صحفي أمريكي يطلق “ميثاق معتقلين” في شمالي سوريا

camera iconالصحفي الأمريكي داريل فيلبس "بلال عبد الكريم" (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أطلق الصحفي الأمريكي داريل فيلبس المعروف باسم “بلال عبد الكريم”، وثيقة تتضمن عدة قواعد وأنظمة للتعامل مع “المعتقلين”، في مناطق الشمال السوري، التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام”.

وأطلق عبد الكريم الوثيقة التي حملت اسم “ميثاق المعتقلين” في 2 من آذار الحالي، وعرّفها على أنها مجموعة من القواعد والأنظمة المتعلقة بالمعاملة العادلة للمعتقلين في مناطق شمالي سوريا، ومنتقدًا أساليب “هيئة تحرير الشام”، صاحبة النفوذ العسكري في عدة مناطق شمالي سوريا.

ووصفها الصحفي بأنها تجسد مبادئ الشعب السوري والمهاجرين الذين جاؤوا لمساعدتهم، وطالب “هيئة تحرير الشام” والفصائل باتباعها.

وتضمنت الوثيقة حقوق أسرى الحرب، والمعتقلين والمشتبه بهم، ومرتكبي الجرائم، وحملت عشرات البنود والسلوكيات الواجب اتباعها مع المعتقلين والأسرى، منها معاملة المعتقل بلطف وعدالة ورحمة، والاعتقال القانوني، والعناية الطبية بالمعتقل، وفصل أسرى الحرب عن المعتقلين، والاعتراف بوضع الأسير كمؤمن، وإجراء محاكمات قضائية عادلة.

“هاشتاغ” ودعوات لدعم الميثاق

طالب عبد الكريم بمناصرة الميثاق وأطلق حملة ودعوات، بإعادة نشر تغريدة عبر “تويتر” التي تشرح مضمون الميثاق، واستخدام هاشتاغ بوسوم مختلفة لدعمه.

ولاقى الميثاق ردود فعل عديدة، وترحيبًا من قبل ناشطين وصحفيين وحقوقيين، وأشخاصًا نشر عبد الكريم تسجيلاتهم على منصة “On the Ground News”، وهي(شبكته التلفزيونية الخاصة، أخبار على الأرض، OGN)، ورافق التسجيلات وسوم متعددة وهي “#لا للتعذيب_نعم_للعدالة”، “#وقع_على_ميثاق_المعتقلين”، “#ألمهم_هو_عارنا”، “#تعذيب_هيئة_تحرير_الشام”.

ورصدت عنب بلدي العديد من التسجيلات المصورة التي أيدت الميثاق، ودعت لاتباع مبادئه ومضمونه، ومنها مشاركة رئيس “هيئة علماء حمص”، الشيخ علي بن نايف الشحود بـ”ميثاق المعتقلين”، وقال في تسجيل مصور اطلعت عليه عنب بلدي، إنه اطلع على الميثاق وحقوق المتهمين، ووجد أنه موافق لأصول الشريعة الإسلامية ولا يخرج عنها.

ولا يجوز تعذيب الأسرى أو المتهمين، بحسب الشحود، ولا يجوز إلقاء القبض عليهم إلا بمذكرة قضائية، ويجب التحقيق معهم دون تعذيب أو استلال اعترافات غير شرعية، وأي شيء يحدث بخلاف هذا فهو منافٍ للشريعة الإسلامية، ويستحق صاحبه العقاب كائنًا من كان.

وفي تسجيل مصور ظهر المحامي البريطاني الأمريكي المختص بحقوق الانسان، كلايف ستافورد، وأعرب عن دعمه للمبادرة والجهود لإصدار الميثاق، واعتذر عما قامت به أمريكا في سجن غوانتامو، واعتبرها أسوأ تجربة فعلتها الولايات المتحدة، ودعا لعدم تكرار التجربة، والسعي لتحقيق القانون، وقال إن كانت “تحرير الشام” تريد إثبات نفسها كـ”إسلامية عليها تنفيذ أفضل مافي الشريعة الإسلامية” واتباع إجراءات قانونية وتحقيق العدلة.

كما ظهرت الصحفية والكاتبة البريطانية إيفون ريدلي، وتحدثت عن تجربتها عندما كانت أسيرة لدى حركة “طالبان” عام 2001، وخلال فترة احتجازها، عوملت باحترام ورحمة، رغم أنها متهمة بالتجسس، وعقوبة هذه التهمة الموت، وبعد التحقيق معها لمدة 11 يومًا، أُطلق سراحها بدون إلحاق أي أذى، حسب قولها.

وقالت الصحفية ريدلي، إنها قرأت “ميثاق المعتقلين” الذي أطلقه عبد الكريم ودعت لقراءته وفهمه بشكل جيد ونشره، وإيصاله إلى قيادة “تحرير الشام”، ودعت إلى معاملة جميع المعتقلين بخلاف هويتهم باحترام، موضحة أن التعذيب لا يجدي نفعًا وهو محرم في الإسلام، ودعت لوقف التعذيب وعدم محاولة تبريره.

اعتقال سابق

في آب 2020، اعتقلت “تحرير الشام” بلال عبد الكريم بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه، نتيجة وجود عدد من الادعاءات المحيطة به، بحسب ما قاله حينها مسؤول التواصل الإعلامي في “تحرير الشام”، تقي الدين عمر، في مراسلة إلكترونية لعنب بلدي.

وقبل اعتقاله بساعات وجّه الصحفي الأمريكي، عبر قناته “On the Ground News”، تساؤلات لـ”تحرير الشام”، جاء فيها: “هل التعذيب مسموح في السجون الواقعة تحت سيطرتها؟”.

بعد اعتقاله ظهرت عدة دعوات للإفراج عنه، إذ دعا الشرعي السابق في “تحرير الشام” عبد الرزاق المهدي، إلى النظر في قضية بلال عبد الكريم، إضافة إلى “النظر في قضايا البعض ممن طال توقيفهم”، كما تحدث الشرعي السابق في “تحرير الشام”، عبد الله المحيسني، عن دور بلال في التغطية الإعلامية بمناطق سيطرة المعارضة.

ووضع ناشطون صور بلال غلافًا لحساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وقنواتهم، وأرفقوها بوسم “#الحرية_لبلال_عبد الكريم” و”#متضامن_مع_بلال_عبد الكريم”.

وبحسب ما أكده مسؤول التواصل حينها، وُجهت لعبد الكريم عدة تهم، منها العمل مع “مجاميع تخل بالأمن العام، وتحريضه على السلطات المحلية دون وجه حق، والإصرار على نشر وترويج أكاذيب تمس بالمؤسسات دون أدلة أو إثباتات، إلى جانب لقاءاته المتكررة مع شخصيات مطلوبة للقضاء، وتلفيق الادعاءات الباطلة”.

في 17 من شباط 2021، أطلقت “الهيئة” سراح الصحفي عبد الكريم، بعد أكثر من ستة أشهر على اعتقاله في إدلب، وجاء إطلاق سراحه بعد أن أرسل “وجهاء منطقة أطمة وعدد من الشخصيات بطلب استرحام إلى المحكمة، وبعد نظر القضاء، تم قبول الطلب على الالتزام بشروط الإفراج، المتعلقة بالشأن العام والنشاط العسكري للصحفي”، وفق ما قاله مسؤول التواصل الإعلامي في “تحرير الشام”، لعنب بلدي.

وأوضح أنه “بعد صدور الحكم القاضي بسجن بلال عبد الكريم لمدة سنة كاملة نتيجة دمج الحكمين الصادرين بحقه (سنة عن القضية الأولى، وستة أشهر عن القضية الثانية)، وتصديقه من قبل المحكمة، قدم الوجهاء طلب الاسترحام”.

وكان الصحفي بلال عبد الكريم يعمل على تغطية الأخبار في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، ونشر أفلام وتقارير صحفية مصورة باللغة الإنجليزية، وكان مراسلًا للعديد من الوسائل الإعلامية والشبكات العالمية في الشرق الأوسط، وتنقل بين دولتي السودان ومصر خلال عمله الصحفي، بحسب صحيفة “Dailymail” البريطانية.

الانتهاكات مستمرة

وعُرف عن الصحفي بعد اعتقاله بانتقاداته لسياسة “تحرير الشام” في معاملة المعتقلين، وأكد أن التعذيب موجود في سجونها، وقال بلال إنه استمع خلال فترة احتجازه إلى أصوات صراخ تعذيب المسجونين في الزنازين الأخرى، أما الصحفي الأمريكي فوُضع في الحبس الانفرادي لأكثر من ستة أشهر، واستُجوب بشكل يومي وهدده المحقق بالضرب.

وتناول الصحفي في تسجيلاته المصورة طرق التعذيب التي تتبعها “الهيئة”، وكان طالب في عدة مرات بالإفراج عن مقاتلين أجانب اعتقلهم الفصيل دون تهم واضحة، وعدم السماح بزيارتهم أو توكيل محامٍ لهم.

وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وثّقت انتهاكات “تحرير الشام” منذ الإعلان عن تأسيس “جبهة النصرة” في سوريا في كانون الثاني 2012 حتى نهاية عام 2021، وأحصت مقتل ما لا يقل عن 505 مدنيين على يد “الهيئة”، بينهم 71 طفلًا و77 سيدة، و28 قُتلوا تحت التعذيب، إضافة إلى ما لا يقل عن 2327 شخصًا لا يزالون قيد “الاحتجاز التعسفي” أو الاختفاء القسري في سجونها.

وذكرت أن “الهيئة” تتبع سياسة “ماكرة” قائمة على استدعاء الناشطين المعارضين والمتظاهرين، والمنتقدين لسياسة حكومة “الإنقاذ” المظلة السياسية لـ”الهيئة” والأخطاء التي ترتكبها، كما وثّقت “الشبكة السورية” في تقرير صدر اليوم، الأربعاء 2 من آذار، 31 حالة اعتقال على يد “تحرير الشام”، خلال شباط الماضي.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة