عمليات تهريب متواصلة تنهك الاقتصاد اللبناني الهش

camera iconقطع طريق قصقص بيروت احتجاجًا على تردي الواقع الاقتصادي في لبنان_ 7 من حزيران (النهار)

tag icon ع ع ع

تستمر محاولات التهريب من لبنان إلى سوريا رغم فشل بعضها بشكل متكرر، وفق ما يعلنه الجيش اللبناني من وقت لآخر، كما غيّرت السنوات الأخيرة اتجاه ومسار عمليات تهريب السلع والمواد التجارية المدعومة والعادية، بعدما كانت من سوريا إلى لبنان.

وتأتي عمليات التهريب هذه بالتزامن مع استمرار وتصاعد حدة الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ عام 2019، فيما عُرف باسم أزمة المصارف التي تفاقم تأثيرها بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020.

وأعلن الجيش اللبناني إيقاف سبعة أشخاص، بينهم مواطن سوري، خلال إحباط عملية تهريب محروقات ومواد أساسية باتجاه الأراضي السورية.

وجاء في بيان صادر عن مديرية التوجيه التابعة لقيادة الجيش، في 11 من حزيران الحالي، أن الجيش أحبط خلال الأيام الثلاثة الماضية، عمليات تهريب شملت تسعة آلاف و480 ليترًا من مادة البنزين و460 ليترًا من مادة المازوت، بالإضافة إلى 50 طنًا من الطحين، محملة في شاحنة وسيارة من طراز “بيك أب” وأربع آليات من نوع “فان” ودراجة نارية.

ووفقًا لبيانات الجيش اللبناني، فإن هذه العملية هي الرابعة خلال حزيران الحالي في ظل تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي في لبنان، إذ أحبط، في 7 من الشهر نفسه، تهريب كمية من المحروقات شملت 18 ألفًا و300 ليتر من مادة المازوت، وأربعة آلاف و200 ليتر من مادة البنزين.

وخلال الفترة الممتدة بين 3 و6 من حزيران الحالي، أوقفت وحدات الجيش اللبناني في منطقتي البقاع والشمال بلبنان، ثمانية أشخاص بينهم سوري واحد، إضافة إلى إحباط تهريب ما يُقدر بـ42 ألفًا و750 ليترًا من مادة المازوت، وثلاثة آلاف و850 ليترًا من مادة البنزين.

وفي 2 من حزيران الحالي، جرى توقيف شخص سوري ومواطنين لبنانيين اثنين، خلال محاولة تهريب 27 ألفًا و900 ليتر من مادة المازوت، وثمانية آلاف و600 ليتر من مادة البنزين.

محاولات التهريب هذه تجري أمام واقع اقتصادي هش آخذ بالتداعي بشكل مستمر أمام فشل التوصل إلى تشكيل حكومة لبنانية غير حزبية، ذات مهام محددة، يرأسها سعد الحريري، المكلف بتشكيلها منذ تشرين الثاني 2020، وفقًا لمبادرة طرحها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في أعقاب انفجار بيروت، في 4 من آب 2020.

ونقلت “mtv“، في 11 من حزيران الحالي، عن مصادر وصفها بـ”المطلعة” في قطاع النفط بلبنان، أن إحدى الشركات اللبنانية تمتلك في خزاناتها ما يقارب 30 مليون ليتر من المحروقات، وتفتح أبوابها يومين في الأسبوع فقط للتوزيع، كما أنها تؤمّن كميات قليلة جدًا من المحروقات لمحطات التعبئة.

ويحتشد اللبنانيون أمام محطات الوقود بأعداد كبيرة لتأمين متطلبات سياراتهم من الوقود، بالتزامن مع استمرار محاولات تهريب كميات كبيرة منه باتجاه الأراضي السورية.

وتلتقي سوريا ولبنان على حدود برية يبلغ طولها نحو 375 كيلومترًا، تنتشر عليها معابر غير شرعية كثيرة تُستخدم للتهريب في وقت لم تُحسم فيه بعد مسألة الحدود وترسيمها بين البلدين الجارين.

وتجري معظم عمليات التهريب إلى سوريا عبر المناطق الشمالية من لبنان، كونها مناطق سهلية لا تعوق الحركة، لا سيما منطقة الهرمل التي تحظى بامتداد عائلي وعشائري يتجاوز حدود البلدين، إضافة إلى كونها تشكل خط عبور إلى مناطق أخرى تشهد عمليات تهريب إلى سوريا، مثل عكار ووادي خالد.

وبحسب ما نقلته صحيفة “الجمهورية” اللبنانية عن تقرير لوزارة الداخلية اللبنانية جرت مناقشته بحضور الرئيس اللبناني على طاولة مجلس الدفاع الأعلى، في أيار الماضي، فإن الحدود اللبنانية تفتقر لكاميرات المراقبة، وآلات “السكانر”، كما أن التفتيش يجري بشكل يدوي وباستعمال النظر فقط.

وموّلت السلطات البريطانية، عام 2017، إنشاء أبراج مراقبة على كامل الحدود اللبنانية- السورية، في السلسلة الشرقية، لمصلحة أفواج الحدود البرية في الجيش، وفقًا لما نشره الجيش اللبناني حينها.

وأعلنت السفارة البريطانية في بيروت، تزويد لبنان بمئة مركبة دورية مدرعة من طراز “Land Rover RWMIK”، لتعزيز دور أفواج الحدود البرية، والإسهام في تحقيق الاستقرار على الحدود اللبنانية، بحسب ما نشره موقع السفارة عبر “تويتر”، في كانون الثاني الماضي.

وعزا وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، ريمون غجر، أزمة الوقود في لبنان، إلى “المتربحين من تهريب البنزين إلى سوريا”.

وقال غجر، إن “الحاجة في السوق السورية إلى البنزين تدفع المهربين اللبنانيين إلى تهريب مادة البنزين إلى سوريا لتحقيق أرباح طائلة”، مشيرًا إلى أن لبنان في خضم أزمة اقتصادية عميقة تشكل أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية (1975- 1990)، بحسب ما نقلته وكالة “رويترز“.

وهناك خمسة معابر برية شرعية بين لبنان وسوريا، وهي معبر “العبودية” و”العريضة” و”جسر قمار” (قبيعة)، وهي معابر شمالية، بالإضافة إلى معبري “المصنع” و”جوسيه القاع”، وهي معابر شرقية في منطقة البقاع اللبناني، يديرها الجيش والأمن الداخلي اللبناني.

ويواجه لبنان أزمة اقتصادية ومالية من المرجح أن تكون واحدة من أشد ثلاث أزمات اقتصادية في العالم منذ عام 1850، بحسب تقرير صادر في 1 من حزيران الحالي عن البنك الدولي.

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO)، أن سوريا ولبنان تواجهان مع 18 دولة أخرى مخاطر انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لتقرير أصدرته المنظمة في آذار الماضي.

وتعيش مناطق سيطرة النظام السوري ترديًا في الواقع الاقتصادي والمعيشي، وأزمات متعددة ومتصاعدة، من أبرزها أزمة المحروقات التي قابلتها الحكومة برفع الأسعار، وتخفيض مخصصات تعبئة البنزين للسيارات الخاصة بما لا يزيد على 20 ليترًا في بعض المحافظات، الأمر الذي انعكس سلبًا على حركة المواصلات، وتنقل المواطنين.

وفي لقاء أجراه مع قناة “الإخبارية السورية” الرسمية، في 18 من آذار الماضي، قال وزير النفط في حكومة النظام، بسام طعمة، إن خسائر قطاع النفط في سوريا تجاوزت 92 مليار دولار أمريكي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة