (الكردية) عمادها، “إرهابية”، وشنت معركتي “غصن الزيتون” في عفرين، و”تبع السلام” شرق الفرات لإبعاد خطر “الوحدات” عن الحدود.

وتحدث أردوغان، في 3 من تشرين الأول الحالي، خلال افتتاحه سد “الريحانية” جنوب غربي تركيا، أن بلاده ستواصل العمليات العسكرية في سوريا، إذا لم تحصل على الوعود المقدمة لها، مضيفًا أن “الأطراف التي تلتزم الصمت إزاء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها، تضع كل المبادئ الأخلاقية والقانونية والحقوقية جانبًا عندما يتعلق الأمر بتركيا”، دون أن يسمي هذه الأطراف.

وكان البرلمان التركي صدّق، في 7 من تشرين الأول الحالي، على قرار تمديد إرسال القوات العسكرية إلى خارج تركيا عامًا إضافيًا، للقضاء على ما وصفها البرلمان بالهجمات المحتملة ضد البلاد من جانب “التنظيمات الإرهابية” في العراق وسوريا.

تطمينات تركية- روسية

وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده لن تقبل بأي خطوة من شأنها التسبب بمأساة إنسانية جديدة في إدلب، مضيفًا أن الوجود العسكري الميداني للقوات التركية سيتواصل في سوريا حتى يتحقق الاستقرار على حدودها الجنوبية (مع سوريا).

واعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن المواجهة العسكرية بين النظام السوري والمعارضة قد “انتهت”، وأنه لا حاجة لعمل عسكري على إدلب، في مقابلة مع قناة “العربية” نشر نصها موقع “روسيا اليوم”، في 21 من أيلول الماضي، تحدث خلالها عن لقائه برئيس النظام السوري، بشار الأسد.

وأشار لافروف إلى أن منطقة إدلب تخضع لسيطرة “هيئة تحرير الشام”، لكن هذه المنطقة يجري تضييقها، حيث يعمل الأتراك، بناء على المذكرة الروسية- التركية، على “محاربة الإرهابيين وفصل المعارضة المعتدلة عنهم”، وأبدى تأييده لهذه التحركات التركية في إدلب.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة