بعد ثباتها لأسبوع.. هبوط الليرة التركية إثر قرار خفض الفائدة

عملات ورقية من فئتي 200 ليرة تركية و10 دولارات أمريكية (عنب بلدي/زينب مصري)

camera iconعملات ورقية من فئتي 200 ليرة تركية وعشرة دولارات أمريكية (عنب بلدي/زينب مصري)

tag icon ع ع ع

لأول مرة هذا العام، خفّض البنك المركزي التركي سعر الفائدة من 14 إلى 13% بمعدل 100 نقطة أساس، وذلك بعد تقييم العوامل التي تؤثر على السياسة النقدية، مثل الطلب والتضخم الأساسي والعرض، بحسب بيان للمصرف في 18 من آب الحالي.

وعقب إعلان المصرف قراره بأقل من ساعة، انخفضت قيمة الليرة التركية لتسجل 18.1 للدولار الأمريكي الواحد، وذلك بعد ثبات في قيمتها لنحو أسبوع سجلت فيه 17.9 ليرة تركية للدولار.

وكان المركزي التركي ثبّت أسعار الفائدة عند 14% منذ بداية العام الحالي، بعد أن خفضها لآخر مرة في كانون الأول 2021 بمعدل 100 نقطة أساس، لتصبح 14%، وأدى تخفيضها إلى انخفاض قيمة الليرة التركية حينها.

لا مكاسب من القرار

الخبير الاقتصادي التركي فاتح أوزاتي، اعتبر أن قرار المركزي خفض سعر الفائدة، “لا يحقق مكاسب اقتصادية”، موضحًا أن القرار سيسهم برفع معدلات التضخم إلى أكثر من 100% في وقت قصير، وحتى قبل موعد الانتخابات الرئاسية، في حزيران 2023.

وأوضح أوزاتي، في تصريح لموقع “Yetkin Report” التركي المتخصص بتحليل الأخبار، خاصة الاقتصادية، أن خفض الفائدة سيؤثر سلبًا على النمو والتوظيف، مشيرًا إلى أنه قد يكون في سياق “ذخيرة ما قبل الانتخابات”، إلا أن مثل هذه السياسة ستضع ضغطًا تصاعديًا على سعر الصرف، في ظل الظروف الحالية للاقتصاد التركي.

القرار “خاطئ” اقتصاديًا

الباحث الاقتصادي والأستاذ الجامعي الدكتور مخلص الناظر، قال لعنب بلدي، إن قرار المركزي خفض الفائدة في ظل المعطيات الحالية “خاطئ تمامًا”، من وجهة نظر اقتصادية، إذ اتُّخذ في وقت يسجل فيه التضخم نسبة 80%، ما يعني أن العائد الحقيقي الآن -76%، وهو أدنى عائد حقيقي حول العالم.

ورجح الناظر وقوف أسباب سياسية، لا اقتصادية، وراء القرار، منها ما يتعلق بخفض الفائدة على القروض العقارية، وقروض السيارات، وقروض الاستهلاك الشخصي، بحسب الباحث.

وأشار إلى أن هذه القروض سيكون لها أثر في رفع معدلات التضخم، ورفع أسعار العقارات والسيارات، نتيجة زيادة الطلب عليها، ما يعني زيادة الكتلة النقدية التي تضغط على قيمة الليرة.

وفي 3 من آب الحالي، أعلنت “هيئة الإحصاء التركية” ارتفاع مؤشر التضخم السنوي إلى 79.60%، في تموز الماضي، مسجلًا ارتفاعًا بواقع 2.37%، على أساس شهري.

اقرأ أيضًا: تركيا.. سادس أعلى دولة بالعالم في معدلات التضخم

الليرة إلى الانخفاض

عقب قرار خفض معدل الفائدة، انخفضت قيمة الليرة التركية إلى 18.1 للدولار، رغم استقرارها مؤقتًا خلال الأيام الماضية عند قيمة 17.9 ليرة.

الدكتور الناظر توقع انخفاض قيمة الليرة، إذ لا ترتبط قيمتها فقط بتركيا، بل بالسياسة النقدية العالمية الحالية، في وقت ترفع كل دول العالم معدل الفائدة، على رأسها أكبر البنوك المركزية العالمية “الفيدرالي الأمريكي”، الذي من المتوقع أن يرفع الفائدة بحلول نهاية العام الحالي لنحو 4%.

وبعد قرار خفض الفائدة في تركيا، وصلت قيمة الفائدة على الدولار إلى أقل من 1%، ما يعني أن حجم التخارج بالدولار من السوق التركية، ومن أدوات الدَّين الحكومي التركي، والديون السيادية التركية، سيصل إلى قيم “مهولة”، بحسب الناظر، مضيفًا أن مؤشر مقايضات التخلف عن سداد الديون التركية، ارتفع بعد القرار 40 نقطة، وبقفزة واحدة.

وفي وقت سابق، توقع البنك الاستثماري الأمريكي الشهير “غولدمان ساكس”، أنه ما لم يتم تعديل السياسة النقدية ورفع الفائدة في تركيا، من المتوقع أن تصل قيمة الليرة مع نهاية العام الحالي إلى ما بين 22 و24 ليرة للدولار الواحد.

لكن ومع خفض الفائدة الأخير، قال الدكتور مخلص الناظر، إن الليرة التركية دخلت في “سوق هابط”، وهو ما يُعرف بعلم الاقتصاد بالحالة التي لا يُعرف القاع فيها، إذ يحتاج إلى حسابات دقيقة لمعرفة توقعات الهبوط التي ستصل إليه لاحقًا، خاصة في ظل توجه واضح لتخفيض معدلات الفائدة إلى ما دون 10%، والعودة فيها لرقم واحد دون النظر إلى التضخم.

وأكد الناظر أن القرار يخالف القاعدة الاقتصادية الأساسية المعروفة بأن “سعر الفائدة أعلى من سعر التضخم”، حيث وصلت الأرقام في تركيا إلى سعر فائدة أدنى بكثير من سعر التضخم، الحالة التي تعتبر عاملًا يخيف القطاع الاستثماري، لكون التجربة الاقتصادية التي تعتمدها تركيا غير معروفة النتائج، ما يعني هروب المستثمرين من هذه المجازفة.

ما مصطلح السوق الهابطة (Bearish Market)

هي سوق تهبط فيها أسعار أسهم صناعة ما أو تتراجع بها مؤشراتها الإجمالية.

يعبر الاتجاه الهابط عن حالة السوق التي تنخفض بها أسعار الأوراق المالية، أو يكون من المتوقع انخفاضها.

وعلى الرغم من اختلاف الأرقام، فإن المحللين يجمعون على أن الانخفاض ما بين 15 و20% أو أكثر بالمؤشرات الرئيسة للسوق، هو دليل على دخولها إلى حالة السوق الهابطة.

وتعتبر السوق الهابطة رد فعل لتراجع اقتصادي عام يغذي من قلق وتشاؤم المستثمرين، ويجعلهم يعتقدون باستمرار هذه الاتجاه الهابط لفترة طويلة، وهو ما يؤدي إلى تفاقم الوضع.

وتشهد الأسواق التركية ارتفاعًا في المستوى العام للأسعار، بالإضافة إلى غلاء المحروقات وأجور المواصلات والمنازل.

وأثّر انخفاض قيمة العملة التركية على المستوى المعيشي للمواطنين الأتراك، والسوريين في تركيا، ومناطق الشمال السوري التي تعتمد الليرة التركية عملة للتداول في الأسواق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة