حلفاء ضد التركي وأعداء في قضايا "كبيرة"

هل يمارس النظام السوري لعبة سحب بساط السيطرة من “قسد”

camera iconتعزيزرات عسكرية تابعة لقوات النظام باتجاه عين عيسى وعين العرب- 18 من تموز 2022 (سانا)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- جنى العيسى

استقدم النظام السوري خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية إلى مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا، وسط تزايد الحديث عن إصرار تركيا على القيام بالعملية العسكرية التي تلوّح بها منذ أشهر.

ونشرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، مجموعة صور قالت إنها لتعزيزات عسكرية من قوات النظام نحو مواقع في مدينتي عين عيسى شمالي الرقة، ومنبج وعين العرب (كوباني).

هذا التطور جاء في إطار اتفاقية بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والنظام السوري، أفضت إلى موافقة النظام على إرسال “أسلحة نوعية وثقيلة” إلى خطوط التماس في ريفي الرقة وحلب شمالي سوريا، وذلك “لردع” عملية تركية متوقعة، بحسب تصريحات لمسؤولين في “قسد”.

ويثير استغلال النظام حاجة “قسد” وموافقتها على دخوله لأراضٍ ظلت خلال السنوات الماضية تحت سيطرتها، التساؤلات حول طبيعة سيطرة النظام على هذه المناطق، ومستقبل السيطرة، وموقف “قسد” في حال استغل النظام تسهيلاتها، وبسط نفوذه بالكامل على تلك المناطق.

هل ينتشر النظام في مناطق “قسد” أكثر

في 6 من تموز الحالي، قال المتحدث باسم “قسد”، آرام حنّا، لوكالة “سبوتنيك” الروسية، حول تفاصيل الاتفاق بين “قسد” والنظام، إنه “نظرًا إلى الحاجة الميدانية لتعزيز قدراتنا الدفاعية بالسلاح النوعي والمدفعية، إلى جانب الدبابات والمدرعات، على الامتداد الغربي لمناطقنا في محور عين عيسى وكوباني (عين العرب) بريفي الرقة وحلب، وافقت القيادة السورية على إرسالها”.

وأضاف حنّا أن “التوافق” الذي حدث مؤخرًا يندرج ضمن الإطار العسكري فقط، للحفاظ على “سلامة التراب السوري”، و”التصدي” للهجوم التركي.

الباحث السياسي المختص بشؤون منطقة شرق الفرات أنس شواخ، قال لعنب بلدي، إن الانتشار الأخير لقوات النظام في مناطق سيطرة “قسد” لا يزال محصورًا حتى الآن بالمناطق الحدودية مع المناطق التي تسيطر عليها تركيا في شمالي سوريا، موضحًا أن الانتشار الحالي يسهم بتعزيز سيطرة النظام على هذه المناطق دون أن يسمح له بالسيطرة داخل المدن والبلدات.

ورجّح شواخ أن يؤدي تعزيز النظام لنقاط ومواقع قواته العسكرية، وإنشاء نقاط جديدة في مناطق سيطرة “قسد”، إلى زيادة دوره العسكري ومستوى تدخله عسكريًا في هذه المناطق، خاصة في ظل استقدامه أسلحة “ثقيلة” ضمت مدفعيّات ثقيلة ودبابات.

إلا أن هذا الانتشار سيعرّض النظام للمزيد من الخسائر العسكرية، بحسب ما يرى شواخ، إذ تعرّض عدد من النقاط العسكرية التابعة للنظام خلال الأيام الماضية للقصف من قبل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوفه.

وخلال الأيام الماضية، تصاعدت حدة القصف على خطوط التماس في الشمال السوري بين قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا، وقوات النظام السوري المدعومة روسيًا، و”قسد” المدعومة أمريكيًا.

وفي 24 من تموز الحالي، قالت وكالة “هاوار” المقربة من “قسد”، إن الجيش التركي قصف مركز ناحية زركان شمالي الحسكة وريفها الشمالي بالأسلحة المدفعية والصاروخية، ما أدى إلى مقتل عنصر من قوات النظام السوري.

من جانبها، قالت شبكة “دار نيوز” الموالية لـ”قسد”، إن القصف التركي استهدف محيط قاعدة عسكرية روسية تتمركز شمالي محافظة الحسكة، وأسفر عن إصابة أربعة مدنيين من أهالي قرى ريف زركان الشمالي، نُقلوا على إثرها إلى مستشفى “الشهيد خبات” في ناحية الدرباسية بريف الحسكة.

بينما قال مراسل قناة “الميادين” الموالية للنظام السوري خالد اسكيف، عبر حسابه الشخصي في “تويتر”، إن اثنين من قوات النظام أُصيبوا بجروح إثر قصف تركي استهدف قرى وبلدات المالكية وشوارغة بريف حلب الشمالي.

وتلا هذا القصف بيوم، استهداف تركي لنقطة عسكرية تابعة لقوات النظام السوري في قرية تل المضيق بريف حلب الشمالي، مخلّفًا أضرارًا مادية فيها.

لا انتشار واسع وسط صمت أمريكي

يعتقد الكاتب السياسي والصحفي السوري درويش خليفة، أن التوافق بين “قسد والنظام السوري على السيطرة، سيكون متعلقًا بالشراكة العسكرية على الجبهات فقط، مبررًا رؤيته بعدم وضوح الموقف الأمريكي من انتشار قوات النظام في هذه المناطق حتى الآن.

ولم تعلّق الإدارة الأمريكية أو التحالف الدولي على قضية وجود النظام في مناطق سيطرة “قسد” المدعومة من قبلهما أساسًا.

وقال خليفة لعنب بلدي، إن تحالف النظام و”قسد” لا يتعدّى المصلحة المشتركة “الرافضة للتغلغل التركي”، مضيفًا أن الخلافات في القضايا الأخرى “كبيرة” بين الطرفين.

واعتبر خليفة أن سلطة “قسد” على هذه المناطق لن تبقى على ما هي عليه، مرجحًا أن يقوم النظام بابتزازها بين الحين والآخر، ليحصل على تنازلات إضافية ويبسط سيطرته تدريجيًا على المزيد من المناطق.

وقبل يومين، قال المتحدث باسم دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية”، كمال عاكف، إن بعض الأطراف والجهات تداولت في الآونة الأخيرة خبرًا مفاده أن هناك لقاءات بين “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا و”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) من جهة وحكومة النظام السوري من جهة أخرى، نافيًا حدوث ذلك.

واعتبر عاكف أن كل التحركات تتم ضمن تفاهم واتفاقية حفظ الحدود بين “الإدارة” والنظام فقط.

هل تنسحب “قسد” من المناطق الحدودية؟

في ظل المعطيات الحالية، استبعد الباحث السياسي المختص بشؤون منطقة شرق الفرات أنس شواخ، انسحاب “قسد” كليًا من المناطق التي دخلها النظام في المستقبل القريب.

استمرار عمليات الاستهداف الجوي التي تنفذها القوات التركية ضد أهداف حزب “العمال الكردستاني” و”قسد” في هذه المناطق، قد يدفعها إلى تخفيض وجودها وانتشارها أو حركتها في المناطق البعيدة عن مركز مناطق سيطرتها في الحسكة، الأمر الذي قد تستغله روسيا لزيادة انتشار قوات النظام، بحسب ما يرى شواخ.

من جهته، اعتبر الكاتب درويش خليفة أن “قسد” قد تضطر لتقديم تنازلات كبيرة في هذه المناطق لمصلحة النظام، الذي بدوره سيتبع استراتيجية جديدة يقوم عبرها بمقاومة تركيا تارة، والتراجع تارة أخرى، لإجبار “قسد” على تلبية المزيد من مطالبه، التي ربما قد يكون أولها تسليمه حيي الأشرفية والشيخ مقصود وبسط سيطرته العسكرية عليهما بالمطلق.

ويصر النظام السوري على نموذج الإدارة المحلية لدمج هياكل الحكم والتسويات، ودمج المقاتلين من “وحدات الحماية” و”قوى الأمن الداخلي” (أسايش) و”قسد” عمومًا.

وفي حزيران الماضي، ردت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ”مسد”، إلهام أحمد، على الدعوة الروسية لدمج “قسد” مع قوات النظام السوري.

وقالت أحمد، “بدلًا من الهجوم على هذه القوات (قسد)، الأجدر أن يتم الحديث عن كيفية الحل السياسي، وبالتالي دمج (قسد) مع الجيش السوري في آليات معيّنة هو الحل الصحيح، في ظل تشتّت قوات النظام الضمني”

وأضافت أن من الأجدر “الوصول إلى حل صحيح”، معتبرة أن “قسد” تحولت إلى “رقم صعب لا يمكن تجاوزه”.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة