مؤشرات على هدوء أم مكاسب قبل الانتخابات؟

عوامل تحدد طبيعة ما هو مقبل في إدلب

camera iconعناصر من "الجبهة الوطنية للتحرير" خلال تدريبات عسكرية - 22 من تشرين الأول 2020 (عزائم)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي-  علي درويش

شهدت سوريا منذ توقيع اتفاق “موسكو” بين الرئيسين، التركي، رجب طيب أردوغان، والروسي، فلاديمير بوتين، في 5 من آذار 2020، ثباتًا في خريطة سيطرة القوى الفاعلة على الأرض (السورية والأجنبية)، ونص حينها على وقف إطلاق النار كأبرز البنود.

وللمرة الأولى منذ 2011، لا يحدث أي تغيير في خريطة السيطرة العسكرية، لكن ذلك لم يوقف هجمات محدودة للنظام وروسيا والميليشيات (المحلية والإيرانية) في ريف إدلب الجنوبي، دون أن تحدث تغييرًا في السيطرة.

وعلى الرغم من التهديدات المتكررة، وتناقل أخبار عن شن النظام وروسيا حملة عسكرية على مناطق سيطرة المعارضة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، توجد عدة مؤشرات على هدوء قد تشهده إدلب في الفترة المقبلة، أبرزها خفض جاهزية قوات النظام السوري، وانتقال التوتر إلى الجنوب السوري، وتصريحات الروس حلفاء النظام حول تهدئة إدلب منذ اتفاق “موسكو”.

تغير في “قواعد الاشتباك”

مدير وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، قال إن تغير قواعد الاشتباك الدولية في إدلب هي الأساس بإيقاف أي تحرك عسكري كبير على الأرض.

وتساءل شعبان، في حديث إلى عنب بلدي، عن كفاية هذه المؤشرات بمنع عمل عسكري على إدلب، معتبرًا أنها مؤشرات مهمة، لكن “بشكل عام قواعد الاشتباك العامة اختلفت، أي أن قوانين وخطوط الاشتباك الدولية مختلفة الآن في إدلب، وهذه القواعد والقوانين هي التي تبرد الجبهات”.

وفي حال عودة التوتر على الجبهات، لن تكون كالعمليات البرية التقليدية بوجود الفاعلين الدوليين، وهذا لا يوقف استمرار النظام في القصف المدفعي لمناطق المعارضة بشكل عشوائي، الذي يعتبر جزءًا من سياسته ليس من المتوقع تغييره، ويمكن القول إن النظام لن يتقدم بريًا لأسباب عدة، من بينها لوجستية، والاتفاق بين روسيا وتركيا، حسب شعبان.

مكاسب قبل الانتخابات؟

الباحث في مركز “جسور للدراسات” عبد الوهاب عاصي، قال في حديث إلى عنب بلدي، “أعتقد أن روسيا بحاجة إلى تحقيق إنجاز في إدلب شمالي سوريا أو شرق الفرات، قبيل الانتخابات الرئاسية، سواء عبر السبل الدبلوماسية مع ضامني (أستانة) أو عبر السبل العسكرية”.

وهو ما يؤدي، بحسب عاصي، إلى حل ملف التجارة والنقل أو تعزيز الانتشار والوصول في محافظات إدلب والرقة والحسكة (التي ترتبط بطريق “M4” الدولي)، على أقل تقدير.

وتفضل روسيا عمليًا تحقيق هذا الإنجاز عبر السبل الدبلوماسية، بسبب حرصها الحفاظ على مسار “أستانة” والتعاون الثلاثي مع تركيا وإيران، وهو مؤشر مهم على استمرار التهدئة في إدلب لفترة إضافية تصل حتى 5 من آذار المقبل، وإعطاء المجال للحوار في الجولة التي ستعقد بين الضامنين في 16 من شباط الحالي، في مدينة سوتشي الروسية.

ومع ذلك، فإن استخدام السبل العسكرية كوسيلة للضغط ستبقى قائمة خلال تلك الفترة، حسب عاصي.

تخفيض جاهزية قوات النظام

وكان رئيس النظام السوري، بشار الأسد، أصدر، في كانون الثاني الماضي، تعميمًا يقضي بتخفيض جاهزية قواته المسلحة لتعود إلى طبيعتها كما كانت قبل تسع سنوات.

وبحسب التعميم، الذي اطلعت عليه عنب بلدي، خُفضت نسبة الاستنفار في الإدارات التابعة للقوات المسلحة، وفق كل إدارة، من 66 إلى 33% للمقرات الإدارية، ومن 80 إلى 50% للقطعات التابعة لها.

أما بالنسبة للقوات البرية والبحرية فقد خفضت جاهزيتها من 100% إلى 80%، بينما بقيت جاهزية المستشفيات العسكرية بنسبة 80%.

وقدّر “مجلس العلاقات الدولية الروسي” العدد الإجمالي لأفراد الجيش ما قبل عام 2011 بحوالي 325 ألفًا، بينهم 220 ألفًا من القوات البرية، و100 ألف من القوى الجوية (60 ألفًا منها للدفاع الجوي، و40 ألفًا من القوات الجوية)، وأربعة آلاف من القوات البحرية، مع ثمانية آلاف من حرس الحدود، و100 ألف مقاتل من “الجيش الشعبي”.

وكان الجيش قبل الثورة يتألف بالغالب من المجندين الذين كان معدل خدمتهم عامين ونصفًا، ومعدل التجنيد السنوي بلغ 125 ألفًا، مع بقاء 354 ألف جندي من قوات الاحتياط.

ثم تراجع عدد مقاتلي الجيش نحو الثلثين بعد عام 2011، وفي عام 2012، “حالت المساعدة العسكرية الروسية والإيرانية دون انهيار النظام وقواته”، حسب دراسة لمركز “توازن” البحثي، الذي قدر أعداد مقاتلي الجيش عام 2020 بـ169 ألفًا.

وقيّم المركز كفاءة الجيش السوري فيما يخص الاحترافية العسكرية، والحوكمة، والنظرة الاجتماعية والثقافية، والمؤهلات المدنية، واقتصاد قطاع الدفاع، بـ”المتدنية”.

المبعوث الروسي في دمشق لتثبيت تفاهمات إدلب

ذكرت صحيفة “الشرق الأوسط”  في 2 من شباط الحالي، أن مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، أجرى برفقة “جنرالات كبار” زيارة “غير معلَنة” إلى العاصمة السورية دمشق، في نهاية الأسبوع الماضي، لبحث “ترتيبات سياسية وعسكرية”.

ويتعلق “السبب الأعمق” للزيارة بـ”ثبات تفاهمات إدلب وتعزيزها بترتيبات ميدانية، لوقف التدهور العسكري جنوبي سوريا وفي شمالها الشرقي”، بينما “السبب المباشر” للزيارة له علاقة بانعقاد اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف، وكيفية ترميم “الفجوة” بين دمشق وموسكو، حسب الصحيفة.

لكن قناة “روسيا اليوم” نقلت عن “مصدر رسمي روسي”، في 3 من شباط الحالي، نفيه وجود لقاء سري جمع لافرينتييف مع الأسد، في دمشق.

ونقل موقع القناة عن المصدر الذي لم يكشف اسمه، قوله إن لافرينتييف شارك في اجتماع اللجنة الدستورية السورية في جنيف، ثم عاد إلى روسيا مباشرة، مشيرًا إلى أن العلاقات بين موسكو ودمشق “لا تستدعي السرية”.

وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، كان قد قال خلال مؤتمر صحفي مع وزير الخارجية السابق، وليد المعلم، في أيلول 2020، عقب لقاء الأسد، إن “إدلب هي من أهم مجالات التعاون بين روسيا وتركيا”، وأهم ما فيها الفصل بين المعارضة “المعتدلة” و”المتطرفين” وتأمين طريق “M4”.

وأكد أنه “على يقين أن تستكمل الاتفاقية بنجاح، على الرغم من بطء تنفيذ الاتفاق”.

درعا.. عنوان التوتر العسكري

ساد محافظة درعا جنوبي سوريا توتر خلال الأسابيع الأخيرة، وسط حديث عن عملية عسكرية محتملة في الجنوب، تقلل من احتمالات الصدام العسكري في الشمال.

واستمرت قوات النظام في استقدامها تعزيزات عسكرية إلى محيط مدينة طفس بريف درعا الغربي، مع عدم التوصل إلى اتفاق نهائي بين المسلحين المحليين وقوات النظام السوري.

وخيّر النظام أشخاصًا في طفس بتسليم أنفسهم لقواته أو الترحيل إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا، وأعطاهم مهلة حتى العاشرة من صباح الاثنين 25 من كانون الثاني الماضي.

ورغم انقضاء المهلة، لا تزال المدينة هادئة حتى اليوم، دون وضوح قرار المطالَبين بالترحيل أو النظام.

ووجه رئيس اللجنة الأمنية في محافظة درعا جنوبي سوريا، اللواء حسام لوقا، لأعضاء اللجنة المركزية ووجهاء من درعا، في 3 من شباط الحالي، اتهامات بتبعيتهم لإسرائيل وتعاملهم مع من وصفهم بـ”قطاع الطرق”، وذلك خلال اجتماع ضم وجهاء من درعا وضباطًا من قوات النظام.

عضو اللجنة المركزية “أبو علي المحاميد”، وصف الاجتماع مع اللجنة الأمنية، بأن اللجنة تريد تأييدًا شعبيًا لاقتحام مدينة طفس.

وأوضح أن أكثر من 400 شخص حضروا الاجتماع، أغلبيتهم من “المطبلين والمنافقين الذين لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية، وتخللت الاجتماع هتافات زائفة وتملّق ونفاق”، بحسب تعبيره.

وذكر موقع “rusvesna” الروسي أن “مركز المصالحة الروسي” في دمشق طالب “المسلحين” في درعا بـ”التخلي عن الاستفزازات المسلحة، والسير في طريق التسوية”.

وجرت في مدينة طفس اشتباكات نتيجة محاولة قوات النظام اقتحامها، إلا أن عناصر من البلدة أوقفوا المحاولة، واستعادوا النقاط التي تقدمت إليها، موقعين قتلى بين عناصرها، في 24 من كانون الثاني الماضي.

وخرجت عدة مظاهرات في مناطق درعا رفضًا لاقتحام طفس وتضامنًا معها، كما أطلق مجهولون النار على حواجز للنظام في مدينة نوى غربي درعا، دون تسجيل أي إصابات أو قتلى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة