مخلّفات “سكر سلحب” تقتل الأسماك وتدمّر الزراعة.. الحكومة لا تكترث

tag icon ع ع ع

عنب بلدي- إدلب

تتواصل شكاوى الأهالي من معمل سكر تل سلحب في ريف محافظة حماة، جراء الآثار السلبية التي يخلّفها المعمل على القطاعين، الزراعي والحيواني المرتبط بالثروة السمكية.

وعلى مدار الأيام القليلة الماضية، تصاعدت حدة الشكاوى والتجاذبات بسبب حالة الفوضى والتلوث التي خلّفتها إعادة تشغيل معمل سكر تل سلحب، بعد إغلاق استمر سبع سنوات تقريبًا، إلى جانب نفوق كميات كبيرة من الأسماك متأثرة بمخلّفات المعمل التي تصب في نهر “العاصي”.

عبد المعين المصري (45 سنة)، مزارع وصياد سمك من أهالي قرية قبر فضة في سهل الغاب التابع لمحافظة حماة، أشار لعنب بلدي إلى أن مياه المعمل التي تصب في نهر “العاصي” تسبب كوارث بالنسبة للثروة السمكية، كما أن آثارها تبقى في النهر لنحو شهر ونصف على الأقل، ما يدفع الفلاحين لإيقاف عمليات الري خوفًا من تعفن جذور النباتات.

عبد المعين لفت إلى وجود فرعين للنهر، أحدهما يمر من منطقة الشريعة والتويني والحويز، وهو الفرع الذي تصب به المياه الملوثة التي يخلّفها المعمل، مرورًا بقريتي الحاكورة وخربة الناقوس.

وحول عمر معاناة الفلاحين مع المعمل، بيّن عبد المعين المصري أن القضية ليست جديدة، مشيرًا إلى تشكيل وفود لمراجعة وزارة الزراعة في حكومة النظام قبل الثورة، للحديث عن الأضرار التي يخلّفها معمل السكر، وتأثيراتها على المزارعين، والأسماك التي تموت كليًا بصغارها وبيوضها، ما يسبب رائحة عفونة تمتد لمسافة عدة كيلومترات بعد نفوق السمك، لكن دون نتيجة ملموسة.

وتتغذى أراضي بعض القرى المجاورة للمعمل على مياه سد “أفاميا”، وهي مياه مناسبة لسقاية المحاصيل مقارنة بمخلّفات المعمل، بينما تضطر قرى أخرى لاستعمال المياه الملوثة التي يجري إطلاقها مرتين سنويًا، تقضي أولاهما على الثروة السمكية، أما الثانية فتأتي على حياة كل الكائنات الحية في النهر.

تحذيرات

عنب بلدي رصدت عبر مراسلها الذي زار مجرى نهر “العاصي”، كميات كبيرة من الأسماك النافقة جراء تدفق نواتج التصنيع في النهر.

وأظهرت الصور أسماكًا متفاوتة الأحجام نافقة وطافية على سطح الماء أيضًا، على امتداد مسافات طويلة ضمن مياه النهر، جراء التلوث الذي تسببه نواتج معمل السكر.

من جهتها، حذرت حكومة “الإنقاذ” من تناول الأسماك التي نفقت بالتلوث، إلى جانب ضرورة الإعلام عن كل من يبيعها لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وفق التعميم الصادر عن وزارة الصحة في “الحكومة”، مشيرة في الوقت نفسه إلى ظهور حالات تسمم بين الأهالي بسبب تناول الأسماك في المناطق “المحررة”.

الحكومة لا تكترث

ونقلت جريدة “الوطن” المحلية، في 26 من تموز الماضي، شكاوى بعض أهالي المنطقة، بسبب تدفق نواتج تصنيع الشمندر السكري في مجرى نهر “العاصي”، والمصارف الزراعية وقنوات الري في المنطقة، إلى جانب تلوث البيئة بالروائح الكريهة المنبعثة على امتداد مساحات واسعة.

كما أشار الأهالي إلى تهديد الثروة السمكية الطبيعية التي تعيش في المسطحات المائية، وتهديد الأراضي المزروعة بالخضار الصيفي بالتلوث الشديد.

وناشد الأهالي، وفق الصحيفة، “الجهات المعنية” بالتدخل لمعالجة المشكلة البيئية الزراعية الصناعية، مشيرين إلى سكوت هذه الجهات عن التلوث المضرّ بالبيئة والبشر.

هذه الانتقادات قابلها مسؤول لدى النظام بانتقادات مضادة، إذ قال مدير الإنتاج النباتي في الهيئة العامة لإدارة تطوير الغاب، وفيق زروف، ردًا على انتقادات للمعمل بسبب انبعاث روائح كريهة، إن الشركة كانت تصنع 650 ألف طن من الشمندر، وتستمر فترة التشغيل ثلاثة أشهر، والروائح تملأ سهل الغاب لنفس الأسباب في تلك الفترة.

وأضاف زروف، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” الحكومية، في 2 من آب الحالي، أن أحدًا لم يكن يريد الحديث عنها، لكن اليوم أراد البعض إثارة الموضوع، بينما لم يرد أحد في الماضي طرح القضية.

كما شدد مدير الإنتاج النباتي على أن عملية التصنيع مستمرة، وأن الكميات المسلمة بلغت حوالي 30 ألف طن من الشمندر السكري، مشيرًا إلى أن فترة التشغيل لم تعد طويلة.

نسبة ملوثات عالية

المهندس الزراعي أنس أبو طربوش، بيّن لعنب بلدي أن مياه معمل السكر تحتوي نسب عالية من الملوثات، ولا سيما عند بداية التشغيل، وخلال إجراء عمليات الغسل للمبادلات أو المبخرات أو المراجل.

أبو طربوش أشار إلى عمليات التجهيز التي يتطلبها الشمندر من غسل وتخمير، وغيرها من الأمور التي تستوجب التعامل بمهنية أكبر مع الموضوع بعد تسلّم المحصول من المواطن.

كما تُستخدم مواد كيماوية، من ضمنها عنصر الكبريت، الذي يعتبر من العناصر السامة إذا زادت الكمية على حد معيّن، ما يجعل المنطقة عازلة، ويمنع تشكل الأكسجين في المكان، ما يقضي على حياة الكائنات المائية.

مدير الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، مصطفى عليوي، أوضح لـ”الوطن” في 26 من تموز الماضي، أن عددًا من الأسماك في موقع تل الغار وتل التتن تبيّن أنها نافقة، خلال زيارة أجراها مؤخرًا إلى المصرف “B”، المتفرع عن “العاصي”.

معمل السكّر في تل سلحب عاد للعمل في تموز الماضي، بعد إعلان مبكر عن العودة، في نيسان الماضي، على لسان مدير المؤسسة العامة للسكر، سعد الدين العلي، إثر توقف استمر منذ عام 2015.

هذا التوقف برره العلي بعدم وجود جدوى اقتصادية، بسبب تراجع زراعة الشمندر، وقلة الإنتاج، ما أدى إلى إيقاف الزراعة من قبل اللجنة الاقتصادية للموسمين الماضيين.

ومن المقرر أن تبلغ الطاقة التصنيعية في المعمل 3800 طن شمندر سكري يوميًا، ينتج عنها نحو 16 ألف طن سكر أبيض، خلال الدورة التصنيعية التي بدأت في تموز، وتنتهي خلال 40 يومًا.


شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في إدلب إياد عبد الجواد



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة