عوامل تجارية ومناخية تهدد مزارعي الكرز والمحلب في إدلب

شاب سوري يقطف ثمار الكرز في أحد الأراضي الزراعية في إدلب- (عنب بلدي- أنس خوري)

camera iconشاب سوري يقطف ثمار الكرز في أحد الأراضي الزراعية في إدلب- (عنب بلدي- أنس خوري)

tag icon ع ع ع

يخرج عبد الله حصرم (48 عامًا) كل يوم من منزله في منطقة أريحا في إدلب شمال غربي سوريا، لجني ثمار محصوله من المحلب والكرز.

كان عبد الله يأمل بتحصيل تكاليف الزراعة التي صرفها خلال العام، للعناية بالأشجار، بالإضافة لتحقيق شيء من الأرباح لتأمين بعض المستلزمات المنزلية الضرورية المؤجلة إلى بعد بيع المحاصيل، إلا إنه عاش خيبة أمل كبيرة، على حد تعبيره لعنب بلدي.

تعاني الزراعة في منطقة أريحا وجبل الزاوية، من مشكلات كبيرة تتعلق بالنزاع في سوريا وهجران الأراضي المزروعة لفترات طويلة نتيجة حركة النزوح الجماعي، وعدم العناية بالأشجار بسبب قصف قوات النظام على المنطقة، وانخفاض نسبة الأمطار، ما أدى لجفاف عدد كبير من الأشجار بشكل كامل، وجفاف جزئي بالنسبة لبعض الأشجار المتبقية، وبالتالي انخفض الإنتاج بشكل كبير عن السابق.

ياسر المحمود (51 عامًا)، يقيم في قرى جبل الزاوية، ويعتمد في قوته على زراعة الكرز والمحلب، عزا تراجع الإنتاج هذا العام لتدني الهطولات المطرية، وارتفاع أسعار المحروقات الذي أثر بشكل كبير على تكاليف السقاية والعناية بالأشجار.

وأضاف ياسر المحمود، لعنب بلدي، موجة الصقيع التي ضربت مناطق الشمال السوري أواخر الشتاء الماضي إلى أسباب تراجع إنتاج المحصول، والتي أدت إلى أضرار بالغة جدًا بالنسبة للوزيات وأضرار متوسطة بالنسبة للمحلب والكرز، وذلك بسبب تأخر فترة الأزهار بالنسبة لهذه المزروعات عن فترات إزهار اللوزيات.

“المزارعون هذا العام مهددون بخسائر كبيرة، بفعل الارتفاع الكبير بتكاليف الزراعة، إذ وصل سعر كيس سماد “يوريا 46” هذا العام إلى 48 دولارًا ثم انخفض بشكل تدريجي ليصل إلى 35 دولارًا، أي ضعف السعر عن العام السابق الذي وصل في أقصى حالاته إلى 20 دولارًا”، وفق ما قاله المزارع.

غياب التصريف وانخفاض الطلب

تعاني منتجات الكرز والمحلب، من تراجع كبير في الطلب عليها في الأسواق المحلية، بسبب ارتفاع سعرها بالإضافة لتوقف الطلب الخارجي، بسبب انتشار المنتجات الإيرانية ذات الأسعار المنخفضة نسبيًا عن أسعار المنتجات المحلية ما أدى إلى عدم وجود أسواق لتصريف البضاعة”، وفق ما قاله مصطفى القدور (40 عامًا)، الذي يعمل في تجارة الكرز والمحلب في إدلب.

وأضاف مصطفى أن هناك كميات كبيرة من المحلب مخزنة في الشمال السوري، من الموسم الماضي، ولم تجد إلى الآن أسواق تصريف مناسبة، الأمر الذي انعكس سلبًا على أسعار المحلب والكرز ويهدد الفلاحين والتجار بخسائر كبيرة هذا العام.

عقبات كبيرة

الجفاف المتزايد في الأراضي الزراعية، بسبب ارتفاع تكاليف الري وقلة الأمطار وانتشار الحشرات الضارة، كل هذه العوامل تهدد زراعة الكرز والمحلب في إدلب.

وبحسب دراسة نشرها مركز “السياسات وبحوث العمليات” فإن الجفاف، وسوء إدارة القطاع الزراعي والموارد المائية، و11 عامًا من النزاع، جميعها عوامل خلقت وستخلق المزيد من التداعيات الاقتصادية السلبية.

وتتجلى تلك التداعيات في عدة أشكال، من أهمها: استمرار انحسار صادرات البلد التي تركزت معظمها في قطاع الزراعة خلال العقد الأخير.

المهندس الزراعي المقيم في محافظة إدلب، عبد السلام الشيخ، قال لعنب بلدي إن هناك عقبات كثيرة تواجه هذه الزراعات في إدلب، أهمها جفاف عدد كبير من المزروعات، بسبب اضطرار عدد كبير من المزارعين النزوح وهجران الأراضي الزراعية في السابق، وقلة الأمطار ما أدى إلى جفاف عدد كبير من الأشجار بشكل كامل واقتلاعها وجفاف جزئي في الأشجار المتبقية.

وأضاف المهندس الزراعي، أن توجه المزارعين لزراعة الكرز والمحلب المختلطة مع أشجار الزيتون أضر كثيرًا بمزروعات الكرز المجاورة لأشجار الزيتون، لاسيما مع ارتفاع تكاليف العناية بالأشجار، وتكاليف الري وارتفاع ثمن الأسمدة الضرورية، وانتشار حشرة حفار الساق التي تؤدي لموت عدد كبير من مزروعات المحلب، وعدم وجود حملات لمكافحة هذه الحشرة الخطيرة.

ويعد المحلب أصل شجرة الكرز، ويتم تطعيم الكرز عليه لمقدرة الكرز على تحمل الجفاف، ومقاومته الحشرات كما يوجد الكرز الحلو البلدي، وكرز قوس قزح والكرز الحامض (الوشنة).

وتعتمد هذه الزراعة بشكل رئيس على تصدير المنتجات إلى الخارج، والاستهلاك المحلي لهذه المنتجات لا يتجاوز 10% من الإنتاج بينما يصدر باقي الإنتاج إلى الأقطار العربية والأجنبية عبر تركيا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة