“Below Zero”.. في غياب القضاء الفعال يتحول الأفراد إلى قضاة مواقف

tag icon ع ع ع

تدور أحداث الفيلم الإسباني “Below Zero”، أو “تحت الصفر”، في إطار من الإثارة والجريمة والمغامرات، ليروي إحدى حكايات عالم السجناء، عالم الأشخاص الذين يعيشون بمعزل عن التجمعات البشرية، رغم وجودهم ضمنها، ويكونون عوالمهم الخاصة، بالإضافة إلى أفكارهم ومفاهيمهم المتعلقة بالنجاة والعدالة والحق، ومدى ثقتهم بقدرة السلطات على إحراز وتحقيق العدالة، وهذا ما تكشفه حوارات العمل الممتد على طول 106 دقائق.

يروى الفيلم بنظرة إخراجية جذابة حكاية شرطي عُيّن للتو سائقًا لشاحنات نقل السجناء، ويدعى “مارتن”، يواجه مع زميله “مونتيسنوس” رحلة محفوفة بالمخاطر، خلال نقل مجموعة من السجناء من سجن لآخر، بشاحنة مزوّدة بأحدث التقنيات التي تقتل لدى السجين أي أمل بالهرب، وهي الرحلة الأولى لـ”مارتن” بعد تعيينه في هذه الوظيفة المشؤومة.

تدخل كاميرا الفيلم إلى الشاحنة لتنقل من داخلها صورة أقرب عن انطباعات السجناء وتعطّشهم للهرب، وعلى الطريق تواجه الشاحنة هجومًا منظمًا يقوده شخص واحد يدعى “ميغيل”، يتمكن من القضاء على عنصري شرطة في السيارة المرافقة للشاحنة، قبل أن يحاصر الشاحنة ويعوق حركتها بعد ثقب عجلاتها بسلاسل حديدية مدببة فردها على الطريق.

هذا الرجل، الذي بدا مجهولًا في افتتاحية الفيلم، يدفن جثة في ظلام الغابات، يتحرك بقوة البحث عن عدالة لم تقدمها أروقة المحاكم إثر تعرض ابنته اليافعة للاغتصاب والقتل بعد التعذيب على يد شابين، أولهما لاقى مصيره في بداية الفيلم على يد “ميغيل” نفسه، بعد أن اعترف على شريكه في الجريمة، والثاني موجود ضمن الشاحنة، ويحاول الرجل الوصول إليه بمعزل عن بقية سجناء الشاحنة.

وكما في الحياة خارج السينما، التدفق الدرامي للأحداث يتطلب أن يموت الكثير من الأبرياء في سبيل المذنب، وإن كان الأبرياء هنا مدانين بكثير من الجرائم، إلا أنهم أبرياء من الجريمة التي يُبنى عليها الفيلم، والتي بسببها صاروا عالقين ضمن الشاحنة على طريق شديد البرودة والظلام، إذ يجري نقل السجناء ليلًا لدواعٍ أمنية.

وخلال الفيلم الذي يغيب عنه العنصر النسائي، باستثناء مشاهد قليلة افتتاحية وتمهيدية، تُراق الكثير من الدماء، ويفقد الكثيرون أرواحهم، بمن فيهم “مونتيسنوس”، زميل “مارتن” ورفيق رحلته، في محاولة يجريها العمل للوصول إلى الذروة بحمل خفيف على صعيد الممثلين، لإبراز بطل العمل بوضوح أكبر.

تميل أفلام الإثارة والغموض والجريمة إلى تصوير مشاهدها ليلًا، في الظلام والوحدة والبرد، لمنح المشاهد بعدًا نفسيًا إضافيًا لا تقدمه المشاهد النهارية التي توحي بالفرج والأمل والسكينة، وهو ما استفاد منه صنّاع الفيلم، حين دار الجزء الأقسى من الفيلم في الظلام، قبل حلول النهار الذي يبشر بانتهاء الخوف، ويبدد الرعب.

ورغم استماتة “مارتن” بداية في الدفاع عن السجناء ككل، فإن تحولًا ما يطرأ يسوقه لرد فعل مفاجئ، يعطي العمل منطقيته، ويقول إن جزءًا من العدالة لا يحققه القضاء، يدفع الفرد ليكون قاضيًا في موقف ما.

عُرض الفيلم للمرة الأولى في 29 من كانون الثاني الماضي، وهو من بطولة كل من خافيير غوتييريس، وكارا إيلجالد، ولويس كاليجو، وإسحاق فيريز.

وشارك في كتابة الفيلم كل من فرناندو نافارو، ولوس كويلز الذي أخرج العمل أيضًا.

وبلغ تقييم “Below Zero” 6.2 من أصل 10 عبر موقع “IMDb” لنقد وتقييم الأعمال الدرامية والسينمائية، وهو متاح للمشاهدة عبر منصة “Netflix”.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة