"سرقة للمواطنين بحجة تراجع قيمة الليرة"..

القامشلي.. الملابس “المستعملة” مقبولة لبعضهم و”الجاهزة” لا تناسب الأغلبية

camera iconألبسة شتوية للأطفال في إحدى المحال التجارية في مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا- 5 من تشرين الثاني 2021 (عنب بلدي\ مجد السالم)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- القامشلي

على الرغم من كونه يعمل في مهنة تعتبر ذات دخل مرتفع، فإن الشكوى شملت جميع شرائح المجتمع في مدينة الحسكة، بمن فيها محمد العلي (30 عامًا)، وذلك بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الألبسة الشتوية، التي يعتبرها الناس مبالغًا فيها، ولا تعكس حقيقة التكاليف التي يتحمّلها التجار في تأمين البضائع.

اشترى الطبيب محمد العلي لأطفاله ثلاثة أطقم من الألبسة الرياضية الشتوية، كلّفته حوالي 225 ألف ليرة سورية (حوالي 70 دولارًا)، بعد أن دخل في “بازار” مع صاحب محل الألبسة.

قال محمد العلي لعنب بلدي، إنه لا يتحرج من “عملية البازار والمفاصلة” حتى لو كان طبيبًا، لأن الأسعار المحددة للألبسة، خصوصًا الشتوية منها، مرتفعة جدًا، وهي “سرقة لجيوب المواطنين بحجة الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتراجع قيمة الليرة”، وفق ما يراه الطبيب الثلاثيني، متعجبًا من قدرة المواطنين ذوي الدخل المحدود على تأمين “الكسوة الشتوية” لأطفالهم.

أسعار لا تناسب الأغلبية

بحث مالك الحسين (38 عامًا) من سكان القامشلي ضمن أكثر من ستة محال تجارية للألبسة الجاهزة عن معاطف شتوية لأطفاله الأربعة بأسعار مناسبة، لكن جميعها كانت بثمن مرتفع، لا قدرة للأغلبية على دفعه، وفق ما قاله مالك لعنب بلدي.

ويتراوح سعر المعطف الواحد ذي الجودة المتوسطة في أسواق القامشلي التجارية بين 50 و60 ألف ليرة (بين 15 و16 دولارًا)، ويصل سعر ذي الجودة المنخفضة إلى حوالي 35 ألف ليرة (عشرة دولارات)، وهذا الأخير “لا يمنح الدفء المطلوب” للأطفال الذين سيمضون أغلب يومهم تقريبًا خارج المنزل، في المدرسة التي “لا توجد فيها تدفئة”، وفق ما قاله مالك الحسين.

بدائل متاحة

روعة الجميل (30 عامًا) من سكان القامشلي، ترى في الألبسة الأوروبية المستعملة أو ما يُعرف باسم “البالة” حلًا لمشكلة تأمين كسوة الأطفال من الألبسة الشتوية، إذ من الممكن، بحسب ما قالته لعنب بلدي، إيجاد معاطف و”كنزات” قطنية وصوفية بحالة ممتازة في “البالة” الأوروبية، لكن الأمر يحتاج إلى البحث كثيرًا وفي أكثر من محل.

اشترت روعة الجميل لأطفالها ثلاثة أطقم شتوية بجودة جيدة بسعر 20 ألف ليرة (ستة دولارات)، وقالت إنها لو اشترت ألبسة جديدة سيكلف ذلك حوالي 150 ألف ليرة (حوالي 45 دولارًا).

يستطيع الأفراد أخذ معطف لأطفالهم بسعر عشرة آلاف ليرة (ثلاثة دولارات)، بالمقارنة مع أسعار المعاطف الجديدة التي تراوحت بين 100 و150 ألف ليرة للمعطف الواحد، حسب الجودة.

وبحسب ما رصدته عنب بلدي في محال “البالة” بمدينة القامشلي، تشهد تلك المحال كثافة من حيث الإقبال عليها من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، بسبب تنوّع ما تحتويه من ألبسة شتوية كالمعاطف و”الكنزات” الصوفية واللفحات والقفازات والقبعات الشتوية، حيث تراوحت أسعار المعاطف بين عشرة و20 ألف ليرة، في حين تراوحت أسعار “الكنزات” بين خمسة وسبعة آلاف ليرة.

ما أسباب ارتفاع الأسعار

هيثم صبحي (45 عامًا) صاحب محل لبيع الألبسة من القامشلي، يرى أن الإقبال على الألبسة الشتوية كان متواضعًا منذ أيلول الماضي، إلا أن هناك إقبالًا جيدًا مع بداية شهر تشرين الأول، إذ ترافقت زيادة معدل الإقبال مع أول الهطولات المطرية وزيادة البرودة في الطقس.

وأغلب البضاعة الموجودة في السوق هي تركية المنشأ، تدخل إلى مدينة القامشلي عبر معبر “سيمالكا”، الذي يقع على الحدود الشمالية الشرقية لسوريا مع الأراضي العراقية، وأُنشئ عام 2012، ويفصل بينها فرع “الخابور” من نهر “دجلة”، بعد فرض رسوم جمركية عليها.

قسم آخر يأتي من معامل حلب ودمشق عبر مناطق سيطرة النظام، وهناك قسم صيني المنشأ، يدخل أيضًا من خلال معبر “سيمالكا”.

ويعزو بعض التجار غلاء أسعار الألبسة الشتوية لعدة أسباب، وفق هيثم صبحي، من أهمها تدهور قيمة الليرة السورية أمام الدولار، إذ بلغ سعر صرف الليرة مقابل الدولار 3500 ليرة خلال تشرين الأول الماضي.

كما يرتبط الأمر بارتفاع إيجارات المحال الشهرية التي يشترط ملاكها أن تكون بالدولار حصرًا، وتتراوح بين 150 و400 دولار شهريًا، حسب حجم وموقع المحل في السوق.

ويلعب غلاء المواد الأولية التي تدخل في صناعة هذه الملابس من خيوط وأقمشة، دورًا في ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى كثرة الضرائب والرسوم التي تفرضها “الإدارة الذاتية” والنظام السوري من خلال حواجزه التي تأخذ إتاوات لدخول أي مواد أولية في صناعة الملابس.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة