من المستفيد؟

هل يهندس النظام السوري عمليات الاغتيال في درعا

camera iconالعضو في خلية أمنية تابعة لقوات النظام قبضت عليه قوات "اللواء الثامن" في درعا بتهمة التخطيط لاغتيال قيادييها (تعديل عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

شهدت محافظة درعا خلال السنوات التي عقبت سيطرة النظام السوري على المنطقة الجنوبية منتصف عام 2018 مئات عمليات الاغتيال، والتي سُجلت في معظمها ضد مجهولين.

ولكن ما حصل في بلدة صيدا شرقي درعا في 4 من أيار الحالي، وجه الأنظار نحو مسؤولية النظام السوري كونه مهندسًا لعمليات الاغتيال لمعارضين سابقين بالجنوب السوري.

وشهدت بلدة صيدا بريف درعا الشرقي مداهمة قوات “اللواء الثامن” المدعوم روسيًا لمجموعة محلية مرتبطة بفرع “المخابرات الجوية”، متهمة إياها بالتخطيط لعمليات اغتيال قياديين في “اللواء”.

وقُتل خلال المداهمة الشاب نضال الشعابين، واعتقل شقيقه بدر الشعابين، وبعض أفراد المجموعة التابعة للنظام.

من جانبه نشر “تجمع أحرار حوران” الإعلامي، المحلي، محادثات مسربة عبر تطبيق “واتساب” لأحد أعضاء المجموعة التابعة للنظام خلال حديثه مع قيادي في “المخابرات جوية”، في أثناء طلبه للذخيرة والسلاح لتنفيذ عمليات استهداف يحددها مسؤول المخابرات.

إضافة إلى تسجيل مصور لاعترافات أحد أعضاء المجموعة الأمنية التي ألقت عليه قوات “اللواء” القبض خلال مداهمتها لبلدة صيدا.

وظهر بحسب المحادثات إصرار ضباط النظام على تنفيذ العمليات من أجل الاستمرار بتقديم الدعم، إضافة إلى مبالغ مالية كمكافأة عن كل عملية استهداف لقيادي في اللواء.

قيادي في “اللواء الثامن”، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي إن معظم عمليات الاستهداف يديرها ضباط النظام من ناحية التخطيط وتقديم السلاح، كالبنادق الفردية ومعدات مثل كاتم الصوت، إضافة إلى المعلومات الاستخباراتية.

ويرى القيادي أن هدف النظام من هذه العمليات إحداث تغيير ديمغرافي للمنطقة، لتمكين سيطرته الأمنية في الجنوب السوري وبالتالي تثبيت وجود “حزب الله” والميليشيات الإيرانية فيها.

وأضاف القيادي أن “اللواء الثامن” لا يزال مستمرًا بملاحقة بعض الأسماء التي ثبت انضمامها إلى خلايا أمنية تابعة للنظام، إلا أن قسمًا منهم مختفٍ عن الأنظار عقب المداهمة الأخيرة التي شنها “اللواء” في بلدة صيدا.

“عقلية الثأر” لدى النظام

أثار اكتشاف الخلية تساؤلات لدى ناشطين في درعا عن كيفية استهداف خلية تابعة للنظام، من قبل فصيل كان محسوبًا على الروس، وحاليًا مسجل ضمن قوائم شعبة “المخابرات العسكرية”.

وهو ما أجاب عنه المحلل العسكري العميد عبدلله الأسعد في حديثه لعنب بلدي، إذ اعتبر أن “عقلية الثأر” التي يملكها النظام السوري كانت واضحة منذ بداية المظاهرات في عام 2011.

وأشار إلى جُمل نُسبت إلى ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري، عام 2011 باتت مشهورة في الشارع السوري يقول فيها “أريد أن أرى من قاسيون بلدة الرمثا الأردنية”، في إشارة منه إلى تدمير محافظة درعا بالكامل.

وأضاف أن الاجهزة الأمنية التابعة للنظام ضالعه بمجمل عمليات الاغتيال في درعا، والتي تهدف إلى “تصفية كل من ثار ضد النظام” حتى من المنضمين لتشكيلات النظام العسكرية والأمنية مثل “الأمن العسكري”، و”الفرقة الرابعة”، و”اللواء الثامن” وغيرهم.

“تنظيم الدولة” في الواجهة

تبنى تنظيم “الدولة الإسلامية” عددًا قليلًا من عمليات الاستهداف في درعا منذ سيطرة النظام على المحافظة عبر جريدته الرسمية “نبأ”، لكن القيادي السابق بفصائل المعارضة أبو مرشد البردان اتهم معارضين سابقين بالوقوف خلفها.

ومن أبرز المُتهمين بحسب تسجيل مصور تداولته شبكات محلية للبردان، القيادي السابق في فصائل المعارضة “أبو طارق الصبيحي” إضافة إلى عدد من المطلوب ترحليهم للشمال السوري من قبل النظام.

واعتبر البردان بحسب التسجيل أن المُعارضين السابقين في درعا ممن رفضوا “التسوية” التي طرحها النظام عدة مرات في درعا، هم المسؤولون عن اغتيال أعضاء “اللجنة المركزية” كالشيخ أحمد بقيرات، والقيادي مصعب البردان، والشيخ محمود البنات.

قيادي سابق في فصائل المعارضة، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن اغتيال هذه الشخصيات أضعف “اللجنة المركزية” حتى تلاشى مركزها وهو ما كان يرجوه النظام السوري.

وعن العمليات التي استهدفت أعضاء “اللجنة المركزية” رجح العميد عبدلله الأسعد، أن تكون خلايا تنظيم “الدولة” في الجنوب السوري مجرد “أقسام من الأفرع الأمنية التابعة للنظام”.

واعتبر أن النظام أشرف على تشكيل هذه المجموعات تحت إشراف ضباط من “الأمن العسكري” وآخرين من “الحرس الجمهوري”، حتى أن بعضهم كان جزءًا من التنظيم، بحسب الأسعد.

وكدليل على ما سبق اعتبر الأسعد أن النظام سحب بقايا مقاتلي التنظيم بعد انتهاء مهامه في درعا إلى منطقة تل أصفر قرب محافظة السويداء لتهديد المحافظة بخطر التنظيم، وإيهامها أن الجهة الوحيدة القادر على حمايتها هي النظام.

تحجيم لـ”الواء الثامن”

في أثناء “التسوية الأمنية” الأخيرة التي طرحها النظام في تشرين الأول 2021، طلبت قوات النظام بوساطة روسية سحب سلاح المجموعات التابعة لـ”الواء الثامن”، وتجميعها لدى قيادته المركزية في مدينة بصرى الشام، الأمر الذي أضعف قدرة “اللواء” على التعامل مع الأخطار الأمنية، بحسب القيادي في “اللواء”.

وعن محاولة استهداف قياداته، قال القيادي إن النظام يعتبر وجود “اللواء” بسلاحه وتنظيمه في المحافظة، عائقًا أمام السيطرة على حوران بشكل عام، وهو ما دفعه للضغط  على الجانب الروسي لتحويل تبعية “اللواء الثامن” من “الفيلق الخامس” التابع لروسيا، إلى “الأمن العسكري” التابع له.

وأضاف أن هناك علاقة بين قيادات “اللواء” والجانب الروسي حتى اليوم، لكن المخصصات المالية للواء قُطعت من الجانب الروسي إثر رفضه القتال لجانب النظام في البادية السورية ضد تنظيم “الدولة”.

وعن هذا التحجيم قال العميد الأسعد إن روسيا لم تكن راعيًا رسميًا لـ”الواء”، إنما كان هدفها تحييد عناصره عن مقاومة النظام السوري، وهي تريد بالمحصلة مرتزقة تقاتل لجانبها أينما تريد في أوكرانيا أو في ليبيا على سبيل المثال.

وأضاف أن تخلي روسيا عن دعم “اللواء الثامن” لن يغير شيئًا على الصعيد الميداني، إذ سيبقى “اللواء” محتفظًا بسلاحه في منطقة نفوذه شرقي درعا.

وشُكّل “اللواء الثامن” على أنقاض فصيل “شباب السنة”، أحد فصائل “الجبهة الجنوبية” المعارضة للنظام جنوبي سوريا، بقيادة أحمد العودة، وكان أحد أهم الفصائل المقاتلة والمنظمة، كونه الفصيل الوحيد الموجود في مدينة بصرى الشام.

ومع دخول “تسويات” النظام برعاية روسية حيز التنفيذ عام 2018، حافظ العودة على تنظيمه العسكري المعارض، وانتقل به للانضمام إلى “الفيلق الخامس” الذي شكلته روسيا عام 2016 كقوات رديفة لجيش النظام.

“اللواء الثامن”.. مشرف على “التسويات”

لعب “الفيلق الخامس” دور الوسيط والمشرف على “التسويات” في مختلف مناطق درعا، كما كان له دور باقتحام قوات النظام لمناطق وقرى في المحافظة، وأدوارًا أُخرى بحماية مدن وقرى من عمليات الاقتحام.

وفي حزيران 2021، اقتحمت قوات النظام قرية المتاعية، وأحرقت منازل تعود ملكيتها لمدنيين انتقامًا لمقتل أحد قيادييها في كمين عسكري بالقرب من القرية.

وأُطلقت نداءات عبر مساجد القرية حينها تفيد بوقوع إصابات في صفوف المدنيين نتيجة الاشتباكات، وذلك بعد قدوم رتل عسكري تابع لـ”الواء” من بصرى الشام باتجاه قرية المتاعية.

وفي آذار الذي سبقه، هاجمت قوات النظام مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، واستخدمت الدبابات والمدفعية للمرة الأولى منذ “تسوية- 2018”، واشتبكت مع مقاتلين رفضوا تلك “التسوية” وفضّلوا البقاء في درعا.

وفرضت قوات النظام حصارًا على الأحياء الغربية من المدينة، إلى أن تدخّل “اللواء الثامن” بقيادة العودة، وفضّ الاشتباكات وفرض هدنة، انتهت بترحيل المقاتلين نحو الشمال السوري، و”تسوية” أوضاع الراغبين بالبقاء بشرط تسليم السلاح.

ولم يقتصر حينها دور “الفيلق” على الوساطة، بل سحب، في 18 من آذار 2020، جثث قوات النظام بعد تعرض حاجز لها لهجوم عند منطقة مساكن جلين.

وتزامن ذلك مع إشرافه على فرض “تسوية” في بلدة ناحتة، انتهت بتسليم 20 قطعة سلاح مقابل خروج معتقلين لدى النظام، و”تسوية” أوضاع شباب من البلدة.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة