7 محاولات فاشلة في نيسان.. التهريب من لبنان رئة لتغذية النظام السوري

camera iconمقاتلون من حزب الله في منطقة عرسال على الحدود اللبنانية السورية_ آب 2017 (رويترز)

tag icon ع ع ع

تتواصل عمليات التهريب من الأراضي اللبنانية إلى السورية عبر الحدود البرية بينهما، في ظل ظروف اقتصادية قاسية وأوضاع معيشية شائكة يشهدها البلدان.

أسهمت السنوات الأخيرة في تغيير اتجاه التهريب بين البلدين بعدما كان التهريب يجري لسنوات طويلة من سوريا إلى لبنان، الذي تجمعه بجارته أربعة معابر حدودية رسمية تديرها قوى الجيش والأمن الداخلي اللبناني.

ووفقًا لبيانات صادرة عن الجيش اللبناني، سُجلت ما لا يقل عن خمس محاولات تهريب لمواد غذائية وسلع مختلفة في مقدمتها المحروقات، من لبنان إلى سوريا، خلال نيسان الحالي.

في 17 من نيسان الحالي، ذكرت قيادة الجيش اللبناني أن وحدة من الجيش أوقفت شخصًا يحاول تهريب نحو ألفي ليتر من المازوت باتجاه الأراضي السورية، كما ضبطت دورية تابعة للمخابرات اللبنانية أكثر من ألف ليتر من مادة البنزين، معدّة للتهريب إلى سوريا أيضًا.

ونشر الموقع الرسمي للجيش اللبناني، في 16 من نيسان الحالي، بيانًا أعلن فيه ضبط وحدات الجيش المنتشرة في منطقة البقاع اللبناني نحو ألف و750 ليترًا من مادة المازوت، وألف و520 ليترًا من مادة البنزين، و700 كيلوغرام من الغاز، و15 طنًا من السكّر المدعوم، بالإضافة إلى كمية من الدخان في أثناء محاولة تهريبها باتجاه الأراضي السورية، في 14 و15 من نيسان الحالي.

وقالت قيادة الجيش اللبناني عبر بيان نشرته في موقعها الرسمي، في 13 من نيسان الحالي، إن وحداتها المنتشرة في منطقة البقاع اللبناني، ضبطت حوالي 35 ألفًا و500 ليتر من مادة المازوت، ونحو 260 ليترًا من البنزين، وصهريجين يُستخدمان في عملية النقل، وسيارة يستخدمها المهربون، وذلك في أثناء محاولتهم إتمام عملية تهريب إلى داخل الأراضي السورية.

وفي 10 من نيسان الحالي، أعلنت قيادة الجيش في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي، عن نحو ألفين و775 ليترًا من المازوت و44 رأس غنم، ضُبطت في عدّة مناطق لبنانية، بالإضافة إلى توقيف مواطن لبناني، لضلوعه في تهريب أشخاص.

وذكرت قيادة الجيش، في 8 من نيسان، أنها صادرت 400 ليتر من مادة المازوت من إحدى الشاحنات المبردة المخصصة لنقل الخضار، ضمن 11 شاحنة كاملة الحمولة كانت آتية من سوريا، ومعدّة للتصدير إلى خارج لبنان عبر مرفأ “بيروت”.

وداهمت دورية تابعة لمديرية المخابرات اللبنانية، في 7 من نيسان، عددًا من المخازن والمحال التجارية في منطقة مجدل عنجر، وضبطت كميات كبيرة من المواد الغذائية المدعومة، أُزيلت عنها عبارة (صنف مدعوم)، تحضيرًا لتهريبها إلى الأراضي السورية.

كما ضبطت أيضًا كميات من الأدوية ومادتي الغاز والمازوت، وأسطوانات غاز مخزنة بشكل مخالف للقانون.

ونتيجة لما قالت إنها تدابير أمنية اتخذتها وحدات الجيش اللبناني في مناطق عرسال والقصر والمقيبلة والعوسنات وبرقا والمحمر، جرى توقيف 14 شخصًا لضلوعهم في تهريب مادة المازوت، وتهريب الأشخاص.

وبحسب بيان صادر عن قيادة الجيش، في 7 من نيسان الحالي، فقد شملت المواد المضبوطة 74 ألف ليتر من المازوت، معبأة ضمن خمسة صهاريج، وأربعة خزانات بداخلها خمسة آلاف و500 ليتر مازوت، وسيّارة “فان” بداخلها ألفان و500 ليتر من المازوت، وأربع شاحنات برّاد بداخلها 420 ليترًا من البنزين، وثلاث سيارات، وآليتي “بيك أب”، بالإضافة إلى مضخة وعدد من أسطوانات الغاز.

حدود غير متفق عليها

وتستمر محاولات ضبط الحدود بين البلدين المنهكين اقتصاديًا دون توقف، إذ يلتقي البلدان على حدود برّية يبلغ طولها 375 كيلومترًا، وتنتشر عليها عشرات المعابر غير الشرعية، التي تُستغل لتهريب السلع بأنواعها، بالإضافة إلى عدم ترسيم تلك الحدود بشكل نهائي.

ورغم وجود بعض الثغرات في سلسلة جبال لبنان الشرقية ووعورة طرقاتها، فإن الجزء الأكبر من عمليات التهريب هذه يجري عبر المناطق الشمالية الغنية بسهول تسهّل عمليات التهريب، وخصوصًا في منطقة الهرمل اللبناني، التي تشكل امتدادًا عائليًا وعشائريًا بين البلدين، إضافة إلى كونها خط عبور إلى مناطق أخرى تشهد عمليات تهريب إلى سوريا، مثل عكار ووادي خالد.

وأعلن تقرير نشرته وكالة “الشرق الأوسط“، في 15 من نيسان الحالي، أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، اشترط، في عام 2006، الانطلاق من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، لترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا، لكن “حزب الله” أقنع الأطراف المعنية حينها بصرف النظر عن الترسيم واستبداله بتحديد الحدود.

وجددت دمشق في وقت لاحق رغبتها بترسيم الحدود البرية (باستثناء مزارع شبعا وتلال كفر شوبا)، بحسب ما نقلته الوكالة عن قيادات سياسية في مؤتمر الحوار الأول الذي عُقد في نيسان 2006، بدعوة من رئيس مجلس النواب، نبيه بري، حول ضرورة ترسيم حدود البلدين.

وموّلت السلطات البريطانية، عام 2017، إنشاء أبراج مراقبة على كامل الحدود اللبنانية- السورية، في السلسلة الشرقية لمصلحة أفواج الحدود البرية في الجيش، وفقًا لما نشره الجيش اللبناني حينها.

وأعلنت السفارة البريطانية في لبنان تزويد لبنان بمئة مركبة دورية مدرعة من طراز “Land Rover RWMIK”، لتعزيز دور أفواج الحدود البرية، والإسهام في تحقيق الاستقرار على الحدود اللبنانية، بحسب ما نشره موقع السفارة عبر “تويتر”، في 18 من كانون الثاني الماضي.

https://twitter.com/ukinlebanon/status/1351215976130469904

ونشر النائب في حزب “القوات اللبنانية” سمير حوّاط، في 14 من كانون الثاني الماضي، عبر حسابه في “تويتر”، تسجيلًا مصوّرًا تحتشد فيه صهاريج محروقات اعتبرها حوّاط استمرارًا لعمليات التهريب إلى سوريا.

ما رأي القانون اللبناني؟

المحامي اللبناني الدكتور طارق شندب، أوضح أن القانون اللبناني يعاقب على عمليات التهريب من هذا النوع، باعتبارها جريمة جنائية، كونها تشكل هدرًا للمال العام عبر تهريب البضائع المدعومة، لا سيما المحروقات، في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها لبنان.

وقال شندب في حديث إلى عنب بلدي، إن استمرار عمليات التهريب لا يعتبر تكريسًا لغياب سلطة القانون فحسب، فالقانون والسلطة التي تتحدث باسمه في لبنان تغطي عمليات التهريب.

ويرى المحامي أن عمليات التهريب تجري بقرار رسمي لبناني، لافتًا في الوقت نفسه إلى مخاوف لبنان من العقوبات الدولية، جراء تراخي الأمن والجيش والقضاء وتجاهلهم عمليات التهريب من لبنان إلى النظام السوري.

وذكر تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت عربية” في أيار 2020، أن القادة الأمنيين اللبنانيين أبلغوا الساسة اللبنانيين بعجزهم عن السيطرة على الحدود مخافة الاصطدام بـ”حزب الله” الذي يدعم عمليات التهريب إلى النظام السوري، ويشارك في العمليات العسكرية إلى جانبه.

الوضع لا يحتمل التهريب

ويشهد لبنان منذ نحو عامين أزمة اقتصادية خانقة جرّاء تهريب الأموال اللبنانية العامة والخاصة من البنوك اللبنانية إلى الخارج، الأمر الذي عرقل وصول اللبنانيين إلى أرصدتهم البنكية.

وتفاقمت الأوضاع الاقتصادية إثر انفجار مرفأ بيروت في 4 من آب الماضي، وتأخر تشكيل الحكومة اللبنانية المنتظرة برئاسة سعد الحريري منذ نحو ستة أشهر، وبقاء أزمة المصارف دون حل، ما انعكس سلبًا وبشكل واضح على معيشة المواطنين، وأسهم في ارتفاع الأسعار بشكل متواصل، مقابل انخفاض في كمية السلع المدعومة، وفقدان المواطن اللبناني قدرته الشرائية، في تلاشٍ واضح للطبقة الوسطى.

وألمح رئيس نقابة صناعة الخبز، طوني سيف، إلى تخفيض وزن ربطة الخبز، أو زيادة سعرها، تماشيًا مع شراء المواد الأولية بأسعار مرتفعة، بحسب ما نقله راديو “صوت لبنان“، في 16 من نيسان الحالي.

وهذا التعديل المرتقب في سعر الخبز هو الثاني خلال نحو أربعة أشهر، إذ رفعت وزارة الاقتصاد والتجارة اللبنانية، في كانون الثاني الماضي، سعر ربطة الخبز الأبيض وزن 900 غرام من 2000 ليرة لبنانية إلى 2250 ليرة، وذلك بعد نفاد هبة القمح العراقية التي وفرت الطحين للمخابز اللبنانية في الفترة الممتدة بين 23 من تشرين الثاني 2020 و10 من كانون الثاني الماضي.

وعزا وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، ريمون غجر، أزمة الوقود في لبنان، إلى “المتربحين من تهريب البنزين إلى سوريا”.

وقال غجر، إن “الحاجة في السوق السورية إلى البنزين تدفع المهربين اللبنانيين إلى تهريب مادة البنزين إلى سوريا لتحقيق أرباح طائلة”، مشيرًا إلى أن لبنان في خضم أزمة اقتصادية عميقة تشكل أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية (1975- 1990)، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.

وأعرب رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال عون، عن تقديره لجهود الحكومة العراقية وموافقتها على طلب لبنان التزود بالنفط العراقي الخام مقابل تقديم لبنان الخدمات الطبية للعراق، بحسب بيان صادر عن “المديرية العامة لرئاسة الجمهورية اللبنانية“، إثر لقاء جمع الرئيس عون بوزير الصحة العراقي، حسن التميمي، في 1 من نيسان الحالي.

نظام متعطش للمحروقات

وتعيش مناطق سيطرة النظام ترديًا في الواقع الاقتصادي والمعيشي، وأزمات متعددة ومتصاعدة، من أبرزها أزمة المحروقات التي قابلتها الحكومة برفع الأسعار، وتخفيض مخصصات تعبئة البنزين للسيارات الخاصة بما لا يزيد على 20 ليترًا في بعض المحافظات، الأمر الذي انعكس سلبًا على حركة المواصلات، وتنقل المواطنين.

وفي حديث سابق إلى عنب بلدي، قال الدكتور السوري في الاقتصاد والباحث في معهد “الشرق الأوسط” بواشنطن كرم شعار، إن النظام السوري يحتاج بشكل يومي إلى 110 آلاف برميل نفط، يؤمّن عبر حقول البادية 25 ألفًا منها، ويهرّب ما لا يتجاوز 20 ألف برميل من مناطق “الإدارة الذاتية”، ويستورد الباقي على شكل بواخر تصله من إيران، عبر قناة “السويس”، وصولًا إلى مصفاة “بانياس” بشكل مباشر.

وبعد مضي أقل من 48 ساعة على قصف قوات النظام “حراقات” تكرير النفط البدائية في ريف حلب الشرقي، أعادت “الإدارة الذاتية” توريد النفط إلى مناطق سيطرة النظام، في 7 من آذار الماضي، وذلك بعد انقطاع استمر 37 يومًا.

وفي لقاء أجراه مع قناة “الإخبارية السورية” الرسمية، في 18 من آذار الماضي، قال وزير النفط في حكومة النظام، بسام طعمة، إن خسائر قطاع النفط في سوريا تجاوزت 92 مليار دولار أمريكي.

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، أن سوريا ولبنان تواجهان مع 18 دولة أخرى مخاطر انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لتقرير أصدرته المنظمة في 23 من آذار الماضي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة