مقتل طفلين في إدلب يضع العسكر تحت “عباءة المنقذ”

camera iconعناصر من مخفر شرطة حارم التابعة لحكومة "الإنقاذ" تستنفر لمقتل طفلين شمالي إدلب _ 21 شباط 2022 (وكالة أنباء الشام)

tag icon ع ع ع

طالت “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في عدة مناطق شمال غربي سوريا، ومظلتها السياسية حكومة “الإنقاذ” انتقادات حيال استثمارها قضية مقتل طفلين بمخيم “الوفاء” في إدلب، وإلقاء القبض على الفاعل.

وأثارت قضية مقتل طفلين شمال غربي سوريا، جدلًا واسعًا، كما لاقت ردود فعل عديدة من إدانة واستنكار، ومطالبات بمحاسبة الفاعل.

ماذا حدث

قتل الطفلان خالد عوض (ثلاثة أعوام) وابنة عمه فاطمة (عامان)، خنقًا بعد ساعات من اختطافهما، في مخيم “الوفاء” بأطمة شمالي إدلب، في 20 من شباط الحالي.

وبحسب والد الطفل، محمد عوض، فُقد الطفلان في أثناء لعبهما قرب منزل جديهما في مخيم “الوفاء”، ثم ألقى مجهولون جثتي الطفلين قرب منزلهما.

وترك المجهولون رسالة، اطلعت عليها عنب بلدي، لأبوي الطفلين، مما جاء فيها، “هدية حلوة للغالي أبو عوض وأبو المجد (والدي الطفلين) والجاي أصعب”.

وقال والدا الطفلين المقتولين خنقًا، إن رسالة تهديد ثانية وصلتهم في اليوم التالي، 21 من شباط.

وطالبت الرسالة عائلة الطفلين بمغادرة سوريا خلال عشرة أيام، حفاظًا على حياتهم، كما تضمّنت تهديدًا لامرأة، يدّعي كاتب الرسالة أنها رأته في أثناء وضع الطفلين قرب منزل عائلتهما.

الجهات المعنية تستنفر

من جهتها، أصدرت وزارة الداخلية في حكومة “الإنقاذ” التي تدير إدلب وريفها، الأحد 20 من شباط، بيانًا أكدت فيه متابعة قضية مقتل الطفلين، واستمرار عمليات البحث والتحقيق للقبض على القاتل وتقديمه للعدالة.

وأعلنت الداخلية أيضًا استنفار كافة الوحدات الشرطية التابعة لها، للبحث والتحري عن قتلة الطفلين.

وأعلن “جهاز الأمن العام”، العامل في إدلب، والذي ينفي صلته بـ”الهيئة”، استنفارًا عامًا لجميع مفارزه، إضافة لتكثيف التحقيقات في قضية “العصابة المجرمة” التي قتلت الطفلين، وأعلنت القيادة في “جهاز الأمن”، تحرّك أقسامها لتحديد مكان العصابة، وإلقاء القبض عليها.

وفي 21 من شباط الحالي، أعلن وزير الداخلية في حكومة “الإنقاذ”، محمد عبد الرحمن، إلقاء القبض على المشتبه بها بقتل الطفلين، في تصريحات لوكالة “أنباء الشام” التابعة لـ”الإنقاذ”، واعتراف المرأة بقتل أبناء أشقاء زوجها محمد الحمودي، الذي يعمل في صيانة الدراجات النارية، والتحقيقات لا تزال مستمرة لمعرفة جميع ملابسات الحادثة”.

كما نشرت مؤسسة “أمجاد” الإعلامية، التابعة لـ”تحرير الشام”، في 21 من شباط الحالي، كلمة للقائد العام لـ”الهيئة”، “أبو محمد الجولاني”، تعقيبًا على حادثة مقتل الطفلين.

أعرب فيها “الجولاني” عن حزنه للحادثة، معزّيًا ذوي الأطفال وأهليهم، وأكد أن “الهيئة” لم تهدأ منذ وقوع الحادثة، حتى ألقت القبض على الجناة، وأنهى كلمته بشكر الله على نعمة “الأمن والأمان” في المنطقة.

متابعة الجهات العاملة لاقى ردود فعل عديدة، وتداولت مصادر ومعرفات عبر وسائل التواصل الاجتماعي رسائل شكر، وصورًا لأطفال توجه الشكر والثناء للأجهزة الأمنية.

إضفاء الشرعية

الباحث في الجماعات “الجهادية” عباس شريفة يرى، في حديثه لعنب بلدي، أن “تحرير الشام” تحاول أن تظهر بمظهر الحكومة، والسلطة الوحيدة في مناطق سيطرتها، والقادرة على المحاسبة والإنجاز في الملف الأمني، فتأمين المدنيين، وملاحقة خلايا التنظيمات الجهادية، هو نوع من إعطاء المشروعية لسلطتها، بحسب شريفة.

وتعمل “تحرير الشام” والأجهزة الأمنية العاملة في مناطق سيطرتها كـ”جهاز الأمن العام”، على تنفيذ عمليات ملاحقة المطلوبين أمنيًا، ويُتهم الجهاز بتبعيته لـ”الهيئة”، إلا أن مكتب التواصل في “تحرير الشام” نفى لعنب بلدي في وقت سابق تبعية “الجهاز” لها.

ويتألف “الجهاز” من عدة وحدات ومكاتب، من مهامها “جمع المعلومات عن المجرمين، والرصد ومتابعة الأحداث والمراقبة، وتنفيذ مهام التوقيف والتحقيق”.

وفي 22 من كانون الأول 2021، نشر “جهاز الأمن العام” فيلمًا وثائقيًا بعنوان “العملاء.. المصير الخاسر”، عبر “يوتيوب” وتناول الفيلم اعترافات وشهادات لأشخاص (رجال ونساء وحتى دون الـ18 عامًا) قال إنهم تعاملوا مع النظام السوري.

الجهود التي تقوم بها “الهيئة” تدخل في تعزيز المشروعية والسلطوية، و”تحرير الشام” تدرك الانتقادات التي توجه إليها، وتحاول أن تستوعبها، لكن لا تحب أن تنزل لمطالب الحاضنة، باعتقادها أن أي مساحة كبيرة للحرية يزعزع استقرار سلطتها، بحسب الباحث عباس.

الانتهاكات مستمرة

وخرجت أصوات وانتقادات طالت “الهيئة” وأجهزتها الأمنية ومظلتها السياسية، بأنها استثمرت القصة، وروّجت لنفسها بأنها تحافظ على الأمن والاستقرار، بالتزامن مع عدة انتهاكات تُتهم بها.

وفي 10 من شباط الحالي، اندلعت مواجهات بين أهالي مخيمات “أطمة” وعناصر “الهيئة”، بعد إطلاق النار على سيدة، بسبب نقلها الوقود من مناطق سيطرة “الحكومة المؤقتة” في ريف حلب باتجاه إدلب، عن طريق معبر “دير بلوط”، وأدت إلى إصابة شاب من سكان مخيم “أطمة”.

الحادثة أثارت غضبًا كبيرًا في الشمال السوري بسبب إطلاق الرصاص الحي على المدنيين، وتسمية الأهالي بالمهربين، رغم أن قيادة “الهيئة” عقدت جلسة صلح مع ذوي السيدة التي أصيبت، وأطلقت وعودًا بمحاسبة الفاعل.

الباحث في الجماعات “الجهادية” أوضح أن “الهيئة” تحاول أن تقارب الأمور وأن توازن بين السياستين، بحيث لا تصل إلى مرحلة إضعاف قبضتها الأمنية في سبيل تعزيز الحريات أو محاسبة عناصرها أو الكف عن التجاوزات، ولا تريد أن تضغط كثيرًا على الحاضنة بحيث يتحول الضغط إلى انفجار.

وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثّقت انتهاكات “تحرير الشام” منذ الإعلان عن تأسيس “جبهة النصرة” في سوريا في كانون الثاني 2012 حتى نهاية عام 2021، وأحصت مقتل ما لا يقل عن 505 مدنيين على يد “الهيئة”، بينهم 71 طفلًا و77 سيدة، و28 قُتلوا تحت التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصًا لا يزالون قيد “الاحتجاز التعسفي” أو الاختفاء القسري في سجونها.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة