في سياق المطالبة بحقوقهم في سوريا.. تجارب دولية في الإفراج عن المعتقلين

تحتجز "قوات سوريا الديمقراطية" داخل سجونها أكثر من 12 ألف من مقاتلين مشتبه بانتماءهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة الحسكة- 26 من تشرين الأول 2019 (AFP

camera iconتحتجز "قوات سوريا الديمقراطية" داخل سجونها أكثر من 12 ألف من مقاتلين مشتبه بانتماءهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة الحسكة- 26 من تشرين الأول 2019 (AFP)

tag icon ع ع ع

تعد مسألة الإفراج عن المعتقلين السورين من أبرز محاور أي عملية تفاوض سياسية، وإحدى القضايا الأكثر إشكالية بين الأطراف المتنازعة، نظرًا إلى أن سلطة الإفراج عن المعتقلين ما تزال بيد سلطات النزاع على اختلاف توجهاتهم، سواء النظام السوري في دمشق، أو “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، أو سلطات الأمر الواقع شمال غربي سوريا.

وأُشير إلى مسألة الإفراج عن المعتقلين بموجب البيان الختامي الصادر عن اجتماع “مجموعة العمل من أجل سوريا” الذي عُقد في جنيف عام 2012، وهو ما عرف لاحقًا بـ”وثيقة جنيف“، إذ نص منطوق الوثيقة على أنه “تكثيف وتيرة الإفراج عن الأشخاص المحتجزين تعسفًا وتوسيع نطاقه ليشمل على وجه الخصوص الفئات الضعيفة، والأشخاص الذين شاركوا في أنشطة سياسية سلمية، ووضع قائمة بجميع الأماكن التي يُحتجز فيها هؤلاء الأشخاص وتقديمها دون تأخير عن طريق القنوات المناسبة، والعمل فورًا على تنظيم الوصول إلى هذه المواقع، والرد بسرعة عن طريق القنوات المناسبة على جميع الطلبات المكتوبة المتعلقة بالحصول على معلومات بشأن هؤلاء الأشخاص، أو بالوصول إليهم أو الإفراج عنهم”.

ورُسخت فكرة المطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سوريا ضمن قرار مجلس الأمن الدولي رقم “2254” الصادر عام 2015، الذي يُشكل في الظروف السياسية الحالية لسوريا المرجعية المُتفق عليها وإطار العمل الناظم لعملية التفاوض القائمة، إذ نص القرار بشأن المعتقلين أن مجلس الأمن “يدعو الأطراف إلى (…) الإفراج عن أي محتجزين بشكل تعسفي، لا سيما النساء والأطفال، ويدعو دول الفريق الدولي لدعم سوريا إلى استخدام نفوذها على الفور تحقيقًا لهذه الغايات”.

تبنت البلدان التي شهدت عمليات اعتقال واسعة النطاق أثناء النزاع الداخلي المسلح عدة محاولات من أجل المطالبة بحقوق معتقليها، ما يجعل تجربتها تقترب من الواقع السوري، ويساعد على استخلاص الدروس والتجارب في تسهيل عملية المطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سوريا.

اقرأ أيضًا: جهود سورية للإفراج عن المعتقلين تنتظر سلطة الإلزام

1- البوسنة والهرسك

جرت عدة نزاعات بين عامي 1992 و1995 في البوسنة والهرسك، تنازع فيها البوسنيين المسلمين، مع الجماعتين الإثنيتين الكروات والصرب، وذلك لأسباب سياسية وعسكرية.

أثناء النزاع، تعرض حوالي 31 ألف شخص للاختفاء القسري، وفي عام 1996، أسس الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، “اللجنة الدولية لشؤون المفقودين” في سراييفو للتعامل مع وضع البوسنيين، وصارت اللجنة ذات تركيز دولي ولها مقر في مدينة لاهاي، وتدير مكتبًا في سراييفو الذي كان مقرها الأساسي السابق، ويديرها مجلس مفوضين، وفيها عدد من اللجان المتخصصة بمجالات محددة لها علاقة بالبحث عن مصير المعتقلين والمفقودين قسرًا.

ومن ضمن الجوانب الأساسية في عمل اللجنة الدولية، تحديد هوية الضحايا باستخدام الحمض النووي (DNA) من خلال مطابقة الحمض النووي من رفات الضحايا مع الحمض النووي لعائلاتهم، وأدى ذلك الإجراء إلى تحديد 90% من هوية الضحايا.

اقرأ أيضًا: “جسور الحقيقة”.. مشروع جديد لرفع أصوات المعتقلين السوريين أكثر

2- قبرص

تنقسم قبرص إلى جهة تتبع تركيا وجهة تتبع إلى اليونان، وشهدت بين عامي 1963 و1964 قتالًا أهليًا بين السكان من أصول تركية والسكان من أصول يونانية، وفي عام 1974 اندلع نزاع أدى إلى تبعات سلبية كبيرة، إذ اختفى حوالي 2000 شخص قسريًا، وظلت عائلات الضحايا دون معرفة مصير أقربائهم.

وخلال الفترة بين عامي 1975 و1978، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة ثلاث قرارات حول المختفين قسريًا في قبرص، وذلك بهدف إقامة هيئة تحقيق للتعامل مع هذا الملف الحقوقي، وفي 1981، أسست قبرص “لجنة المفقودين” برعاية الأمم المتحدة.

وتتألف “لجنة المفقودين” من ثلاثة أعضاء، ممثل عن القبارصة اليونانيين، وممثل عن القبارصة الأتراك، وعضو ثالث ترشحه اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ويُعين من قبل الأمين العام للأمم المتحدة.

أصدرت اللجنة قائمة موحدة بأسماء المختفين قسريًا، لجمع عمليات البحث في مجموعة موحدة بعيدًا عن أي خلاف، لذلك كانت وظيفتها إنسانية بحتة لا تختص بتحديد المسؤولية الجرمية عن تلك الجرائم.

اقرأ أيضًا: الإفراج عن معتقلي ريف دمشق.. خطوات “خُلّبية” نحو العدالة

3- نزاع أرمينيا- أذربيجان

اندلع نزاع بين أرمينيا وأذربيجان بسبب إقليم “كاراباخ”، وانتهى في بداية التسعينيات من القرن الماضي، لكنه استؤنف مرة أخرى عام 2020، وأدى إلى فقدان خمسة آلاف شخص قسريًا، منذ التسعينيات ومن جميع الأطراف، عدا عن الأشخاص المفقودين عام 2020.

تأسس في التسعينيات فريق عمل دولي معني بالبحث عن المفقودين في مناطق النزاع بين البلدين، وهو يتألف من ممثلين عن المجتمع المدني. لكن لم يتم العثور إلا على عدد قليل من هذه الأشخاص على امتداد 30 عامًا بعد انتهاء النزاع، بسبب نقص التعاون بين جميع الأطراف.

ويُعتقل الأفراد في سوريا إما لأنهم مارسوا واحدًا من حقوقهم الأساسية المضمونة بموجب المعاهدات الدولية، والمنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مثل حق التعبير وحرية تشكيل التجمعات، وحق الفرد في مغادرة بلده والدخول إليه، أو لأنهم لم يتمكنوا من الاستفادة من الضمانات الأساسية للحق في محاكمة عادلة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة